عاجل
السبت 12 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
جمهور المتلقين سئموا التفاهات "معركة الوعي"

جمهور المتلقين سئموا التفاهات "معركة الوعي"

ظاهرة غريبة تفشت في مجتمعنا المصري والعربي على حد سواء واستشرى وانتشر خطرها ألا وهي انتشار التفاهات على أوسع نطاق- صحيح لكل عصر تفاهاته، لكن فى عصرنا ووقتنا الراهن زادت عن الحد، خصوصا مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي المتعددة - مما يهدد المجتمع ويعصف بقيمه ومبادئه.



 انتشرت سواء في رمضان أو غير رمضان من الشهور، لكن في رمضان زادت بصورة فجة ومقلقة للغاية.

فما نشاهده على شاشات التلفاز لأمر يسترعي الانتباه ويجب الوقوف أمامه طويلا ولا يمكن أن نمر عليه مرور الكرام.

فهل من المعقول أن تكون جموع المصلين متوجهين قلبا وقالبا إلى الله يرجون رحمته طالبين عفوه ورضاه، متضرعين إليه أن يتقبل صيامهم وقيامهم وإذ بالفضائيات تبث على شاشاتها هذه المهازل من برامج المقالب وغيرها من البرامج التي تنشر العري والفحش والرذيلة.

فهل يليق بعدما كنا نفطر على القرآن الكريم من خلال كبار قراء مصر والتواشيح النقشبندية والطوبارية، والبرامج الدينية الهادفة التي توضح للناس صحيح الدين وتشرح للمشاهد سماحة الدين وسماحة الشرائع مما يتقلص معه الإرهاب الغاشم الأسود.

يستبدل كل ذلك بمسلسلات وبرامج تحمل ما تحمله من العبث والفوضى والإسفاف فما الغرض الذي يريده هؤلاء. هل يريدون جمع المال، هناك أعمال هادفة ومهمة جدا ويجنى من ورائها الأموال الطائلة.

إلا إذا كان هناك سبب آخر ومن وجهة نظري هو الأخطر، هدم المواطن وجعله أجوف مفرغا من مضمونه وسلبه قيمه وأخلاقه وتبديد عاداته واستبدالها بكل ما هو مهدر لآدميته وهذا سبب قد يخفى عن المتلقي ذاته أو يعلم ذلك لكنه أصيب باللامبالاة مما يتعرض له من ضغوط الحياة ، لكن هذا ليس مبررا للانقياد الأعمى خلف هذه الشرذمة التي باعت نفسها لشيطان الهوى وباعت نفسها لمن لا يريد خيرا لوطننا ولعروبتنا.

أو لسبب آخر مقصود ألا وهو إلهاء المواطن عما يحدث على الساحة من قضايا ومشكلات على كآفة الأصعدة والمستويات سواء السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية أو الاجتماعية فإذا ما حدث له ذلك وانقاد انقيادا أعمى خلف هذه الرذائل فلن يجد وقتا للتفكير في قضاياه وقضايا بلده وأمته العربية والإسلامية.

لكن ألا يأتي على الإنسان وقت يقف مع ذاته وقفة متأنية سائلا إياها إلى متى ستظلين هكذا (إمعة)، تسير حيث سار القطيع ، أما آن الأوان أن تعودي سيرتك الأولى وتعودين إلى أصلك الذي معدنه وجوهره نفيس، أما سئمت كل هذه التفاهات والسفاهات، ألا تريدين العود الحميد إلى جبلتك التي جبيلت عليها؟!

فإنه وبكل تأكيد تمل النفس الإنسانية بطبيعتها التمادي واللهاث خلف شهواتها وإلا ستكون بهيمية لا هم لها إلا المآكل والمشارب والجنس وخلافه.

لكن الإنسان المتزن فكريا سيأتي عليه يوم ونفسه تمل كل هذه الأشياء، فها هو أبيقور مؤسس فلسفة الابيقورية بعدما كان متمرغا في الملذات، في نهاية المطاف ماذا فعل، أعتزل الناس واكتفى أن يعيش منفردا في حديقة قصره مقتاتا بكسرة خبز وقطعة جبن جافة.

إن الإنسان بما هو كذلك طبيعته وتكوينه النفسي قد يميل إلى الملذات والتفاهات لكن مجرد أن يجد من يمد له يد العون لإخراجه من حالته المزرية هذه إلى عودته إلى إنسيته ، فإذا ما وجد برامج هادفة تحمل محتوى أيا كان هذا المحتوى، سواء دينيا، اجتماعيا، سياسيا  اقتصاديا، تعليميا، ثقافيا.

فعلى الفور سيغير محطة تلفازه إلى مثل هذه البرامج، صحيح قد يجد صعوبة في أول الأمر، لكنه بالمجاهدة، مجاهدة نفسه وهواها عن طريق التدريب والتعود ستجده تلقائيا متقبلا الأمر.

إن ما نطالب به الإنسان بما هو كذلك ألا ينقاد انقيادا أعمى خلف شهواته، ولا ينقاد أيضا خلف روحانيته انقيادا أعمى وإنما نطالبه أن يكون وسطا معتدلا، ويقبل على برامج الترفيه مثلا ، فهناك ترفيه هادف يقدم معلومات تثري العقل وتنيره بدلا من الغث القميئ الذي يوقع المرء في براثن الرذائل.

أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز