عاجل
الجمعة 7 مارس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
حب ولَّا بحلقة؟!

حب ولَّا بحلقة؟!

بقلم : د. نهلة زيدان الحوراني

وسيأتي وقت يتحول فيه الحب. لن تقع في حب بشر. ستمل من انتظار اللقاءات ومن حرارة الاتصالات ومن فراغ الغياب. ستهرب لأماكن بعيدة ومساحات من البراح. ستضع يدك على قلبك وتحاول الاستماع لدقاته البطيئة جدًا، والتي لا تشبه تلك الدقات التي اعتدت عليها في حماسة وفورة للاقتراب من شخص تحبه. فجأة ستعلم أنك كعدّاء محترف مارس الركض لألف يوم حتى أحس أن قدميه والطريق صارا شيئًا واحدًا. وويل لمن حفظ معالم الطريق. طريق تعتاده كطريق لا تراه أحيانًا. إذن هو الشغف.



"عايز أحب بس طاقتي سلبية ناحية كل الناس.. عايز أحب بس مش عايز اتحرك من مكاني"

ستردد هذه الكلمات كثيرًا كلما صادفك هؤلاء الذين يعرضون عليك الحب كدنيا جميلة، وستندهش أنك لا تشعر بالسعادة، بل والأغرب أنك لا ترفض عروضهم ولا تقبلها، فأنت كهذا السباح الماهر الذي يستمتع باحتساء كوب قهوة مثلجة في مقهى مطل على بحر دافيء هاديء الموجات ذات نهار منعش. إذ يبدو العوم جميلًا لكنك لا ترغب حتى في فتح نافذة تجاور ذراعك اليمني. أنت مستمتع بالجمال لكنك لا تريد أن تكون شريكًا فيه. وتندهش أكثر حين يفتحون النافذة لك فتصر على غلقها حتى تشعر بالنعاس مع آخر رشفة قهوة.

"أيوة.. انت في مرحلة القهوة الباردة.. مش عايز تشارك الحاجات وهي بتتولد بس عايز تستمتع بالفرجة وتاخد اللي يفضل بارد.. اللي كل الناس بتاخده اخر الفرجة"

عندما تسمع صوت الساهر وهو يشدو لنزار : "أنا عاشق حتى البكاء" ستبكي لا لشيء سوى أنك اصبحت أكثر تأثرًا بكل شيء حولك.. وستظن أنك كمطربك حين انتهى به الأمر لأن يغني "الليلة احساسي غريب.. عاشق وما عندي حبيب.. قلت أحب الحب أحسن" فالإنسان بطبعه يميل لما يكتشفه ولو لم يجد ما يكتشفه يتحول لواحد من اثنين : (إما شخص معتاد على تطبيق برنامج حياتي تفصيلي متكرر بشكل روتيني كالساعة التي تدق بكفاءة رغم أنها مصلوبة على ذات الجدار منذ سنوات، وإما شخص يدفعه الملل لأن يترك ما لا يقدم له ما يكتشفه وحينها يكون كما قال جبران : " أريد أن أموت شوقا ولا أحيا مللا " سوف يفاجأ بتوقف كل حياته المعتادة فهو عاجز عن الحركة في ذات الاتجاهات ويفضل التوقف عن كل شيء على أن يسير في ذات الدوائر التي يعرف مسبقًا كل تفاصيلها).
"لما بطلت أحب بدأت أبحلق.. أدقق حواليا وأتفرج على الدنيا بهدوء.. ومع الوقت حبيت الفرجة زي السفر من قصة لقصة ومن حد لحد.. أنا لو سافرت باريس مثلًا مش هاعرف أرجع بيها عشان كده ممكن تفضل تغيير جميل".

لا تقلق من تلك الحالة. فأحيانًا يكون الترانزيت أهم من رحلة الطيران ذاتها. إذ في الترانزيت تستعيد كل الأجهزة كفاءتها حين نعتني بها. ننظر للخريطة الملاحية بدقة أكبر فنرى العالم أوضح. نتزود بوقود على رتم هاديء وبكميات مناسبة. ونشرع في الرحلة بعد أن تكون السماء قابلة لأن تكون رحلة حقيقية.
 
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز