عاجل
الأربعاء 26 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
هذا النوع من الرجال

هذا النوع من الرجال

بقلم : منير عامر

عملية اكتشاف قادة للمواقع المختلفة هى واحدة من أصعب مهام هذا الكون، هذا ما أؤمن به ويعززه واقع ما عشته من أحداث عبر النصف قرن الأخير. شاهدت وعاينت وعانيت من بعض اختيارات جمال عبد الناصر بذات نفسه  وكتبت واعترضت ولم يلمسنى ادنى سوء بل كان هناك دائما السؤال «لماذا تبدو منحازا لقيادة ما وساخرا من قيادة اخرى ؟ كان انحيازى واضحا بعد لقاء شعراوى جمعة لحظة تولى منصب محافظ السويس وقبل فكرتى بأن تستقبل مصانع وهيئات قناة السويس من يرغب من الشباب العاطل للتدريب على المهن التى نفتقد خبرات فيها؟ وتم هذا فور نطقى فى مؤتمر مناقشة الميثاق الوطنى _ الوثيقة السياسية لتغيير الواقع المصرى _ قلت بوضوح «البطالة فى السويس هى ابنة هجرة ابناء الصعيد لها؛ والمجتمع يخوض حربا فى اليمن سافر فيها العديد من ابناء الحرف بحكم التجنيد؛ ونخوض حرب بناء أخرى بتشييد السد العالى فى أسوان ولابد ان هيئة السد العالى تحتاج إلى عمال مهرة». ودارت فى السويس سيارات تتبع الهيئة العامة للاستعلامات تطلب من أى باحث عن فرصة عمل التوجه إلى مراكز محددة لتقييد اسمه وخبراته. وتم تجهيز مواقع بمدارس السويس لمحو امية غير المتعلمين؛ وفتحت هيئة السويس ابواب التدريب على الحرف؛ ومعها شركات البترول العاملة بالسويس. وكتبت ذلك على صفحات مجلة «روز اليوسف»؛ فجاءنى الشكر من مكتب عبد الناصر، أما ما كتبته عن نفاق مصطنع بالدقهلية حين عقد محافظها إسماعيل فريد مؤتمرا حاشدا وتم تقديم وثيقة بالدم تأييدا للثورة، فكتبت ساخرا من الوثيقة التى اتهمتها بأنها مكتوبة بدم خراف مذبوحة : وسخرت من تعيين المحافظ لموظف خاص لرعاية كلابه التى جاء بها من براج حيث كان يعمل هناك ملحقا عسكريا. طبعا هاج اسماعيل فريد وماج، خصوصا أننى هاجمت فكرة تأسيس مصيف جمصة لأنه موقع غير سياحى. وجاءنى من مكتب جمال عبد الناصر تقديرا لما كتبت.



وعندما لم يعجبنى كذب سفير مصرى فى باريس قلت للسفير «المهمة التى تصلح لها هى ان تكون مشرف إستقبال الجنازات فى جامع عمر مكرم». هاج السفير وماج وكتب فى شخصى تقارير يمكن ان تلقينى فى المعتقل لسنوات. ولكن ضابط المخابرات فى باريس ولم اكن اعرف سوى انه مستشار بالسفارة هو محمد شكرى حافظ، كشف لى وأنا فى باريس بعض ما كتبه السفير ضدى وكيف قام بتحصينى من اضراره. وعدت للقاهرة ليستقبلنى مدير الخدمة السرية بجهاز المخابرات محمد زغلول كامل لتبدأ صداقة استمرت لعقود إلى أن غادر الدنيا للقاء رب كريم .

وعلى مستوى «روز اليوسف» تعاملت مع إحسان عبد القدوس بروح التلميذ وعندما اسند لى رئاسة قسم المجتمع وضعت كلماته فى اذنى كدستور وهى الا اقيم اى جسر عاطفى فى موقع العمل لان هذا يخصم من كرامة الصحفى. وتعلمت من فتحى غانم ان أعيد كتابة اى تحقيق صحفى مرة ثم أخرى ثم ثالثة، المرة الأولى لاقول كل ما عندى من معلومات والمرة الثانية لأسأل الفن: هل ما كتبته له شكل فنى مقبول ام لا؟ والمرة الثالثة هى تخيل ماذا تضيف كلماتى للقارئ؟ واستمر هذا منهجى طوال خمسة وأربعين عاما ومازال الامر يحدث حتى بعد تعلمى صياغة افكارى على الكمبيوتر.

وعبر سنوات العمل سارت المسألة المالية هى الهاجس الإدارى الأكبر فى «روز اليوسف»، شكى منها كل مسئول. وكان أول شخص لم أسمع منه شكوى هو أحمد فؤاد الذى تولى رئاسة مجلس إدارة «روز اليوسف» من منتصف عام 1964 وحتى يناير 1966؛ ولكن فور تولى غيره رئاسة «روز اليوسف» حتى على صوت الديون على صوت التوسعات إلى أن تولى الشاعر عبد الرحمن الشرقاوى رئاسة المؤسسة واستطاع لويس جريس الكاتب الكبير أن يجمع بين الصحافة والإدارة ، وطبعا إنطلقت «روز اليوسف» بقيادة صلاح حافظ وفتحى غانم ليرتفع توزيعها إلى ما يقرب من مئة ألف نسخة، واستطعت فى صباح الخير أن أحصل على إعلان لها بصوت عبد الحليم حافظ لأن مذكراته التى كتبتها تنشر بها ، وكان يقودنا من قام بتأليف شكل وهدف صباح الخير وهو الفنان حسن فؤاد، ويدير التحرير الراقى بغير حد رءوف توفيق فحطمت أرقام توزيعها أى خيال حين بلغت مائة وثمانون ألف نسخة وهو أقصى ما تستطيع المطبعة تنفيذه فى وقت محدد.

ثم هبط قهر السادات للصحافة، فقال للياور فايز الذى كان يقدم له الصحف وشاء ان يقدم له «روزاليوسف» وصباح الخير فقال القول المشهور «لقد بعثت لها بقيادات ستريحنى من إزعاج اليسار، فلن يقرأ أحد أى مطبوع من «روز اليوسف» أو «صباح الخير». وطبعا كانت فترة موات بالغ إلى أن جاء حسنى مبارك فسمح لصلاح حافظ بهامش إدارى بروز اليوسف وتولى رءوف توفيق إصلاح ما أفسده غيره.

جاءت التغييرات الأخيرة لقيادات الصحافة، ورأيت فى قدرة هانى عبد الله ما يضيف لى ويكشف أسرار الواقع المحيط بمصر من مؤامرات ويصيغ ذلك بهدوء كاشف فاضح، ويعطى الاحترام لمن يعملون تحت قيادته، أما أحمد باشا فقلمه هو مدفع رشاش يعرى كل من يقف ضد ما جرى فى الثلاثين من يونيو وقيادة عبد الفتاح السيسى، أما طارق رضوان فيطبق عنوان بابه الأسبوعى «لدى حلم» على صفحات صباح الخير لتقدم وجبة غير متوترة ولا زاعقة بل يستعرض إمكانات الحياة الحلوة فى مصر والدنيا التى حولنا.

والثلاثة يعملون بقيادة المهندس عبدالصادق الشوربجى وهو من أحبه على المستوى الشخصى وأرى قدراته على الحفاظ على «روز اليوسف» فى أنواء الواقع المحيط فأحبط على سبيل المثال لا الحصر جهود المتأسلمين من مجرد الاقتراب منها، وكانوا يرغبون فى سرقة ممتلكاتها بحكم سيطرتهم على مجلس الشورى، طمعًا فى المبانى، وفور التخلص من حكم التأسلم ومحاولة نشر الفوضى، قام بمناقشة كل فرد من العاملين وقام بتفكيك أى فرصة للصراع ، ويديرها برعاية شديدة للعاملين.

عن نفسى تلقيت منه الشكر عمليا حين رفضت أخذ مكافأة كعمولة إعلانات ، فقد أرسل محمد فريد خميس نصف مليون جنيه كقيمة إعلانات، وفعل ذلك تحية لبعض ما أكتب، وكان المبلغ كفيلًا بزوغان عين أى أحد لكن إحسان عبدالقدوس علمنى أن الكاتب لا يأخذ عمولة إعلان. وأعلن ذلك فى مجلس إدارة المؤسسة.

والتقدم هو طريق هذه المؤسسة الوحيد وليس لنا طريق غيره .

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز