
بالإيتكيت (متلبسوش ساعة)
بقلم : د. نهلة زيدان الحوراني
(الراجل ده التعامل معاه زي لبس الساعة في الإيتيكيت.. كل ما كانت الحفلة أهم وأكثر فخامة وسواريه كل ما كان استبعاده اجب) تعد تلك المقولة من أكثر المقولات لفتًا للنظر من بين الملايين من الجمل التي سمعتها فيما يتصل بالإيتيكيت. ينفق ممارسو مهنتنا أكثر من ثلاثة أرباع عمرهم في التعامل مع الإيتيكيت وربما تحويل قواعده أحيانًا وليس مجرد الالتزام بها. ببساطة تعد الطريقة التي تتعامل ببها سواءً انتمت للإيتيكيت اليومي أو البروتوكول الرسمي سلاحًا هامًا تعبر من خلاله للعالم عن أفكارك ورغباتك وأحلامك وأمنياتك بطريقة مناسبة وربما بطريقة شديدة الجذابية تمنحك القدرة على الحصول على ما تريد بشكل أكثر سرعة ونفاذًا. ولأن إيتيكيت لبس الساعة تسبب في الكثير من الانتقادات التي تم توجيهها لبعض الشخصيات الفنية المشهورة ففي الفترة الأخيرة، تذكرت تلك المقولة التي بدأت بها مقالي.
الساعة كائن لا أحبه بصفة شخصية، وطالما كان هناك عتاب شخصي طويل بيني وبين من صنعها لأنها تلزمنا بشكل أو بآخر أن نراقب الزمن. الزمن هو الشيء الوحيد الذي لا يمكنك أن تسيطر عليه ولا حتى أن تناقشه بأي شكل من أشكال المناقشة ومن ثم فهو ليس صديقًا وليس عدوًا في ذات الوقت. يتفق ذلك نوعًا ما مع كون الساعة أساسًا اخترعت في القرن الخامس عشر كنوع من المجوهرات النسائية فقط معلقة بسلسلة معدنية من الذهب كإسورة. بعض النساء تفردن بارتدائها كقلادة على سبيل الخروج عن المألوف. ثم خطفها الرجال من النساء اخترعوا لها جيبًا توضع فيه في الصديري الذي يُلبس تحت السترات الرسمية. ظهرت الساعة التي تلبس حول المعصم في عام 1904م، حين صمموا ساعة للطيار (لويس كارتييه) يمكنه أن يحملها أثناء ممارسة عمله العسكري. من هنا اخارعت أول ساعة معصم. صارت تلك الساعة ظاهرة هامة في أزياء مرحلة الحرب العالمية الأولى.
تفنن مصمموا الإكسسوارات في تجميل وتطوير شكل ساعة اليد حتى صارت أحد أساسيات الملابس بعد ظهورها بوقت قصير، ودرج الإيتيكيت على أن تُلبس الساعة حول معصم اليد اليسرى. يتناسب ذلك مع القاعدة التي تدعو للراحة في ممارسة الأعمال المختلفة باليد اليمنى التي يعتمد عليها بصفة أساسية معظم البشر، كما أن أزرار ضبط الساعة تحتاج لليد اليمنى كي تضبطها والساعة مربوطة حول معصمك. لكن قواعد الإيتيكيت تتطورت كما تطور كل شيء في العقود الآخرين بطريقة شعبية أحيانًا وأصبح من المسموح لمن يعتمدون على يدهم اليسرى بشكل أساسًا ارتداء الساعة في اليد اليمنى، مما يعني أنك تستطيع تمييز الشخص الأشول من خلال ساعة يده ومن ثم تقدم له ظروفًا أيسر في حال استقباله في عمل ما أو مأدبة ما بما يتناسب معه. وهذا هدف من أهدتف الإيتيكيت : أن تصبح الحياة أكثر يسرًا، ويتعاون الناس جميعًا لتحقيق ذلك.
بدأ الكثيرون يتخلون عن ارتداء ساعة اليد منذ بدأوا في حمل الـ (موبايل) لأنه بدوره يخبرهم عن الوقت، إلا أن التكنولوجيا أتت بساعات تقوم مقام الـ (موبايل) وتقوم بكافة وظائفه، إلا أن الإقبال عليها مازال محدودًا نسبيًا ربما لأن أسعارها مرتفعة نسبيًا حتى الآن، وربما لأن التعامل معها ليس عمليًا بقدر الـ (موبايل) حتى الآن. في حال انتشارها ستخضع لإيتيكيت الموبايل وساعة اليد معًا. في كل الأحوال يخضع استخدام ساعة اليد لقاعدة الـ (13) في الإيتيكيت. تطبق هذه القاعدة على الإكسسورات الأساسية التي يمكن أن يرتديها الرجل وهي : (الساعة – دبلة الزواج- دبوس ربطة العنق – المفاتيح – الأزرار (يحسب كل زرين تناظرين للبدلة بزر واحد) – لبقطع النقدية المعدنية – الحزام – الموبايل – النظارة. ويجب ألا تزيد هذه القطع عن 13 قطعة ككل في كل مرة يرتدي الرجل فيها مجموعة منها.
رغم استبدال ساعة اليد بـ (الموبايل) في الكثير من الأحوال إلا أن هناك مناسبات يجب فيها ارتادئها لأنها تعبر عن كون مرتديها شخصية ملتزمة، وهو انطباع يصاحب ارتداءها في الحياة العملية تحديدًا لاسيما في مقابلات العمل والاجتماعات الرسمية وبعض الحفلات النهارية أو المسائية المبكرة (الماتنيه) وكأنك تقول لمن حولك أنا شخص أحترم الوقت وأحترم الإنتاج الذي يمكن أن يصاحب هذا الوقت. من قواعد الإيتيكيت أن ترتدي نهارًا الساعات الرياضية أو الجلدية ذات الطابع العملي، وقد انتشرت الساعات الرياضية بشدة في التسعينات وصارت ساعات يد فريق (Spice Girls) موضة منتشرة بأساورها البلاستيكية الشفافة، وظلت لفترة طويلة هي الساعات النهارية المفضلة، ويسمح لك الإيتيكيت أن ترتدي معها بعض الأساور مهما قل أو زاد عددها إلا أن تلك الأساور يجب أن تتناسق مع الساعة بشدة لأن الساعة دائمًا كائن أنيق، وفي السهرة المبكرة – حيث لا يسمح لك إلا باتداء الساعات الثمينة شكلًا ومضمونًا- يفضل الاكتفاء بارتداء أسورة صغيرة رفيعة واحدة، صار من الممكن مؤخرًا أن تخالف لون الساعة شرط أن تتلاءم بقوة مع الملابس. ولا يجب أبدًا الخلط بين المعادن الثمينة وتلك المقلدة هنا، إذ يبدو الأمر كأنك تهين المعدن الثمين بمساواته بآخر أقل منه قيمة، هذا خلافًا للضرر الذي تلحقه المجوهرات المقلدة بتلك الثمينة. عليك أن تحذر لبس ساعة اليد في السهرات الكبيرة المتأخرة (السواريه) لأن هذا النوع من السهرات المفتوح على فجر اليوم التالي تكون الرسالة الأساسية التي تريد توجيهها للآخرين فيه هي : (لا يمكنني حساب وقت أنتم فيه وكأنني أستعجل فراقكم أو كأنني على موعد آخر). المنطق يشير أن الغالبية العظمى لن تتقيد بمواعيد في الليل المتأخر.
إن إيتيكيت لبس ساعة اليد يحمل في داخله تفردًا شديدًا. فهو يتعامل مع الشخص بمجرد ارتدائه هذه القطعة من الإكسسوارات كأنه شخص مفيد للحياة لأنه يحترم الوقت الذي يدير الحياة كلها بشكل أو بآخر لذا أحببت أن أتكلم معكم لقليل من الوقت عن أداته الأولى.