عاجل
الأحد 9 مارس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
المعلمة لما تحب...................

المعلمة لما تحب...................

بقلم : د. نهلة زيدان الحوراني

- على راسي يا معلمة..



- على راسي يا معلم..

- يا حلوة يا متعلمة..

- على عيني يا معلم.."

أنا لا أعلم من يغني هذه الكلمات لكنها كلمات إحدى الأغاني الشعبية التي اتهموها بأنها هابطة وظهرت في مطلع سبعينيات القرن الماضي تقريبًا. وقد تسألون أنفسكم ما الذي يجعلني أذكرها هنا والآن. الحقيقة أن هذه الكلمات وتحديدًا هي ما نتداوله يوميًا بشكل أو بآخر يوميًا. اسأل نفسك : "كم مرة قلت كلمة معلم النهاردة؟" أتوقع أن الإجابة لو كنت بعد الساعة 11 مساءً ستتجاوز الرقم (10) ببساطة. يواجهك هنا نقطة مختلفة، فنحن قوم درجنا على أن المعلم – كما ادعت الأغنية أيضًا – غالبًا ما يرتبط بمعلمة. وللمعلمة مواصفات مختلفة تتلاءم أيضًا مع مواصفات المعلم نشأنا عليها في مجتمعنا.

نعلم أننا نعني بـ "المعلم" الشخص البارع في مجاله حتى لو كان "قزقزة اللب" في وقتنا هذا. لكن المعلم "مش عايز يرتبط بمعلمة" يريد أن يكون معلمًا يرتبط بأميرة. وأعتقد أن عشر علامات تعجب لا تكفي هنا لاستيعاب هذه الفكرة. إلا أن هذه العلامات سترحل كلها طواعية حين نكتشف أن الأميرات يردن أن يكن معلمات.

"هو فاكرني لسه هأتنهد تلات مرات قبل ما أتكلم.. أنا معنديش وقت أضيعه.. ومعنديش استعداد أبقا بالنسبة له فرجة على فيلم قديم".

إذن هي "المعلمية" لو صح التعبير، فهي بكلماتها تلك تعبر عن المثل "يموت المعلم ولا يتعلم"  فلم نعد نملك الوقت للتنهيد والتسبيل و"النحنحة"، فكل ذلك أصبح "بروتوكولًا محروقًا" لو صح التعبير. صرنا نلتقي في "بريك القهوة" أو على الإنترنت حيث ثلاثة أرباع اللغة مختصرة في الأساس. لم يعد لديك مجال للتخاطب باللغة الشعرية التي حاول قديمًا أن يطورها جبران في رسائله لمي زيادة. فوراءنا الكثير لنتعلمه ونمارسه وهذا الكثير يحتاج للكثير من الوقت والتعب أيضًا.

"اللي هيطلب مني أبقا متحنتفة مش هأقدر أحبه.. مبقاش الكلام ياكل معايا.. جدتي كانت أساسًا مش محتاجة غير الكلام.. أما أنا فعرفت أكتر ومحتاجة اللي يتصرف زي اللي عرفته مش اللي يتكلم.. أنا بالنسبة لجدتي (معلمة)".

وهذه الكلمات تترجم مدى السخرية التي يلقاها شاب (نحنوح) حينما يمر بمجموعة من الفتيات حاليًا، هن يعتبرنه مشاعًا لإطلاق النكات والعبث بمشاعره، وهو يرى أن الحب رومانسي إلى حد أنك يجب أن تتطهر من كل ضوضائك قبل الدخول لمحرابه، ولا أظن أن طبيعة العصر تسمح بهذا الإيقاع، ولا أظن أيضًا أن الرجال عادلون فيما يطلبون من النساء. فهم يريدون أميرات لأجل معلمين. إلا من رحم ربي.

أعتقد أن الفنانة الكبيرة فاتن حمامة - صاحبة الصورة الرائعة للفتاة الرقيقة البريئة التي لم تمسسها حبة تراب وكأنها تمثال من الثلج لم يغادر أرضه مطلقًا – أصبحت صورتها في الأفلام أسطورية. وأصبح تطبيق هذه الصورة غير مرغوب فيه لأنه يعني فقدان نصف الحياة ، فهي ستمنع الفتاة من الإنطلاق في خطوط كثيرة أصبحت حقًا من حقوقها. وهنا أتذكر قول إحدى الفنانات الفرنسيات في أحد الأفلام الأميريكية "جميعنا نحب ونحترم جان دارك لكن من تريد أن تكون جان دارك الآن؟!).

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز