عاجل
الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

الكوبرا في التراث الإفريقي القديم

د. إسماعيل حامد اسماعيل
د. إسماعيل حامد اسماعيل

لعبت الكوبرا دورًا مهمًا في معتقدات وطقوس الشعوب الإفريقية منذ أقدم العصور، ومن ثم، تعتقد بعضُ الشعوب البدائية أن حيوان "الكوبرا" يعد من الحيوانات التي يمكنها أن تبقى على قيد الحياة مدةً طويلةً، ومن الممُكن أن تبلغ "الكوبرا" من العُمر قرابة ألف سنة في ظنهم، ويعتقدون أيضًا أنه في منتصف عُمر "الكوبرا" يبدأ جسمُها في التقلص، ومن ثم فإنه يُصاب بحالةٍ من الانكماش، ثم يؤدي ذلك إلى لمعان جسد "الكوبرا" حتى يُضيء جسدها وكأنه معدن الفضة. ولما يصبح طول "الكوبرا" قدمًا واحدًا فإنها تضيء وكأنها تشبه معدن الذهب. 



 

ولعل ذلك من بين الدواعي التي أدت إلى "الربط التلقائي" بين الذهب والثُعبان (الحية). وعلى هذا ازدهرت عبادة الثعبان في غانة بمرور الزمن، وربما تبدو الفكرة الميثولوجية حول ما يسمى "الثُعبان المقدس" بشكلٍ واضح بها أكثر من غيرها من ممالك غرب إفريقيا. ومن ثم فعقيدة ما يُعرف بـ"االثعبان الحامي" لاقت رواجًا واسعًا بين السُكان في مملكة غانة وذلك منذ أقدم العصور. 

 

ومن معتقدات وطقوس بعض الشعوب والقبائل الإفريقية المحلية- ومنهم الماندانجو (الماندانج) الذي سكن غانة وغيرها من مناطق غرب إفريقيا- أنهم يعتقدون بأنهم يعيشون تحت حماية بعض الكائنات المقدسة، ومنها الأفعي أو الحيات. 

وفي بعض المجتمعات لا يجب أن تقتل الكوبرا عمدًا، وإذا قتلت واحدة منها فإن جسدها لا بد أن يحرق، ثم تقام لها الطقوس والشعائر كتلك التي تقام عند حرق جثة أي إنسان في المجتمعات التي تستخدم هذه العادة. وعند بعض المجتمعات تعبد المرأة العاقر الكوبرا في اليوم الخامس من كل شهر لمدة عام أو ثلاثة أعوام، وتقدم لها قرابين الزهور والماء واللبن.

 

وكان المصريون من أقدم الشعوب الإفريقية التي قدست "الثعبان"، وأقاموا له الطقوس والعبادات. وتبدو رمزية ودور "الثعبان" (أو الكوبرا) جلية حتى من خلال ما ورد عنه في بعض "المتون" في الديانات السماوية، ومن أهم ما ورد في ذلك، ما يذكره "سفر التكوين" عن "الحية" التي أغوت السيدة "حواء" لتأكل من الشجرة التي حرمها الربُ عليها، وعلى زوجها "آدم" وهما في الجنة بحسب "سفر التكوين". 

وكذلك عُرف الثعبان في مصر القديمة بتسميات أخرى: أبوفيس (أبوبي) Apophis، ويصور في هيئة شريرة، حيث يعتبر عدوًا لإله الشمس "رع"، الذي يسعى لتهديد العالم بالفوضى، حيث يقف هذا في انتظار مركب الشمس لإيقاف رع (الشمس) عن العبور لمداره حتى لع تشرق الشمس مرة أخرى. ولا يتوقف خطره إلا بالسحر الذي يقوم به بعض الآلهة، ثم قتل "الثعبان الشرير". 

 

وعرفت الكوبرا ب(واجيت) واعتبروها رمزًا حاميًا لمصر السفلى. كما عُرفت "الحية" باسم: (مرت-سجر) Mert-Segret، وصورت في هيئة كوبرا أو امرأة برأس بشري أو رأس ثعبان، وكانت تدعى سيدة الغرب وعالم الموتي. وتتجلى فكرة الثعبان في كتاب الكهوف، ويبدو فيها بمثابة القوى التي يتميز بها العالم الآخر، إذ توجد الثعابين بكثرة لافتة في كهوف هذا العالم. 

 

ووضع المصريون القدماء تصورات لاهوتية عديدة للثعبان (الكوبرا)، فجعله الكهنة معبودًا في هيئات رمزية، سواء ما يرتبط منها بالخير، وحماية الإنسان، أو في صورة شريرة، وكانت أكثر أشكال المعبودات في صورة أنثى مثل رننوتت Rennutet، وواجيت Wadjet، والأوريوس Uraeus. كما ورد في نصوص الأهرام اسم معبودات في هيئة الثعبان: نحب كاو Nehebakau.

 

وارتبط الثعبان بـ"المياه الأزلية" PrimordialWater المدعو (نون) Nun، وارتبطت آلهة ثامون الأشمونين Ogdood بالثعبان المقدس.  

 

متخصص في التاريخ والتراث الإفريقي

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز