استشاري تغذية علاجية: "التغير المناخي" يؤثر سلبا على "سلامة الغذاء"
محمود جودة
متى يصبح الغذاء غير مأمون؟ مسؤولية المنتج والبائع والمستهلك
أنواع الملوثات الأخطر على صحة الإنسان.. والتعامل الأمثل يقي من الأمراض
أكدت د. سحر خيري، أستاذ طب الأطفال، استشاري التغذية العلاجية بالمعهد القومي للتغذية، أن العالم يتعرض لظاهرة التغير المناخي، نتيجة لانبعاث بعض الغازات التي تحبس الحرارة أكثر من غيرها، لأنها تسمح للحرارة بالوصول إلى الأرض، وتسمى غازات الاحتباس الحراري "أكثر الغازات شيوعًا هي ثاني أكسيد الكربون، والميثان، والأوزون، وبخار الماء، وأكاسيد النيتروز"، وتتسبب فى ارتفاع درجات حرارة المحيطات والرطوبة، الأمر الذي ينتج عنه تغيرا في قوة الأعاصير، وكذلك أنماط تساقط الأمطار والفيضانات، والجفاف، وتواتر الظواهر الجوية المتطرفة، والتي تؤثر على الممارسات الزراعية، وإنتاج المحاصيل، والجودة الغذائية لها.
ولكل ذلك، يجب البحث عن حلول غير تقليدية، للتقليل من العوامل المؤثرة على التغيير المناخي، للحد من أضراره على صحة الإنسان.
جاء ذلك خلال المؤتمر الذي نظمته 57357 مؤخرا، داخل قاعة المؤتمرات بالمستشفى، تحت شعار "سلامة غذائنا.. لصحة أفضل"، للاحتفال باليوم العالمي لسلامة الغذاء، تحت رعاية المعهد القومي للتغذية، ومنظمتي الصحة العالمية واليونيسيف، وبرنامج الغذاء العالمي، والجمعية المصرية لطب الأطفال، وغرفة الصناعات الغذائية.
وتساءلت د. سحر خيري، لماذا تعتبر سلامة الغذاء مهمة؟ وأجابت بأن الأمراض التي تنتقل عن طريق الأغذية، تمثل تحديا كبيرًا لمجموعات معينة من الناس، وهي مشكلة صحية عامة يمكن الوقاية منها، حيث تشكل عبئا على الصحة العامة في الواقع، وتساهم بشكل كبير في ارتفاع تكلفة الرعاية الصحية.
وأكدت سحر خيري، أن الغذاء قد يصبح غير مأمون في أي مرحلة من مراحل سلسلة الإمدادات، فقد تدخل الملوثات إلى السلع الغذائية من التربة أو المياه أو الهواء أو المعدات المستخدمة أثناء الإنتاج والتجهيز، وقد يؤدي تخزين الغذاء بشكل غير صحيح ومناولته بطريقة تتنافى وشروط النظافة الصحية ونقله في درجة حرارة غير مناسبة، إلى جعل تناوله غير مأمون، كما يستطيع المستهلك أيضًا أن يجعل الغذاء غير مأمون حين لا يطهوه بشكل تام على سبيل المثال.
وتساءلت استشاري التغذية العلاجية قائلة: هل يؤثر تغير المناخ في سلامة غذائنا؟ وأجابت يزيد تغير المناخ من احتمال تعرض الإنسان للأخطار المنقولة بواسطة الأغذية، سواء عن طريق البر أو البحر، كما أن له أثرا مباشرا على الأخطار البيولوجية "مسببات الأمراض والطفيليات"، وكذا الكيميائية "المعادن الثقيلة، والمبيدات، والسموم الفطرية، والتوكسينات البيولوجية الطحلبية"، حيث تتغير معدلات حدوثها أو توزيعها أو ضررها.
ووفقًا لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "الفاو"، فمن شأن ارتفاع درجات الحرارة الحد من سلامة الأغذية من خلال زيادة الأمراض المنقولة عبر الأغذية والمياه، ونقل الآفات النباتية إلى مناطق جديدة ما قد يؤدي إلى فرط في استخدام مبيدات الآفات، وتشجيع امتصاص المعادن الثقيلة السامة في المحاصيل الأساسية، وتوسيع النطاق والضرر بسلامة الأغذية البحرية، ونشر الإصابات الفطرية في النباتات.
كما تكون الأمراض المنقولة بالأغذية عادة معدية أو سامة بطبيعتها، وتسببها جراثيم أو فيروسات أو طفيليات أو مواد كيميائية تدخل الجسم، عن طريق الأغذية أو المياه الملوثة، ويمكن أن تسبب الممرضات المنقولة بالأغذية الإصابة بإسهال أو عدوى موهنة، ويحتمل أن يسبب التلوث الكيميائي تسمماً حاداً، أو أمراضاً طويلة الأمد مثل السرطان، وقد تسبب الأمراض المنقولة بالأغذية الإعاقة الطويلة الأمد والوفاة، ومن بين الأمثلة على الأغذية غير المأمونة هي الأغذية الحيوانية المصدر غير المطهية جيدا، والفواكه والخضروات الملوثة بمياه الصرف الصحي، والمحاريات النيئة المحتوية على سموم بحرية.
واستطردت د. سحر خيري استشاري التغذية العلاجية بالمعهد القومي للتغذية، كما أن الإفراط في مضادات الميكروبات، مثل المضادات الحيوية لعلاج حالات العدوى التي تسبّبها الجراثيم، تؤدي إلى ظهور جراثيم مقاومة وانتشارها، ما يجعل علاج الأمراض المُعدية غير فعال لدى الحيوان والإنسان، وتدخل الجراثيم المقاومة في السلسلة الغذائية عن طريق الحيوانات "ومنها دخول السالمونيلا عن طريق الدجاج"، وتُعد مقاومة مضادات الميكروبات من التهديدات الرئيسية المحدقة بالطب الحديث.
مؤكدة على أن أكثر المواد المثيرة للقلق بالنسبة للصحة هي السموم طبيعية المنشأ، والملوّثات البيئية، وتلك التي تنتجها الفطريات السامة.
ويمكن أن تحتوي الأغذية الأساسية مثل الذرة أو الحبوب، على مستويات مرتفعة من السموم الفطرية، مثل "الأفلاتوكسين والأوكراتوكسين"، الناتجة عن تعفّن الحبوب، وقد يكون للتعرض طويل الأمد لهذه المواد تأثير في الجهاز المناعي والنمو الطبيعي، وقد يسبب الإصابة بالسرطان.
أما المعادن الثقيلة مثل الرصاص والكادميوم والزئبق، فتضر الأعصاب والكلى، وتتلوث الأغذية بالمعادن الثقيلة أساساً عن طريق تلوث الهواء والماء والتربة.