عاجل
الأحد 2 مارس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
السعودية والإمارات في معادلة الصراع الدولي

السعودية والإمارات في معادلة الصراع الدولي

الأصوات تتعالى والدعوات تتزايد للدول العربية خاصة المنتجة للنفط – السعودية والامارات – من اجل الدخول في الصراع الدولي والمشاركة في الحرب الاقتصادية التي تقودها امريكا والدول الاوروبية ضد روسيا من اجل زيادة الانتاج النفطي ووقف ارتفاع اسعار الطاقة العالمي جراء العقوبات الاقتصادية على روسيا، فقد شهدت اسواق الطاقة حالة من الارتباك وعدم الاستقرار والارتفاع– غير المسبوق- نتيجة تلك العقوبات، وهو ما انعكس على الاقتصاد العالمي من تضخم وارتفاع اسعار المواد الغذائية والنقل وكافة نواحي الحياة، وهو بطبيعة الحال ما انعكس على اقتصاديات الدول الغربية في ضوء التقارير الصادرة عن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي من التحذير ان اقتصاديات الدول الاوروبية قد تشهد انخفاضًا في معدلات النمو وانخفاض مستوى المعيشة في تلك الدول جراء موجة التضخم التي ضربت تلك الدول وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية ودول اوروبا الغربية، اما في الدول النامية فسوف تكون التبعات والآثار السلبية اكبر واضخم. 



 

لذلك نجد قيام عدد من المسؤولين الغربيين بزيارات للعواصم الخليجية، خاصة الرياض وابوظبي، لاقناع قادة تلك الدول بالدخول والانضمام لهم في حربهم الاقتصادية ضد روسيا، الآن ادركت العواصم الغربية اهمية ومحورية دول الخليج العربي التي لطالما تجاهلت تلك العواصم الغربية مطالب دول الخليج بضرورة ضمان امن تلك الدول وتفهم مخاوفهم الامنية عند الدخول في اي اتفاق مع دولة ايران التي لطالما سعت إلى تهديد امن واستقرار دول الخليج العربي، الان انتبهت العواصم الغربية الى فاعلية الدور الخليجي عالميا، الرئيس الامريكي جو بايدن حاول الاتصال بقادة السعودية والامارات لكن ما من مجيب، وهذا امر طبيعي لانه طوال السنوات الماضية لم يكن يصغى او يجيب عن تساؤلات قادة دول الخليج حول مغزى توقيع اتفاق مع ايران لم يراعِ مخاوف دول الخليج العربي الامنية، تجاهلوا مطالب تلك الدول مرتين، الاولى عند توقيع الاتفاق مع ايران عام 2015 والثانية الان مع الاعلان عن قرب توقيع اتفاق اخر معها. نسي او تجاهل مطالب السعوية والامارات، لم يدركوا ان دول الخليج العربي رقم صعب في المعادلة الدولية والاقليمية، اعتادوا أن قادة وزعماء دول الخليج العربي هم من يأتون إلى العواصم الغربية طالبين مراعاة خصوصية العلاقات وضرورة الحفاظ عليها، اليوم قادة وزعماء الدول الغربية هم من يتوافدون على السعودية والامارات طالبين المساعدة والانضمام لهم في حربهم ضد روسيا.

 

يريدون الفوز والنصر وضمان الابقاء على المعادلات الدولية التي ظهرت واقرت بعد الحرب العالمية الثانية وعلي الواقع الجيوسياسي والجيواستراتيجي الذي افرزته الحرب الباردة، والتحولات والتغيرات في موازين القوى العالمية التي ظهرت في حقبة التسعينيات من القرن الماضي. خاصة بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وتراجع الدور الروسي عالميا ومحاولات احتواء الصين والحيلولة دون الاعلان عن نفسها كقوة عالمية مناهضة ومنافسة للمعسكر الغربي. باختصار يريدون الحفاظ على ما هو قائم، ولكي يتحقق ذلك عليهم الاستعانة بالحلفاء القدامى الذين اداروا لهم ظهورهم ولم يلتفتوا الى مطالبهم ومخاوفهم المشروعة. 

 

من حق دول الخليج ان تحافظ على امنها واستقرارها وتحقيق مصالحهم وان تكون سياساتهم وليدة رؤية خاصة بهم وليست شروطًا واملاءات من عواصم غربية، فالخليج ليس نفطا كما يعتقد البعض انما هو سياسات وامكانيات وتحالفات، يسعى قادة دول الخليج الى الاستفادة من كل ذلك لصالح دولهم وشعوبهم لذلك فان سياسات قادة السعودية والامارات عبرت عن رؤية مستقلة لما ستكون عليه سلوك تلك الدول وتحالفاتهم في المرحلة القادمة وهي الرؤية التي سبق وأعلن عنها الامير محمد بن سلمان ولي عهد السعودية في رؤيته 2030، وكذلك سياسات وتحالفات الشيخ محمد بن زايد ولي عهد ابوظبي الذي جعل الامارات عضوا فاعلا في المنظومة الدولية والاقليمية ونموذج في التوازن والاعتدال وقد تجلى ذلك في سلوكها التصويتي داخل مجلس الامن والجمعية العامة للامم المتحدة.

 

انه زمن الخليج العربي وقت السعودية والامارات اللذين يستطيعان بث الاستقرار والامان في الاقتصاد العالمي اذا ما تم التعامل معهما على قدم المساوة والشراكة مع القوى الدولية والعالمية، هي اللحظة الحاسمة التي فيها تتبلور علاقة جديدة قائمة على الندية لا التبعية.  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز