محمد نوار
يا مستني الـ "لايك"!
بقلم : محمد نوار
موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" يسمح للمشترك بوضع وصف عن نفسه فيترك انطباعاً محدداً عنه للآخرين، ومع الوقت أصبح أغلب المشتركين يعتبرون أن أهم شيء في الموقع ليس التواصل ولا تبادل المعلومات ولا التعليقات، أهم شيء بالموقع خاصية الـ "لايك"Like ، واللايك هو الدافع للتفاعل بين أغلب المشتركين الذين يعتمدون في نشرهم للـ "بوستات" على نسبة اللايك المتوقعة.
ويصل الأمر لوضع قانون لذلك، فالمشترك يضع لايك لمن يضع لايك له، ويصبح المقياس ليس هو جودة البوست أو الفائدة منه، بل بما يحققه للمشترك من لايكات، وهناك من يضعون لايك لأي بوست، أو بحكم حبهم لصاحب البوست.
واللايكات القليلة تترك أثراً سلبياً للمشترك وكأنه منبوذ فيسبوكياً، هذا الآثر أصبح أسوأ نفسياً للمشترك من النبذ الاجتماعي الواقعي.
كما أن البعض لا يرى من الموقع سوى خانة الإضافة لأكبر عدد من الأشخاص، يرجع ذلك لانطوائيتهم الواقعية والتي يعوضونها فيسبوكياً من خلال الوهم بأنهم اجتماعيين ولديهم أصدقاء.
حتى الشركات الكبرى والمؤسسات تطلب وضع اللايك من خلال الإعلان على الصفحة الخاصة بك، بل إن سياسيين يقومون بدعم حملاتهم من خلال أن لايك تساوي انتخب.
إنه "غزو البلهاء" بتعبير عالم السيمياء أمبرتو إيكو، فالموقع يؤثر في نفسية المشتركين وقد يدفعهم نحو تصرفات غير واعية، يقول العالم النفسي الأمريكي جوشوا هارت: "يشعر المضطربون عاطفياً بالسعادة والرضا عندما يحصلون على الكثير من التعليقات على ما يقومون بنشره، ويشعرون بالتعاسة عندما يحصلون على القليل من الاهتمام، إن حاجة بعض الناس إلى الكثير من الطمأنينة وبأنهم محبوبون، جعلهم يتجهون إلى الفيسبوك".
فالإنسان يحتاج إلى تحقيق واشباع رغبات معينة تحرك سلوكه وتشكله مثل الحاجة إلى التقدير، هذا النوع من الرغبات يرتبط بالاحساس بالقيمة الذاتية للإنسان واحترام وتقدير الآخرين له.
ويقوم موقع فيسبوك بتلبية تلك الرغبة بالسماح للآخرين بابداء الإعجاب بما ينشره المشترك على صفحته، حتى أصبح البعض حين يكتب ويعلق وينشر صوراً لا يفكر إلا في اللايك وفي النسبة التي سيحققها، مع أن 1000 لايك لا تمنح الإحساس الذي يمنحه إعجاب واحد واقعي.
لقد صار الإعجاب الافتراضي أهم للناس من الإعجاب الواقعي، مع أن مواقع التواصل الاجتماعي شكل افتراضي للتفاعل وليست بديلاً عن التفاعل الواقعي.