إعدام ريا وسكينة في شهر رمضان المبارك
محمد هاشم
مع حلول شهر رمضان المعظم، تعود بنا الذاكرة إلى جرائم ارتكبها الآثمون لم يراع حرمة الشهر الكريم وتعود بنا الذاكرة هنا إلى إعدام ريا وسكينة أشهر مجرمي القرن العشرين في تاريخ البلاد وتحديدا.
في 16 مايو 1921 الموافق 8 رمضان سنة 1339 أصدر أحمد بك الصلح موسى حكم بالإعدام ضد ريا وسكينة وزوجيهما واثنين من "المجرمين " الذين شاركوا في عمليات قتل للضحايا من النساء.
جرائم غامضة
انتشرت حوادث اختفاء للعديد من النساء في شوارع الإسكندرية وكانت أولها منطقة كارموز وجاء الكشف عن الجرائم بعدما أكتشف عسكري شرطة عظام أسفل حجرة كانت تفوح منها رائحة كريهة أزعجت أهالي المنطقة وكانت سكينة تستخدم بخور شديدة الرائحة لإخفاء الروائح الكريهة.
خيوط الكشف عن الجريمة
كانت البداية ببلاغ تلقاه رجال البوليس من زينب حسن البالغة عمرها 40 عاماً في منتصف شهر يناير عام 1920 ذكرت فيه اختفاء ابنتها نظله أبو الليل البالغة من العمر 25 سنة، ثم تلقى رجال البوليس بلاغ أخر في منتصف شهر مارس من العام نفسه من المواطن محمود مرسى يفيد باختفاء أخته زنوبة حرم حسن محمد زيدان، وعلى الرغم من ذكر صاحب البلاغ اسم "ريا وسكينة" في كونهما آخر اثنتين كانتا بصحبة أخته، إلا أن الجهات الأمنية استبعدتهما من الشبهات ودائرة التحقيقات.
وجاء البلاغ الثالث من "أم إبراهيم" فتاة تبلغ من العمر 15 عاماً، ذكرت في بلاغها اختفاء أمها زنوبة عليوة "بائعة طيور 36 عاما"، وأضافت الفتاة في بلاغها أن آخر من تقابل مع والدتها هما ريا وسكينة، ثم قدم جناينى يدعى حسن الشناوي يؤكد أن نبوية على اختفت من عشرين يومًا.
اليوزباشي إبراهيم يعثر على بقايا آدمية جراء رائحة كريهة
كان اليوزباشي إبراهيم يتفقد الطرقات وجاءت شكاوى من رائحة غريبة أخبره بها المخبر أحمد البرقي وقدم إلى تلك الحجرة ليتفقد الأمر وعندما دخل إلى حرجة ريا وسكينة بشارع على بك الكبير بالإسكندرية ناقش ريا والتي بدت عليها علامات الريبة والخوف وعندها أمرها بإخلاء الحجرة وكانت المفاجأة بالعثور على بقايا أدمية.
وتم فك لغز الجريمة وضبط كافة المتهمين بعدما اعترفت ريا وسكينة تفصيليا بالجرائم.
أمر الإحالة ونص تحقيقات القضية
بعد سماع أمر الإحالة وطلبات النيابة العمومية وطلبات المدعى بالحق المدني وأقوال المتهمين ودفاع المحامين عنهم وشهادة الشهود والاطلاع على ورق الدعوى وأخذ رأى فضيلة مفتي مدينة الإسكندرية والمداولة قانوناً.
وطلب محامي المتهمين الأولى والثانية استعمال الرأفة معهما وترك تقدير قيمة التعويض قبلهما للمحكمة. وطلب المحامي عن المهتم الثالث إجراء الكشف على قواه العقلية لمعرفة درجة مسؤوليته وطلب في الموضوع الحكم ببراءته. وطلب محامي المتهم الرابع اعتباره شريكاً ومعاملته بالمادة 199 عقوبات أو باستعمال الرأفة طبقاً للمادة 17 عقوبات وإبدال عقوبة الإعدام بالأشغال الشاقة فوض الرأي في تقدير التعويض قبله.
وطلب المحامون عن باقي المتهمين الحكم ببراءتهم ورفض الدعوى المدنية قبلهم وذلك للأسباب الواردة بمحضر الجلسة.
حيثيات حكم المحكمة
ذكرت هيئة المحكمة في حيثيات حكمها أنه قد تبين من التحقيقات التي حصلت في الدعوى ومن شهادة الشهود الذين سمعوا أمام المحكمة أنه في غضون المدة من يناير إلى 14 نوفمبر سنة 1920 ورد بوليس قسم اللبان بالإسكندرية عشرة بلاغات عن اختفاء عشر نسوة من الطبقة القاطنة بدائرة المذكور، قدمت هذه البلاغات من ذوي قرابتهن وحفظتها النيابة لعدم الاهتداء إلى معرفة مقر تلك النسوة ولا أسباب غيبتهن.
وكانت الحرمة سكينة بنت "—" ثانية المتهمين تسكن في ذلك العهد منزلاً لوالدة من يدعى أحمد "—" كائناً بحارة ماكوريس نمرة ، خلف قسم اللبان وكان مؤجراً لشخص يدعى محمد "—" الذي أجر منه غرفة لسكينة بالدور الأرضي ثم أخلى هذا المنزل واستلمه المؤجر في 30 أكتوبر سنة 1920 فأخذ يجرى فيه بعض تحسينات طلبها منه مستأجر جديد وقد اتفق أنه في يوم 15 نوفمبر سنة 1920 بينما كان أحمد "—" يحفر في أرضية الغرفة التي كانت تقيم بها سكينة لأجل تركيب مواسير المياه إذ عثر على جثة امرأة كانت مدفونة فيها فأخطر القسم بذلك وباستمرار الحفر بأرضية تلك الغرفة وجدت بها أيضاً جثتان لامرأتين خلاف الجثة الأولى . ثم حفرت أرضية غرفة أخرى لسكينة بمنزل موجود بحارة النجاة نمرة 5بقسم اللبان فوجدت بها جثة رابعة وقد علم وقتئذ أن لسكينة أخت تدعى رية وهي المتهمة الأولى وريا هذه متزوجة بحسب الله "—" ثالث المتهمين وكانت تسكن غرفة بالدور الأرضي بمنزل كائن بشارع على بك الكبير بالقسم المذكور وتكثر من التردد إلى غرفة بمنزل آخر كائن بحارة النجاة نمرة.
بدوره الأرضي تشغلها الحرمة أمينة "—" المتهمة الثامنة وقد وجدت 12جثة نسائية مدفونة بالغرفة الأولى وجثة أخرى لامرأة مدفونة بالغرفة الثانية وتلك الجثث البالغ مجموعها سبع عشرة هي جثث النسوة المبينة أسماؤهن بأمر الإحالة وهذه المحلات جميعها أعدت للدعارة سراً وكانت البغايا من النساء تترددن إليها تارة من تلقاء أنفسهن وطوراً بطلب من ريا وسكينة لتعاطى المسكرات وارتكاب الفحشاء فيها وكانت إدارة المحلات المذكورة مشتركة بين ريا وسكينة وأرباحها تقسم بينهما.
ودل التحقيق على أن ثماني جثث من السبع عشرة التي اكتشفت بالكيفية المتقدم ذكرها لنسوة من اللائي حصل عنهن التبليغ وهن نظله بنت "—" وسليمة "— "، ونبوية "—" ، وزنوبة "—" ، وفاطمة "—" ، وفردوس"—" ، وتبين أيضاً أنه كان لتلك النسوة مصوغات معلومة عند ذويهن لم يعثر عليها في محلات سكنهن.
وباستجواب سكينة أمام النيابة قررت بأنها اشتركت بالاتفاق مع أختها ريا في قتل عشر نسوة من اللائي وجدت جثثهن بالمنازل المذكورة وبأن مطلقها محمد عبد العال وحسب الله – زوج رية – وعرابي وعبد الرازق "—" صاحبهم قتلوا منهم هانم ونظله وعزيزة وزنوبة وبأنهم ما عدا محمد "—" قتلوا أنيسة بنت "—" وبأن حسب الله "—" اشترك مع عرابي "—" في قتل نبوية زوجة السماك وسليمة ينت "—" الشهيرة بأم عرفات بائعة الغاز ونبوية القهوجية وفاطمة بنت المخدمة ومع عبد العال في قتل فردوس وقررت بأن المجنى عليهن كانت تجئ بدعوة منها وأختها رية إلى تلك المنازل للالتقاء بالرجال حيث يكون هؤلاء المتهمون في انتظارهن مصرين باتفاقهم معها ومع أختها رية على قتل تلك النسوة وسرقة ما يكون عليهن من المصوغات .
ولأجل تسهيل قتلهن بواسطة من ذكروا من المتهمين كانت تقدمان إليهن الخمور القوية المفعول ما يكفي القليل منها لإسكارهن سكراً شديداً لا يستطعن معه محاولة أية مقاومة أو استغاثة فكان أولئك المتهمون ينتهزون فرصة لاغتيالهن بواسطة كتم النفس والخنق وقررت أيضا بأن أحدهم كان يخنق كل امرأة منهن بمنديل يشده حول عنقها أو بيديه بينما كان الآخرون ممسكين بيديها و رجليها وصدرها أو فمها لمنعها من إبداء أي حركة إلى أن يتم زميلهم فعلته وتزهق نفس المرأة وبأن عرابي هو الذي كان يباشر الخنق في معظم تلك الحوادث ثم يدفنون جثثهن بالأمكنة التي وجدت فيها بعد تجريدهن من مصوغاتهن ومما يجدونه معهن من النقود وكانت المصوغات تباع بعد ارتكاب الجرائم بمعرفة سكينة ورية إلى المتهم "—" الصائغ وغيره وأثمانه توزع بينهم.
وتضمن الإقرار الصادر من سكينة أمام حضرة قاضى الإحالة وأمام هذه المحكمة أنه لم يخرج عن هذا المعنى غير أنها قررت بأن القاتلين لسليمة هم حسب الله ومحمد "—" وعبد الرازق وسلامة الكيت وقد كررت اعترافها أمام هذه المحكمة.
وأن رية بعد أن اختلفت في أقوالها أمام النيابة اعترفت أثناء استجوابها من حضرة قاضى الإحالة باشتراكها هي وسكينة بطريق الاتفاق في قتل ستة من تلك النسوة وهن هانم ونظله وأمينة وأنيسة وفهيمة وفردوس وقرر بأن القاتلين لهن هم زوجها حسب الله "—" ومحمد "—" عرابي "—" وعبد الرازق "—" واتفقت روايتها مع رواية سكينة فيما يختص بكيفية حصول القتل ودفن الجثث والتصرف في المصوغات المسروقة وقد كررت اعترافها أمام هذه المحكمة أيضاً. وحيث أن حسب الله "—" اعترف أمام النيابة بأنه قتل من النسوة ثمانية وهن نظله وسليمة ونبوية بنت "—" الشهيرة بفهيمة باشتراكه مع محمد "—" وعرابي "—" وعبد الرازق "—" وفاطمة بنت "—" المخدمة ونبوية "—" باشتراكه مع عرابي "—" وسليمة بنت "—" باشتراكه مع محمد.
وأنيسة مع اشتراك عرابي حسان وعبد الرازق "—"، وقرر بأن القاتل لفردوس هو محمد "—" وحده. واعترف محمد بتحقيق النيابة بقتله هانم ونظله بالاشتراك مع حسب الله "—" وعرابي "—" وعبد الرازق "—" وبأنه اشترك معهم أيضاً في قتل امرأة لها سنة من ذهب لا يعرف اسمها ورابعة يبلغ عمرها 36 سنة بيضاء نوعا متوسطة الجسم والقامة وامرأة خامسة وهي التي دفنت في غرفة سكن المتهمة أمينة بنت "—" ومحمد "—" أنكروا ما أسند إليهم. وحيث أن حسب الله "—" عدل أمام حضرة قاضى الإحالة عن الاعتراف الصادر منه في تحقيق النيابة مدعياً أنه أعترف من الإهانة والجزع ولكن لا يمكن الاعتداد بهذا الادعاء لأن اعترافه تكرر منه مراراً بالتحقيقات يحتوى على وقائع مطولة وظروف مختلفة لا يمكنه ذكرها إلا إذا كان الاعتراف صادراً منه بمحض إرادته وفوق ذلك فإنه اعتراف مؤيد بالنسبة إليه أولاً: من ملازمته لزوجته رية في تلك المنازل الملازمة التي لا تجعلها تتداخل في هذه الجرائم إلا بإشراكه معها في الأعمال الشديدة التي لا تقوى عليها النساء أو على الأقل بتحريض منه.
ثانياً: من شهادة السيدة بنت "—" التي قررت بأنه أعطاها جنيهين لأجل أن تتجاهل دخول فاطمة بنت "—" في البيت الذي تقيم فيه سكينة بشارع ماكوريس وعدم خروجها منه أي البيت الذي قتلت فيه.
ثالثاً: من وجود ختمه في التراب وقت النبش على الجثث المستخرجة من هذا البيت.
رابعاً: من رؤية "—" أحد الشهود له بعد حادثة فاطمة بنت "—" خارجاً من البيت ومعه صرة ملابس.
خامساً: من شهادة عزيزة بنت "—" التي أقامت فترة من الزمن ببيت سكينة بشارع ماكوريس بأنها تواجدت يوماً وقت المساء عند رية فكلفها حسب الله بحمل شوال مربوط كانت تنبعث منه رائحة كريهة فذهب معها عند ملتقى شارع عبد المنعم بشارع أبى الدرداء وهناك أمرها بترك الشوال ثم تبين من التحقيقات التي حصلت بمناسبة البلاغات التي تقدمت بشأن اختفاء النساء وجد بتاريخ 11 ديسمبر 1920 بالمكان الذي ألقى فيه الشوال هيكل امرأة يرجع تاريخ وفاتها إلى شهرين.
سادساً: من ضبط محبس ذهب لفردوس وملابس لها أيضاً في البيت الذي يسكنه مع زنوبة بنت "—" زوجته الجديدة.
وحيث أن المتهم محمد "—" قرر أمام قاضى الإحالة بخصوص الاعتراف الصادر منه في تحقيقات النيابة أنه أغرى من رجال البوليس على هذا الاعتراف وأنه لا دخل له في جرائم القتل المسندة إليه ولكن اعترافه مؤيد على كل حال من ضبط فنيلة صوف لفردوس عنده ومن إقرار على "—" الصائغ بحضوره إليه مع حسب الله ورية وسكينة عند عرض المصوغات المسروقة عليه ومن ملازمته في كل وقت لزوجته سكينة ولأختها رية ولزوجها حسب الله "—" ومن شهادة زنوبة بنت "—" زوجة حسب الله الثانية بأنه جاء إليها بصحبة حسب الله ومعهما ما ضبط عندها من ملابس فردوس بنت "—".
وحيث أن المحكمة تستنتج من الوقائع المتقدمة بأنها ومن كون المتهمين المعترفين اشتروا في بحر المدة التي ارتكبت فيها هذه الجرائم من المصوغات ما لم يمكنهم شراؤها إلا من ثمن ما سرقوه من حلى المجني عليهن ومن كون حالة الجثث دلت على أن تاريخ القتل لم يكن سابقاً على إقامتهم في البيوت التي وجدت بها تلك الجثث أن المتهمين المذكورين لم يشتركوا فقط في قتل النسوة الوارد ذكرهن في اعترافاتهم بل قتلوا أيضاً النسوة الأخرى المبينة أسماؤهن بأمر الإحالة.
وحيث أن المتهم عرابي "—" مع إنكاره ما أسند اليه من التهم ادعى أنه لم يتوجه مطلقاً عند رية وسكينة من عهد إقامتهما بالمنازل التي استخرجت منها الجثث وإن كان يوجد سابق معرفة بينه وبينهما وبين حسب الله "—" ومحمد "—" بمناسبة تردده عليهم بالمحل المشهور بالكامب الذي كانت تديره رية بسوق الجمعة بالإسكندرية ولكن قد كذبه في ذلك شهود منهم السيدة بنت "—" بغرفة المنزل الكائن بشارع ماكوريس في اليوم نفسه الذي اختفت فيه فاطمة المذكورة ورأت تراباً مكوماً بجوار باب الغرفة وهذا التراب كان قد استخرج من أرضية الغرفة بعد دفن جثة فاطمة فسألت عنه فأخبرها حسب الله ورية أن المرأة قد تقيأت فنقلت التراب إلى تحت سلم المنزل ومنهم زينب بنت "—" التي شهدت بأن ابنتها نظله إحدى المجنى عليهن كانت تجتمع كثيراً بالمتهم المذكور عند رية وكانت تخشى بأسه لأنه فتوة ومشهور بأنه يخنق ومنهم شفيقة بنت "—" وعبد المحسن "—" اللذين قررا رؤيتهما عرابي "—" يتردد على منزل رية الكائن بشارع على الكبير وقد شهد غيرهم بأن نظله المقتولة كانت خليلة عرابي وكان يريد الزواج بها ولما اختفت لم يهتم بأمرها وأخذ يقول لكل من كان يسأله عنها بكرة تحضر .
وحيث فيما يتعلق بالمتهم عبد الرازق "—" فإنه ثبت من أقوال الشهود أنه كان معاشراً للحرمة أنيسة بنت "—" إحدى المجنى عليهن وكان يجتمع بها في منزل رية بشارع على بك الكبير وكانت أنيسة المذكورة نسبت إليه قبل اختفائها سرقة قرط من ذهب ونقود لها و وسطت بعض أصدقائها في استرداد هذه الأشياء منه فرفض و أظهر غضبه عليها خصوصاً لما رأى أن تهمة السرقة الملصقة به أخذت تنتشر في القهاوى التي كان يذهب إليها فكان حينئذ من مصلحته أن يقتل أنيسة للتخلص من تشهيرها به والاستفادة بجزء من حليها وقد ثبت منها أيضاً أن عبد الرازق كان معاشراً لرية وسكينة و حسب الله ومحمد "—" من بدء سكنهم بالمنازل التي وجدت بها الجثث ومرتبطاً بهم كل الارتباط وكان يرى من واجبه أن يدافع مع عرابي "—" عن سمعة تلك المنازل كلما وجد لذلك فرصة مع عملهما بما هو حاصل فيها من القبائح وكان به عند رية وسكينة من المنزل والمكانة ما يجعله يتصرف في محلاتهما كيف يشاء ويضاف إلى ذلك أنه من أجلها هذه الدعوى بمبلغ لا يمكنهما الحصول عليها من المكاسب التي كانت تأتيهما بالوسائل المباحة.
وحيث أنه يستنتج من هذه الظروف والظروف السابق بيانها ومن الكشوف الطبية الموقعة على الجثث المؤيدة لما ورد في أقوال المتهمين المعترفين من حصول القتل بطريق الخنق ومن يد عدة أشخاص ومن القرائن القوية التي تعزز أقوال رية وسكينة وحسب الله "—" ومحمد "—" بالنسبة لكل من عرابي"—" وعبد الرازق "—" ما يحمل المحكمة على الاعتقاد التام بأنهما باشرا قتل السبع عشرة نسوة المتقدم ذكرهن.
وحيث أنه متى تقرر ذلك يكون عقاب حسب الله "—" ومحمد "—"وعرابي"—" وعبد الرازق "—" بصفتهم فاعلين أصليين للجرائم المذكورة وهي سفكهم دماء السبع عشرة نسوة عمداً مع سبق الإصرار في الظروف المتقدم بيانها واستباحة أموالهن بتبديدها في المنكرات وذلك في المدة الواقعة بين نوفمبر سنة 1919 و12 نوفمبر 1920 بجهة حي اللبان بالإسكندرية هاته الآثام التي لم يشاهد مثلها في القسوة والفظاعة من عهد تأسيس المحاكم للآن منطبقاً على نص مادتي 39و194 عقوبات.
وعقاب رية وسكينة بصفة كونهما اشتركتا مع الفاعلين الأصليين في التاريخ والمكان السابق ذكرهما في تلك الجرائم بطريق الاتفاق والمساعدة في الأعمال المسهلة لارتكابها بأن أحضرتا المجني عليهن إلى محلاتهما وأسكرتهن ليتمكن الفاعلون الأصليون من خنقهن بدون أدنى مقاومة منهن فوقعت جرائم القتل بناء على هذا الاتفاق وهذه المساعدة منطبقاً على نص المادة40 فقرة ثانية وثالثة و41و14و199 من القانون المشار إليه.
وحيث أن أوراق هذه الدعوى قد أرسلت بتاريخ 12 مايو سنة 1921 إلى حضرة صاحب الفضيلة مفتي مدينة الإسكندرية لإبداء رأيه طبقاً للمادة 49 من قانون تنظيم محاكم الجنايات ووردت منه مشفوعة برأيه في 15 منه بنمرة 401.
وحيث عن تهمة سلامة"—" الملقب بالكيت فإنه لم يوجد ضده سوى أقوال سكينة وحسب الله "—" التي لم تؤيد بأي دليل من الأدلة المقنعة حتى يمكن الأخذ بها والتعويل عليها في الحكم بإدانة الشخص المذكور فيما هو متهم به كما وأن المحكمة ترى فيما يختص باتهام كل من أمينة بنت "—" ومحمد "—" الشهير بالنص زوجها بالاشتراك في قتل نبوية بنت "—" بالاتفاق والمساعدة أن الأدلة التي وصلت إليها التحقيقات لا تكفي لإثبات التهمة الموجهة إليهما ويتعين الحكم حينئذ ببراءة الثلاثة المتهمين المذكورين لعدم ثبوت التهمة المسندة إليهم ثبوتا كافياً عملاً بالمادة 50 من قانون تشكيل محاكم الجنايات .
وحيث أن تهمة إخفاء المصوغات المسروقة المنسوبة إلى على "—" فإنه ثابت من اعترافه أنه اشترى جانباً من مصوغات المجني عليهن على أربع دفع من رية وسكينة بحضور حسب الله "—" ومحمد "—" وذلك أثناء المدة من نوفمبر سنة 1919 لغاية 12 نوفمبر سنة 1920 بالإسكندرية ولكنه يدعى أنه كان يجهل مصدر تلك المصوغات الحقيقي.
وحيث أنه مع التقدير المذكور لم يشتر تلك المصوغات إلا في أربع دفع كما يقول وليست في ست دفع كما قالت سكينة فقد تبين للمحكمة أنه كان يعلم بسرقة المصوغات عند شرائه إياها بدليل حصول الشراء خفية وبثمن يقل عن نصف قيمتها الحقيقية وبدون أن يحتاط في أخذ الضمانات التي يكون من شأنها إخلاء مسؤوليته عند الاقتضاء وإسراعه بكسر معظم تلك المصوغات لإضاعة معالمها.
وحيث أنه مما تقدم تكون تهم الجرائم المسندة إلى محمد "—" ثابتة قبله في الأربع وقائع المعترف بها فقط وعقابة ينطبق على نص المادة 279 فقرة أولى من قانونه العقوبات مع مراعاة المادة 36 منه بالنظر إلى تعدد الجرائم ………………” ” ………….
الحكم بالإعدام وبعد الاطلاع على النصوص القانونية المتقدم ذكرها حكمت المحكمة حضورياً: أولا: على كل من رية وسكينة بنتي "—" وحسب الله "—" ومحمد "—" وعرابى "—" وعبد الرازق "—" بعقوبة الإعدام. ثانياً: على …. على "—" الصائغ بالحبس مع الشغل لمدة خمس سنوات. ثالثا: ببراءة كل من سلامة "—" والحرمة أمينة "—" الشهيرة بأم أحمد وزوجها محمد "—" الشهير بالنص مما أسند إليهم في هذه الدعوى ورفض الدعوى المدنية الموجهة قبلهم وقبل على محمد "—" الصائغ “…………. هذا ما حكمت به المحكمة بجلستها العلنية المنعقدة بسراي محكمة الإسكندرية الأهلية في يوم الاثنين 16 مايو سنة 1921 الموافق 8 رمضان سنة 1339".