عاجل
الإثنين 10 مارس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
مولد نائم

مولد نائم

بقلم : د. نهلة زيدان الحوراني

 



 بعد عطلة استمرت أسبوعًا كان طبيعيًا أن يتحول النوم لإغماءة انتابت (على قابيل) يفيق منها بقنبلة الجوع ... العمل الكثير ينادى الراحة الكبرى ... وحين تكون وحدك فى بيت واسع .. لا بد أن تختار إحدى غرفه لتصبح قلعتك المجهزة بكل ما تحتاج له ... من يحتاج للسير والنوم سلطانه ؟!
 
    يعمل هذا الرجل فى استقبال الوفود بإحدى المنتجعات السياحية ... يعيش بعيدًا عن أهله ... يعمل بدوام أكثر من كامل ... وحين تاتيه الإجازة ينام ... لا يشعر برغبة فى فعل أى شئ سوى النوم ... لربما أجبره أصدقاؤه على الخروج بعض الوقت لمصاحبة موج البحر الأحمر الهادئ فى ملل وغموض ... يقولون أن هدوءه خوفًا منه على إزعاج جماله ... لكن الهدوء يستفز عشاق النوم ... يجعلهم يريدون تجفيف الموجة التى لا تأتى إليهم فى أعلى نقطة تستطيعها
 
    أتته هذه الإجازة بعد موسم حافل ... يظن أن هذا هو الصباح ينهى آخر ثلاثة أيام من النوم اللذيذ لا يقطعه سوى الأكل ... دقات المنبه ترعبه ... قام مفزوعًا على قنبلة صوتية فجرت أحلامه ... عاد العمل ... حلق شعر ذقنه المهمل لأسبوع ... ارتدى ملابس (Uniform) العمل ... نزل بسرعة ... فاجأته جارته الجميلة بتحية صباح كالحياة الجميلة ... كانت تجمع بعض أزهار القرنفل الداكنة القرمزية ... سال جسده نحوها دون سيطرة ... اقترب حتى اقتحمه شلال عطرها القوى ... لم يزعجه تنافره مع هدوء الصباح ... يعلم أنه نداء أنثوى هو المعنى به ... لذلك أحب الاقتراب ... استخدمت صوتها الناعس لتشكو له من حالة الأرق التى تنتابها منذ ثلاث ليالٍ ... فى وسط الحديث قدمت له زهرة قرنفل بيدها اليسرى ... كل مرة ينسى خاتم الزواج الذى يحرس هذه المرأة منه ويحرسه منها ... لكن هذه المرة خرج زوجها غاضبًا يزأر بكلمات لم يتبينها ... سمع صوت الشهادتين على لسانه يخترق أغطية فراشه ... مازالت الثانية صباحًا ... كان يحلم ... بقى فى عمر الإجازة ست ساعات ... وعاد للنوم .
 
    استيقظ على قنبلته الصوتية ... حملته سيارته لعمله ... فاجأه المدير بخطة جديدة للعمل تطلبت منه أن يعمل طوال فترة الإجازة بينما كان هو نائمًا فى العسل ... هذا المدير نشيط لكنه شديد الغرور ... وشديد الفتك بمن حوله حتى لا يستمر شخص فى عمله أكثر من موسم فيصبح اسمًا معروفًا ولو قليلًا ... نظر فى الخطة ... المزيد من الترفيه ... المزيد من أنشطة الغطس القريب من السطح ... عليه تبليغ الجميع وعلى جميع رؤساء الوحدات الذهاب مع المدير إلا هو فوحدة الاستقبال تحتاجه ... وفى ختام اليوم كان متوقعًا أن يفقد عمله لأنه لم يوزع الخطة كما يجب ... صرخ فى وجهه : (أنت متآمر لصالح منتجعات تنافسنا وأنا لدى معلومات أكيدة) ... سكب قهوته فى وجه المدير الممتلئ ككلب بولدوج غاضب –مع الاحتفاظ بحق الآدمية- فارغى وأزبد ... كان رجال الأمن يحملونه طائرًا على أجنحة الغضب ... ومرة أخرى اخترقت الشهادتين أغطية فراشه ... مازال فى عمر الإجازة أربع ساعات .
 
   عندما استيقظ حقًا كان يشعر بآلام شديدة فى كافة أنحاء جسده ... لكنه استطاع أن ينهض ... وبينما كان يرتدى ملابسه سمع رنين جرس الباب ... صاحبة العمارة العجوز ... ملابسها المتصابية تسبقها بصدمة كهرومغناطيسية ... كانت تحدثه عن مللها من الوحدة وتدعوه لحفل شاى ... هذه المرأة لا تمل أبدًا ... ماذا يفعل كى يذكرها بأنها تقدم الإهانة لذاتها قبله ... نظر لها بازدراء ثم استأذنها ... طلبت منه أن تنتظره كى يوصلها فى طريقه ... لكنه إدعى أن سيارته معطلة ... الغريب أن هذه المرأة هى العزباء الوحيدة التى تسمح له بالاقتراب دون خطر ... يبحث عن زوجة بلا شك لكنها كابوس بالنسبة له ... فجأة فتحت باب الشقة وجعلت تصرخ وتستغيث ... وصحا على شهادتين ... وصوت قنبلته الصوتية الحقيقى .
 
     لا يدرى لماذا فجأة شعر أن لا شئ فى حياته يستحق أن يستيقظ فقرر أن ينام ... واستمر فى النوم حتى فقد القدرة على السير كما أخبره طبيب المستشفى بعد أربعة أيام ... اعتقد أنه كسب حياة جديدة ... قال للطبيب : (علينا جميعًا أن نتعلم المشى فى أول حياتنا) .

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز