نائب رئيس المجلس المصرى للشئون الإفريقية لـ«روزاليوسف»: سد النهضة ومكافحة الإرهاب أولويات الرئاسة السنغالية للاتحاد الإفريقى
حوار - أحمد امبابي
تزامنا مع الذكرى العشرين لإعلان تأسيس الاتحاد الإفريقى، استضافت العاصمة الاثيوبية أديس أبابا قمة الاتحاد الافريقي، رقم 35 فى الفترة من 5 حتى 6 فبراير، ناقشت خلالها عددا من القضايا التي تتعلق بالسلم والأمن الإفريقى وتداعيات جائحة كورونا والهجرة والفقر والتكامل الاقتصادي، و الخطوات العملية من «خارطة طريق لإسكات البنادق» وإنهاء الحروب الأهلية فى القارة.
فى كلمة مصر التي ألقاها وزير الخارجية سامح شكري، استعرضت الرؤية المصرية لقضايا السلم والأمن فى القارة الإفريقية، وأكد وزير الخارجية على ضرورة العمل من أجل البحث عن الأسباب الحقيقية وراء الاضطرابات الداخلية التي تشهدها بعض الدول الإفريقية فى ظل ما تواجهه من مشكلات أمنية واقتصادية، وعدم الاكتفاء برد الفعل.
وأوضح أنه يجب تدعيم الهياكل المؤسسية للحكومة الوطنية وصياغة استراتجية إفريقية واضحة للقضاء على خطر التطرف والإرهاب، مشيرا إلى حرص مصر على العمل مع الدول الإفريقية لتخطى ما تواجهه من تحديات وتحقيق أهداف وتطلعات شعوب القارة نحو مستقبل أفضل.
وفيما يتعلق بملف إعادة الإعمار أشار وزير الخارجية إلى إطلاق مركز الاتحاد الافريقى لإعادة الاعمار والتنمية فيما بعد النزاعات بالقاهرة فى ديسمبر الماضي، والذي من شأنه أن يُمثل الذراع التنفيذية لسياسة إعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات التي اعتمدها الاتحاد الإفريقى.
قمة أديس أبابا التي شهدت تولى دولة السنغال رئاسة الاتحاد الإفريقى هذا العام، خرجت بمجموعة من التوصيات المهمة والتي تتعلق بمجموعة من التحديات الإفريقية، وعلى رأسها قضية الانقلابات المتكررة وخطر الارهاب، فضلا عن تشكيل لجنة للنظر فى قضية منح عضوية لإسرائيل بصفة مراقب فى ظل انقسام الدول الإفريقية على هذه الخطوة.
«روزاليوسف» تقدم قراءة فى قرارات وفعاليات قمة الاتحاد الإفريقى، ودلالات رئاسة السنغال للاتحاد الإفريقى هذا العام، فى حوار مع السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الإفريقية.
وإلى نص الحوار..
■ بداية كيف تابعت فعاليات قمة الاتحاد الإفريقى رقم 35 وأهم ما خرج منها من توصيات وقرارات؟
- القمة ناقشت عددا من القضايا والتحديات الافريقية، بداية من ظاهرة الانقلابات فى كثير من الدول الافريقية، حيث أخذ هذا الجانب اهتماما كبيرا من نقاش القمة، وجاء الموقف الافريقى باتخاذ إجراءات منها تعليق عضوية الدول التي تشهد ذلك، لكن نحن فى حاجة لمزيد من التشدد وفرض عقوبات، مثلما فعلت مثلا مجموعة الإيكوس فى غرب إفريقيا تجاه الانقلابات فى مالى مثلا، حيث هناك عقوبات تفرض من أجل العودة إلى المسار الديمقراطى فى تلك البلاد.
وأرى أن الاتحاد الإفريقى لم يصل إلى هذه الدرجة من العقوبات، خصوصا ان هناك اختلافا بين تطورات الاوضاع السياسية والأمنية من دولة لأخرى، وتختلف الحالة من دولة لأخرى، فهناك مثلا انقلابات لاقت تأييدا شعبيا مثلما حدث فى مالي، لكن فى النهاية كان هناك تأكيد من جانب دول الاتحاد الافريقى لاتخاذ مواقف أكثر فعالية لمنع تكرار الانقلابات فى إفريقيا مرة أخرى.
■ ماذا عن الموقف الإفريقى تجاه طلب منح إسرائيل صفة مراقب بالاتحاد الافريقي وحالة الجدل بهذا الأمر؟
- ما صدر عن هذا الأمر هو تشكيل لجنة لبحث هذا الموضوع، خصوصا أن هذا الطلب لاقى انقساما واختلافا من قبل الدول الإفريقية، بين فريق رافض لهذا الأمر وعلى رأسه الجزائر والدول العربية وجنوب إفريقيا ويرى ضرورة سحب هذا القرار وإلغائه، وفريق اخر يرى انه لامانع من ذلك خصوصا أن إسرائيل كانت موجودة بصفة مراقب وقت منظمة الوحدة الإفريقية ولكن عند تأسيس الاتحاد الإفريقى تم رفض هذا الطلب.
وأرى أن تشكيل لجنة من رئاسة الاتحاد الإفريقى للنظر فى أمر منح إسرائيل عضوية مراقب، هى تجميد لهذا القرار، وتابعنا أن الجامعة العربية رحبت بهذا الموقف.
■ كيف ترى رئاسة دولة السنغال للاتحاد الإفريقى هذا العام.. وإلى أى مدى يمكن التعويل على الرئاسة السنغالية للتعامل مع التحديات والقضايا الإفريقية؟
- السنغال دولة لها تأثيرها ووزنها فى إفريقيا ومحيطها الإقليمى وعلى المستوى الدولي، ولها دور فى مكافحة الإرهاب من ناحية الفكر فى منطقة غرب إفريقيا التي تعتبر بؤرة نشطة للإرهابيين، وأتوقع أن تكون الرئاسة السنغالية لديها إدراك لهذه الابعاد والتحديات الإفريقية خصوصا ملف الإرهاب وملف سد النهضة، خاصة أن السنغال لديها تجربة ناجحة فى إدارة والشراكة بأحد الانهار الدولية وهو نهر السنغال.
وخلال قمة الاتحاد الإفريقى، كان هناك اهتمام كبير بمكافحة الارهاب والهجرة غير الشرعية والنازحين، حيث كان اهتماما كبيرا بملف مكافحة الارهاب وضرورة ان يكون هناك تعاون إقليمى ودول لان ظاهرة انتشار الارهاب والانقلابات العسكرية كانت متصاعدة هذا العام فى افريقيا، وبالتالى أصبحت هناك ضرورة لمواجهة هذا الخطر، خصوصا أن هناك دولا تشهد وجود انتشار لمليشيات ومرتزقة وتعطى مبررا لتدخل أجنبى بداخلها.
الملف الآخر وهو ملف سد النهضة، باعتباره قضية تؤثر على الأمن والسلم الإفريقى، وبالتالى يمكن ان يكون لها دور فى هذا الملف خصوصا وان السنغال كما قلنا لديها تجربة ناجحة لتقديم شراكة على أحد الأنهار الدولية وهو نهر السنغال.
■ إلى أى مدى يمكن أن تقوم السنغال بدور فاعل فى ملف سد النهضة.. وأن تعيد مسار المفاوضات مرة أخرى فى ظل رئاستها للاتحاد الإفريقى؟
- السنغال تعد نموذجا فى التعاون بملف المياه، حيث هى دولة شريك مؤسس لمنظمتين للتعاون الاقليمى بشأن الأنهار الدولية واكثرهما نجاحاً على الصعيد الإفريقى والدولى وهما منظمة حوض نهر السنغال ومنظمة حوض نهر جامبيا، وكلتا المنظمتان تعملان من أجل الاستفادة المائية والكهربائية والتنموية لصالح الدول المتشاطئة على هذين النهرين، وبالتالى يمكن أن تقديم التجربة السنغالية فى إدارة الأنهار الدولية لدول حوض النيل.
بالإضافة الى تولى السنغال رئاسة المنتدى العالمى للمياه الذي ستستضيفه فى 20 الى 27 مارس المقبل وهو منتدى سيتناول قضايا الأمن المائى على الصعيد الوطني والدولي، ولن يكون ملف سد النهضة باعتباره مهددا للأمن والاستقرار الاقليمى بعيداً عن هذا المنتدى المهم الذي سيشارك فيه قادة دول عديدة وخبراء ووزراء المياه ليس فقط من إفريقيا ولكن على المستوى الدولى. وبالتالى يمكن من خلال هذا المنتدى أن تسهم السنغال فى حلحلة قضية سد النهضة، خصوصا أن هناك توافقا من قبل المجتمع الدولى حول أحقية مصر والسودان ومطالبهما القانونية فى تلك القضية.
وأزمة سد النهضة لها 3 جوانب: قانونى وفنى وسياسي، والموقف القانونى فى صالح مصر والسودان والمجتمع الدولى يدعم ذلك، أما الجانب الفنى، فهناك شكوك كثيرة حول بنية السد وقصور فى عملية البناء، مما يجعل هناك مخاطر كثيرة خصوصا على دولة السودان، وبالتالى يجب ان يكون هناك تحرك سريع من المجتمع الدولى قبل الملء الثالث حتى لا يكون هناك خطر يهدد دولتى المصب.
أما الموقف السياسي، فهو من الجانب الإثيوبى حيث لا توجد إرادة إثيوبية للتجاوب مع المجتمع الدولى ومع مطالب مصر والسودان، وبالتالى نحن أمام مشكلة سياسية فى الاساس، والسنغال لديها القدرة على التأثير فى الموقف الإثيوبى بتلك القضية، ومنع محاولات فرض الأمر الواقع.
■ كيف تابعت زيارة رئيس جيبوتى إسماعيل عمر جيلة للقاهرة ومباحثاته مع الرئيس السيسي التي أكدت التعاون الاستراتيجى بين البلدين؟
- الزيارة فى غاية الأهمية بحكم الموقع الجغرافى لجيبوتى وتكتسب أهمية استراتيجية بالغة لأنها تعتبر البوابة الجنوبية لمضيق باب المندب، مما تكسب أهمية كبيرة فى مجال الأمن، وهناك تعاونا أمنيا وعسكريا بين مصر وجيبوتى ويتطور ويتزايد خاصةً فى مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وما يتعلق بإرسال بعثات من جيبوتى إلى مصر فى المعاهد العسكرية والمجال الأمنى ومصر فى هذا الصدد تدعم جيبوتى بقدر كبير.
والمجال الاقتصادى به فرص واعدة لدعم العلاقات الاقتصادية والتجارية بما يتعلق بذلك المجال، خاصةً بما يتعلق بمجال البنية التحتية والطاقة وبناء القدرات؛ وما يتعلق بالمجال التعليمى بإرسال بعثات إلى الأزهر الشريف والتعليم الفنى بصفة خاصة، والعلاقات اللوجستية وإنشاء مركز لوجيستى لمصر فى جيبوتى.
ومن ملفات التعاون المهمة بين البلدين، ملف أمن البحر الأحمر خصوصا تأمين حركة الملاحة فى مضيق باب المندب، كما ان جيبوتى لها علاقة بقضية سد النهضة باعتبار انها دولة لها علاقات مميزة مع إثيوبيا حيث إن 80% من الصادرات الإثيوبية تتم عن طريق جيبوتى وبالتالى لديها القدرة على التأثير على الجانب الإثيوبى باعتبار ان تلك القضية تؤثر على أمن واستقرار المنطقة.
أيضا فى المجال الاقتصادى هناك اهتمام لدعم النشاط التجاري ومن ابرز الجهود إنشاء المنطقة اللوجستية المشتركة هناك، وتدعيم العلاقات فى مجال الزراعة والبنية التحتية وتطوير العلاقات بين البلدين فيما يتعلق بالنقل البحرى، هذا بجانب الاتفاق على مواجهة جائحة كورونا فيما يتعلق بتوفير اللقاحات وتوزيعها بشكل عادل.
وفيما يتعلق بموضوع المناخ، مصر ستسضيف المؤتمر الدولى للمناخ، فى شرم الشيخ، فى نوفمبر المقبل، وبالتالى مصر تقوم بجولات وحوارات لرؤية المناخ لمواجهة تحديات المناخ، خاصة على المستوى الإفريقى باعتبارها أكثر المناطق تأثرا بالتغيرات المناخية رغم أنها ليست المتسبب فيها، بجانب توفير التمويل اللازم لمواجهة تحديات المناخ وقيمتها 100 مليار دولار سنويا والتي تم التأكيد عليها فى مؤتمر باريس.
■ فى نفس الوقت.. كيف تابعت أهمية زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي للصين للمشاركة فى افتتاح دورة الالعاب الشتوية ولقائه مع الرئيس الصينى؟
- العلاقات المصرية مع الصين علاقة شراكة الاستراتجية، وتشمل كل المجالات، خصوصا فيما يتعلق بعمليات تصنيع والاستفادة من الصين وأمكانيتها فى منطقة قناة السويس، ومنطقة الحزام والطريق ومصر لها دور محورى فى هذه المنطقة والتوجه نحو زياة الاستثمارات بما يحقق نوعا من النشاط التجاري المتنامى.
والصين قطب من الاقطاب الدولية الصاعدة بالتالى هناك علاقات شراكة من الجانبين، كما أن الصين يمكن ان تلعب دورا فى قضية سد النهضة، لأن لها استثمارات فى إثيوبيا ويمكن أن يكون لها دور مؤثر، وإن كان الدور الإثيوبى حذرا فى هذا الملف لأن لديها انهارا تنبع من أراضيها.