عاجل
الأحد 9 مارس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
حب مايعرفش الخروج عن النص

حب مايعرفش الخروج عن النص

بقلم : د. نهلة زيدان الحوراني

"معنديش أي حاجة ممكن أعملها غير إني أحبك"



من منا ردد هذه الجملة بينه وبين نفسه سرًا على استحياء، بعد أن حاول بكل قوة أن يجد مهربًا من إحساس لا يستطيع تفسيره؟.. هو الحب بكل تأكيد، لكنه يأتي متلصصًا على قلبك، مختبرًا إياك بداية. هل تستطيع أن تكون أحد أوليائه؟ هل تستطيع أن تنشره للعالم أو على الأقل أن تنشره داخلك فيسيطر عليك؟ هل ستقدم فروض الولاء والطاعة دون جدل عقلي يجعل من الحب ذاته قضية قابلة للاختبار كل فترة أو كل موقف؟.
 "ليه مش كل الناس بيحبها الحب؟"

الحب في حد ذاته كائن يريد أن يحافظ على بقائه حتى لو كان مجرد مفهوم إلا أن كل المفاهيم التي نتعامل معها في حياتنا نجعلها نحن كائنات مكتملة حين نتحدث معها ونتعرف عليها ونعمل على اكتشافها وكأنها تملك القدرة على التحكم في ذاتها. مع الوقت تصبح هذه المفاهيم كائنات مستقلة في نظرنا حتى تعطينا الإجابات عن كل تلك الأسئلة الاستكشافية التي نوجهها لها ببساطة وتلقائية الأطفال. عندها تبدأ المفاهيم في اختبارنا وتختار من بيننا أبناءها الصالحين الطائعين أو من يمثلون دعاية جيدة لها بالقليل من التمرد. هي عملية نفسية بحتة تبدأ داخلنا وتنتشر للعالم حين يضج داخلنا بضخامتها. إذ بعد أن يملأك الحب ويجد أنك تبالغ في ربط كل إجاباته عن الحياة بحياتك يبدأ هو في توجيه تلك الحياة. وينقلب السحر على الساحر. يختارك ضمن أوليائه ومواليه.

"عاجز عن البعد.. عاجز عن التفكير حتى ف حاجة تانية.. عاجز عن إني أعمل أي حاجة من غير ما يكون جوايا.. أنا مُحتل تمامًا.. مش قادر غير أني أحب وأستسلم للهجوم الشرس للحب.. أعمل إيه؟ خايف"

لا تفعل شيئًا.. فهو مجرد اختيارك في الأساس وليس هجومًا يقيدك ويشل حركتك. أنت من اخترع صورة للمفهوم وبحثت عنها وحاورتها حتى سلبت منك عرش تصرفاتك. الأمر ليس سيئًا وإن أردته أن ينتهي سينتهي بأعراض انسحاب هو في الأساس انسحاب المفهوم الذي وضعته أنت وإحلال مفهوم آخر بديل قد يكون مضادا لمفهومك السابق تمامًا. فأنت حر تمامًا في تشكيل مفاهيمك، وحر تمامًا في تبنيها أو التبرء منها. ولكن لماذا تشعر بالضيق؟ فنشر الحب ليس أمرًا بغيضًا. وإن كان كل منا يضع مبادئه فلماذا لا يخضع لبعض الحب وهو يضع مبادئه؟

"هيغيرلي حياتي.. هيمسحها مسح على طريقة Format وأنا مش قادر أقف ف وشو.. هيخليني أتخلى عن حاجات كتير وأقبل حاجات كتير عشان أفضل مع اللي بحبها وأسيب كل حاجة متخلينيش معاها؟"

كل ما يحدث متوقف على إجابة سؤال واحد كرره على نفسك دومًا : "هو بيخليك أسعد أولأ؟" وأعتقد أن الإجابة دائمًا ستكون "أيوة أنا أسعد".. فحتى لو أنكرت وألحدت بوجود يدك كصانع لمفاهيمك فأنت لن تغير من الأمر شيئًا. هذا الحب أنت، وتصرفاته من وضعك وجبروته من خضوععك له. وأنا لا أرى ذلك عيبًا. ما يحدث ببساطة أن اختياراتك تتجلى لك، فاتبعها. وكن سعيدًا بما صممته لحياتك، واستمتع بردود الفعل عليها من شريك يتفاعل مع اختياراتك باختياراته.. اصنعا الحياة ، فهكذا يكون الحب. وليس هناك ما هو أجمل من حياة يصنعها حب.

"الحب ميعرفش الخروج عن النص.. أنا النص"..
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز