محمد بغدادى
داعش على خطى هولاكو
بقلم : محمد بغدادى
لا أحد يذكر فى التاريخ أن جيش هولاكو الجبار لم يدخل حربا بالمفهوم الحقيقى للحرب، إلا مع الجيش المصرى بقيادة الأمير قطز، ويومها هزم شر هزيمة وسقطت أسطورة هولاكو إلى الأبد، ولا أحد يذكر أن هذا الجيش لم يحارب ولكنه كان يرسل طلائعه إلى المدن الصغـيرة الحدودية، لترتكب أبشع الجرائم من قتل وقطع الرؤوس وسلخ الجلود وبقر بطون النساء، فيبث الفزع والرعب فى باقى المدن فيفر الناس لينجوا بأرواحهم
فتشيع الفوضى، ويستقطب الخونة والأفاقين، ويتخذهم أعوانا وجواسيس، ويرسل رسله لحكام الدول يطالبهم بالاستسلام حتى ينجوا من المذابح، وينتاب الحكام الرعب والهلع وما أن تستسلم البلاد حتى يذبح كل أهلها، ويأتى على الأخضر واليابس.. وعلى نفس خطى هولاكو يسير تنظيم «داعش» التكفيرى الإرهابى، فهم يشيعون الرعب والفوضى بشكل ممنهج، فتسقط المدن وتتهاوى.
التاريخ يعيد نفسه فداعش تلعب دور التتار، ونور المالكى يلعب دور مؤيد الدين العلقمى الوزير الشيعى الخائن فى عهد المستعصم آخر الخلفاء العباسيين، والمستعصم هو نموذج لكل الحكام العرب الذين تركوا الفساد يرتع فى بلادهم وتفرغوا للنهب واللهو والعبث، فأوصلونا إلى (ثورات الخريف العربى)، وأسلموا رقاب شعوبهم لتنظيمات الخونة المتأسلمين السفاحين الإرهابيين.
فيقول ابن كثير فى كتابه (البداية والنهاية):
«وأحاط التتار بدار الخلافة يرشقونها بالنبال من كل جانب، حتى أصيبت جارية من محظياته تسمى (عرفة) كانت تلعب بين يدى الخليفة وتضحكه، جاءها سهم من بعض الشبابيك فقتلها وهى ترقص بين يدى الخليفة، فانزعج، وفزع فزعاً شديداً، وأحُضر السهم الذى أصابها بين يديه، فإذا عليه مكتوب يقول: «إذا أراد الله إنفاذ قضائه وقدره، أذهب من ذوى العقول عقولهم»، فأمر الخليفة عند ذلك بزيادة الاحتراز، وكثرت الستائر على دار الخلافة''!!
ورغم (كارثة قتل الراقصة فى مجلس أنس وفرفشة الخليفة!!) فلم يأمر قائد الجيش أوالشعب بالتجهز للقتال، بعد أن وصل الخطر إلى دار الخلافة، إنما وكما تدفن النعامة رأسها فى الرمال، أمر فقط بزيادة الاحتراز، بكثرت الستائر حول دار الخلافة لزيادة الوقاية وستر الراقصات!! وأكمل جلسة الأنس واللهو،وكأن الستائر ستخفيه عن أعين هولاكو وجنوده!!.
وهنا لجأ الخليفة إلى وزيره الشيعى الخائن «مؤيد الدين بن العلقمى»، وسأله ماذا يفعل؟ وأشار عليه الوزير أن يخرج لمقابلة هولاكو بنفسه ليتفاوض معه، وذهب الخليفة إلى هولاكو ومعه سبعمائة من كبار رجال دولته، ووزرائه، وفقهاء المدينة، وعلماء الإسلام، والأعيان، ومعه ابن العلقمى، فأدخل الخليفة إلى خيمة هولاكو، أما بقية الوفد فأخذوهم بعيدا وذبحوا الجميع، وبقى الخليفة وحده فقط على قيد الحياة ليرشدهم على كنوز بغداد، وبعد أن حصلوا على كل شىء طلب هولاكو من الخليفة أن ينادى فى الناس بإلقاء أسلحتهم والخروج من المدينة لإحصائهم. فلما ألقى الناس أسلحتهم قتلوا جميعا وجاءوا بالخليفة ووضعوه داخل سجادة ودهسوه بالخيل حتى الموت فى 10 فبراير 1258 م (656 هـ ) أما العلقمى فقد كافأه هولاكو على خيانته وعينه وزيرا وولاه بغداد. وكان العلقمى قد أشار على الخليفة قبل وصول المغول بتسريح قسم كبير من جيشه، فهزمهم التتار بسهولة.
وما أشبه الليلة بالبارحة فها هو نور المالكى رئيس الحكومة العراقية الذى دخل بغداد على أسنة رماح الطائرات والبوارج الأمريكية والآن يلعب دور الوزيرالشيعى «مؤيد الدين بن العلقمى»، فقد أصدر أوامره للجيش العراقى فى الموصل وبينوى وصلاح الدين بإخلاء مواقعهم والهروب فورا، ليزداد الرعب لدى الناس من إرهاب داعش، وتبدأ داعش بنفس أسلوب ومنهج التتار يذبحون كل من يقف فى طريقهم ويشيعون الفزع والرعب والفوضى وينتصرون بدون حرب أو مواجهة فتتساقط أمامهم المدن وتتهاوى ويتشرد الملايين فرارا وخوفا من هذه المذابح .
فما أشبه الليلة بالبارحة، فهذه العبارة التى أرسلها هولاكو للخليفة المستعصم مع السهم الذى قتل راقصته، وذكرها ابن كثير: «إذا أراد الله إنفاذ قضائه وقدره، أذهب من ذوى العقول عقولهم»، ويبدو أن كثيرا من حكامنا الذين أوصلونا إلى جحيم الربيع العربى، كانوا قد فقدوا بالفعل عقولهم!! فما أشبه نور المالكى بالعلقمى الوزير الخائن، وما أشبه داعش بالتتار.