عاجل
الإثنين 12 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
سلخ على الطريقة الأمريكية

سلخ على الطريقة الأمريكية

بقلم : غادة نوارة

لم ترتكب إمبرطورية ولا مملكة عظمى من الوحشية والهمجية على مر التاريخ أو تتلطخ أيديها بالدماء أو تقوم حضارتها على الجرائم والمجازر مثلما قامت الحضارة الأمريكية التي يتباهى بها الناس في أرجاء المعمورة .. وصفحات التاريخ زاخرة بذلك، وقائمة الجرائم التي ارتكبتها أمريكا ضد الإنسانية لا يكفيها هذا المقال بل قد لا تكفيها مجلدات لنستطيع توثيق كل هذه الجرائم، ولا نبالغ إذا قلنا أنها تعتبر القوة الأكثر دموية على مر التاريخ؛ ولذلك سأكتفي في هذا المقال ببعض هذه الجرائم، ولانبهاري بالحضارة الأمريكية، ولأن الذكرى تنفع المؤمنين سأستكمل في المقالات اللاحقة باقي الحديث عن هذه الحضارة.



إنها راعية الحريات الأولى في العالم .. داعمة حقوق الإنسان ورافعة شعارات الديمقراطية على كوكب الأرض .. زعيمة العالم الحر وشرطي هذا العالم، وهي المنوط بها حماية والدفاع عن هذه القيم وتلك المبادئ؛ ولذلك فهي تنتفض ولا يغمض لها جفن عندما تتعرض هذه الحريات وتلك الحقوق لأي انتهاك في أي مكان في مسرح عملياتها على هذا الكوكب الأرضي. " إن إبادة الهنود الحمر هو الحل الضروري للحيلولة دون تلوث العرق الأبيض، واصطيادهم اصطياد الوحوش في الغابات مهمة أخلاقية لازمة لكي يبقى الإنسان الأبيض " .. إن جورج واشنطن، وتوماس جيفرسون الملقب برسول الحرية وكاتب وثيقة استقلال أمريكا .. كانوا يطالبون بإفناء ومحو آثار الهنود الحمر من على الأرض .. ولا عجب فقد قامت أمريكا منذ البداية على جثث وجماجم الملايين من الهنود الحمر .. السكان الأصليين للقارة الأمريكية. استخدمت أمريكا كل الوسائل لإبادة الهنود الحمر، وسلبهم أراضيهم وحياتهم وتدمير مدنهم وتهجيرهم إلى مناطق موبوءة بالأمراض، ولم تكتف بذلك فقامت بتشويه صورتهم في العالم كله، وأظهرتهم كمتوحشين ومتخلفين .. وكان التمثيل بجثث الهنود وسلخ فرو رؤوسهم أمراً محبباً لدى الأمريكيين، كانت تقام حفلات خاصة يُدعى إليها علية القوم لمشاهدة هذا العمل المثير وهو سلخ فروة رأس واحد من الهنود الحمر، بل هذا العمل صار من الرياضات المحببة في أمريكا، وكان الكثيرون يتباهون بأن ملابسه وأحذيته مصنوعة من جلود الهنود الذين تم قتلهم وسلخ جلودهم، وبلغ بهم أن رصدوا مكافآت لمن يأت برأس أحد الهنود .. ثم أتوا بالأفارقة كعبيد يعملون بالسخرة .. حدث كل هذا كي يستوطن الجنس الأبيض القارة الجديدة المكتشفة وهو بالفعل هدف نبيل وسامي. وخلف الشعارات التي تنادي بها وتجبر العالم على اتباعها .. ارتكبت أمريكا أبشع الجرائم ضد الإنسانية، فلم تكتف بإبادتها للهنود الحمر والذي يكفي ليكون سجلها مُلطخ بالدماء وبالرغم من ذلك فلم تتورع عن الاستمرار في ارتكاب المزيد من هذه الجرائم. هيروشيما وناجازاكي .. شاهدتان على سفك الدماء الذي تقوم به أمريكا حيث دمرت المدينتين بإلقائها القنابل الذرية، وأبادت ما لا يقل عن ربع مليون ياباني بخلاف الجرحى والمصابين والمشوهين والمشردين .. ومدينة درسدن الألمانية ومدينة روتردام الهولندية والتي تم تدميرهما أيضاً وقتل ما يزيد على مئات الآلاف من المدنيين وهو ما يساوي ثلث سكان المدينتين، لم تكن هذه الجرائم إلا نماذج لتلك الهمجية والوحشية الأمريكية.

وما كادت الحرب العالمية الثانية تضع أوزارها حتى استأنفت سفك الدماء، وكانت كوريا هي صاحبة الحظ من هذه المذابح التي ترتكبها، والتي كانت مدعاة للفخر من قبل الجنرالات الأمريكيين .. ولمجرد الشبهة في تعاطف المدنيين مع الشيوعيين كانت تتم هذه المذابح، وتم إلقاء آلاف الأطنان من القنابل التقليدية والكيماوية على المدن بما فيها من منشآت وبشر، وطبقاً للتقارير الأمريكية فقد كلفت الحرب الكورية الخزانة الأمريكية 67 بليون دولار وتم تدمير مدن كورية بأكملها وقتل وجرح وتشريد ملايين الكوريين. أما ما فعلته أمريكا في فيتنام حيث استمرت حربها فيها 20 عاماً، واستخدمت فيها ترسانة الأسلحة الفتاكة كقنابل النابالم الحارقة، واستخدمت أيضاً سلاحاً كيماوياً الغرض منه تدمير الغطاء النباتي الفيتنامي حيث دخل هذا العامل الكيميائي في السلسلة الغذائية للنبات والحيوان والإنسان، مما تسبب في انتشار الإصابة بالأمراض السرطانية، ومازالت آثاره للآن تظهر على المواليد حيث تتصدر فيتنام قائمة الدول التي يُولد بها أطفال مصابون بإعاقات ذهنية وجسدية. أما الجرائم التي ارتكبتها أمريكا بحق الشعوب العربية والمسلمة .. فالكلمات تتوارى خجلاً للتعبير عن هذه المجازر التي ارتكبتها باسم شعاراتها القبيحة هذه .. فالخسائر التي تكبدها العراق فادحة والمآسي التي عايشها هذا الشعب العربي صاحب حضارة بلاد الرافدين نتيجة الغزو الأمريكي له مُخجل .. حيث تم تدمير العراق دولة ومؤسسات، وإبادة وإصابة وتشريد ملايين العراقيين، ونهب ثروات العراق وموارده، وتم طمس التاريخ وزرع الفتنة بين أبناء الوطن الواحد، وهو نفس السيناريو الذي حدث في باقي الدول تحت مسمى الربيع العربي. وبالطبع فسجن أبو غريب ومعتقل جوانتانامو دلائل وبراهين أخرى جلية على احترام أمريكا للحريات وحقوق الإنسان، ولم تكن الصور التذكارية التي التقطها الجنود الأمريكيون لهم وهم يُعذبون وينتهكون كرامة سجناء هذا السجن وذاك المعتقل، وقبلها صورهم مع جماجم اليابانيين في الحرب العالمية الثانية .. لم تكن إلا دلائل على الحضارة الدموية التي يتفاخرون أنهم ينتمون إليها. وللحديث بإذن الله بقية

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز