هذا العملاق والأسطورة (شفاه الله) بخلاف إبداعاته التي لا تتوقف يمثل حضارة مستقلة لها فنونها وأخلاقها وآدابها وعلومها ولغتها الجميلة، لا يبخل عن أحد بالمساعدة والدعم لكل من يعرفونه عن قرب أو بُعد ليرسم حرفيًا أدوار وزارات تضامن وتكافل وسعادة متنقلة.
سمير صبرى أبرز أئمة الفكر الإعلامى المصري بالنسبة لى صاحب نظرية السعادة فى مشوارى الصحفى يفاجئنى بين الحين والآخر باتصال يثمر لقاء غير قابل للمسح من ذاكرتى يعنى أننى قادر على العطاء ويمنحنى طاقات إيجابية هائلة لإكمال المشوار الصحفى الصعب وأننى فى الطريق الصحيح.
فالأستاذ كان ولا يزال من أعظم قراء روزاليوسف على مدار 50 عامًا منذ عصر الأستاذ إحسان عبدالقدوس أسبوعيًا ويعرف أسماء من كبار الكتاب إلى صغار المحررين ويكفى هنا عندما تولى الكاتب الصحفى أحمد الطاهرى رئاسة تحرير المجلة تحدث معى وقال أنه سعيد بالدماء الجديدة وبمستوى التطوير الذي شمل صفحات المجلة، ومن جانبى استثمرت هذا الاتصال وطلبت منه عمل ندوة لكتابه الأخير «حكايات العمر كله» وافق عليها بسعادة رئيس التحرير وكانت ندوة لا تُنسى فى صفحات روزاليوسف سبقها ترحاب كبير وراقٍ من رئيس التحرير بمكتبه سجل فيه «لايف تاريخى» بصوته مشيدًا بالمجلة التي لا تتوقف فيها عجلة الإبداع وكتابة تاريخ مصر ومعبرًا عن انبهاره بتغطية رئيس التحرير بالانتخابات الأمريكية الأخيرة من قلب واشنطن وأنها كانت المرجعية الأساسية له.
أما عن حكاية غرامى بهذا الصرح المبدع فهى حكاية طويلة فقد فتحت عينى فى دنيا الإعلام على فنان شامل يتحدث أغلب اللغات وثقافة غير موجودة فى مصر وفتوحاته فى التليفزيون والإذاعة والسينما والاستعراض وتحول من وقتها إلى أيقونة ومثلاً أعلى أتطلع إليه وجامعة قبل وجود الجامعات المفتوحة فى مصر والعالم وعندما اقتربت من عالم الإعلام والفن وجدت الحلم الكبير يتحول حقيقة، أما عن سيناريو الحلم فهو لا يصدق وكنت وقتها قبل 20 عامًا أغطى مهرجان الإسكندرية السينمائى فجأة أبلغنى زملاء لى بأن الأستاذ سمير عايزك تتصل به وتوقعت أنه مقلب فى المهرجان من الزملاء وقلت لنفسى «سمير صبرى بحاله» بيسأل عنى وأنه عرف أنك موجود فى المهرجان بحاسته الإعلامية الخارقة وكان قبل ساعات من مغادرتنا الإسكندرية ولم أتمكن من مقابلته فى الوقت الذي تعاملت فيه عن سؤالى عنه بأنه مقلب بعد أسبوع أبلغونى بالمجلة أن الأستاذ سمير جاء ليسأل عنى وهنا تأكدت أن المقلب ليس حقيقيًا فى ثانى يوم فوجئت باتصاله بى ويالها من مكالمة انتهت بتحقق حلم لقاء الأستاذ، وعندما ذهبت إليه فى لقاء لا يُنسى قالى عايز تعد لى برنامج سيقدم فى رمضان بقناة دريم ولم أصدق أيضًا أننى سأكون وجهًا لوجه معه وجلسنا كثيرًا.. الفكرة التي كان يطلبها لعمل الحلقة بعد مليون تفكير هو ولا أحد غيره ينفذها باقتدار بينما تظل فى حالة انبهار من عبقريته وفكره الإعلامى السابق لعصره ولعقولنا 10 سنوات ضوئية إنه آلة إعلامية رائدة.
النجم القدوة سجل وهو على سرير المرض حلقة لا تُنسى بإذاعة الأغانى فى برنامجه الوثيقة «ذكرياتى» الثلاثاء الماضى وهى حلقة للتاريخ أخرجها آخر تلاميذه باقتدار وحب الإعلامى محمد تركى.. إنها حلقة تدرس للأجيال القادمة ولن تكون الأخيرة لهذا الكيان الإنسانى والفنى العظيم.
سمير صبرى لا يستحق فقط التفضل الكريم للجمهورية الجديدة بعلاجه على نفقتها كنموذج فذ بينما تعيد بناء وطن فى عصر قائد وملهم لا يمكن إلا أن تصفه سوى بأنه من «البنائين» العظماء الذين هم قلة فى تاريخ هذا الوطن إنه الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي يعيد أمجاد مؤسس مصر الحديثة محمد على باشا لكن هذه المرة بسواعد وعقول وأموال «صنع فى مصر».. بل يستحق «سمير» إطلاق اسمه على محور أو شارع أو استديو أو مؤسسة إعلامية ولن تبخل القيادة المصرية عن أحد نجوم قواتها الناعمة وكجزء من رحلة الاستشفاء ليعود لنا «أبو سمرة السكره» عملاقًا على الشاشة، كما كان أمس واليوم وغدًا بإذن الله ومبدعًا فى وطنه الذي يعشقه هذا الوطن الذي لا يكف عن ولادة المبدعين الخالدين والبنائين العظماء.



