د .عبد الله المغازى
زيارات الرئيس
بقلم : د .عبد الله المغازى
إن جوﻻت السيد الرئيس فى آسيا مرة أخرى، وخصوصا للصين وسنغافورة، تعكس مدى أهمية اهتمام صانع القرار فى مصر بدول الشرق عموما، والتى تحظى بتجارب اقتصادية واجتماعية ناجحة للغاية، يمكننا اﻷستفادة منها حتى ﻻ نعيد اختراع العجلة من جديد.
فالصين على وجه التحديد تحظى بأهمية اقتصادية كبرى، وكذلك سياسية لما تتمتع به من علاقات متميزة للغاية مع الكثير من دول القارة الإفريقية يمكن الاستفادة منها، وﻻ أخفيكم سرا بأننى كنت أتوقع حماسة أكبر مما هو عليه الآن من الصين بالنسبة للمشروعات الجديدة كما فعلت روسيا بإعلانها عن منطقة اقتصادية روسية ومشروعات تنموية مختلفة.
ولا شك أن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى لروسيا أعادت من جديد قطار الزيارات الخارجية المتبادل بين مصر وروسيا، لمناقشة الأوضاع الخطيرة التى تمر بها المنطقة العربية على نحو سريع، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الوضع المتدهور والخطير فى سوريا والمنطقة العربية، وهنا يجب الإشارة إلى أن مصر قد قامت بدور فعال لاقناع الدول العربية الشقيقة والفاعلة فى منطقة الشرق الأوسط وكذلك الدول المهتمة بما يجرى على اﻷرض فى سوريا والعراق بالحوار المباشر مع روسيا مثل السعودية وكذلك دول الإمارات والاردن. والجدير بالذكر أنه ﻻ يمكن أن نعتبر تواجد ممثلى مصر واﻻمارات واﻷردن فى توقيت واحد فى موسكو مصادفة ﻷن من يعتبر ذلك اﻷمر صدفة فهو ساذج سياسيا ﻻ محالة.
وعلينا أن ننوه إلى أن هناك زيارة تمت من السعودية من عدة أسابيع لموسكو، وهو ما يعكس رشدا سياسيا واعيا من كل هذه الدول التى استشعرت مدى الخطر المحدق بها وبالمنطقة العربية بأكملها، خصوصا بعد الاتفاق النووى الإيرانى والذى اتسم بالغموض الشديد، وعلينا أن نعى جيدًا أن هذا الاتفاق به بعض البنود السرية التى تم اﻷتفاق عليها مع الغرب والوﻻيات المتحدة الامريكية وبالتالى فلن تقبل دول المنطقة العربية أن تطلق يد إيران للعبث باﻷمن القومى العربى.
ومن هنا أدرك العرب أن وحدتهم باتت حتمية، وأنا أرى أن الدول العربية مجتمعة يمكن لها أن تقترب من نفس الفكر الاوروبى بتكوين تحالف عربى قوى تحميه قوة عربية مشتركة موجودة على اﻷرض، وهو ما بدأت فيه الدول العربية بالفعل بعد أن استشعرت الخطر الداهم على كل دول المنطقة.
لقد جاءت القمة (المصرية الروسية) لتعزيز التعاون بين البلدين وتأكيد قوة وعمق العلاقات التاريخية والروابط الوثيقة بين البلدين فى مختلف المجالات، ولا ننسى أن روسيا اتخذت موقفا شجاعا لدعم ارادة الشعب المصرى فى الوقت الذى تعرض فيه وطننا لتحديات كبيرة، ولقد أعرب الجانب الروسى عن حرصه على بذل المزيد من الجهود المخلصة لتقليص العوامل الخارجية السلبية التى تعرقل تشجيع الاستثمار فى مصر.
لقد ظهرت أهمية القمة المصرية الروسية فى أنها فتحت العديد من الملفات الهامة التى كانت فى مقدمتها الملفات التنموية التى تساعد على تنمية الاقتصاد المصرى بمساعدة القوة الروسية، ولقد أعرب الجانب الروسى عن رغبته فى العمل والاستثمار فى مشروع تنمية قناة السويس الجديدة، بالاضافة لاقامة منطقة صناعية روسية واقامة مركز لوجيستى لتخزين وتداول وتجارة الحبوب وزيادة الاستثمار فى مجال تخزين المنتجات البترولية، كما طرح الجانب الروسى فكرة جديدة هى التعاون فى مجال الطيران المدنى، من خلال إمكانية تصدير طائرة سوبر جيت، وابدت روسيا استعدادها للتعاون فى مجال التعليم عن طريق زيادة المنح الدراسية المقدمة للطلاب المصريين، وحرص الجانب الروسى على تطوير مجالات الطاقة بمصر بانشاء أكبر وأول محطة توليد للطاقة النووية فى منطقة الضبعة، والتى ستوفر الطاقة اللازمة لتلبية احتياجات المشروعات التنموية الضخمة التى تنفذها مصر، فضلا عن تدريب الخبراء المصريين فى روسيا على هذا التخصص لاننا نؤمن أن الطاقة النووية هى السبيل للخروج من مأزق الطاقة فى مصر.
وأخيرًا علينا أن نؤكد أن التعاون العسكرى بين مصر وروسيا ممتد تاريخيا ومستمر ويسير بشكل ممتاز ومرشح للتزايد لأن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين يؤكد فى كل مناسبة يلتقى فيها بالرئيس السيسى أن الترسانة العسكرية الروسية مفتوحة على مصراعيها لمصر دون أى قيد أو شرط، حيث إن من 45% إلى 50% من الأسلحة والمعدات لدى المؤسسة العسكرية المصرية ذات منشأ روسى أو سوفيتى، كما أن التعاون العسكرى، سواء فى مجال التسليح أو التدريب أو مكافحة الإرهاب يهدف إلى تحقيق الأمن والاستقرار فى الشرق الأوسط، لذا كان ﻻبد من التعاون المصرى الروسى.
حمى الله مصر وشعبها والله الموفق