

صبحى مجاهد
فن الرذيلة
طالعت خلال الأيام القليلة الماضية كثيرًا مما كتب عن أحد الأفلام المعروضة على منصة إلكترونية، ولم أكن لأنتقد لولا أنني شاهدت جزءًا من هذا الفيلم فأصابني صدمة كبيرة، حينما وجدت فنانين أقدرهم بذلوا جهدًا ليجسدوا شخصيات تمثل فئة انحرفت عن الحياة الطبيعية لمجتمعنا المصري.
والسؤال الذي دار في نفسي: منذ متى ونحن ننشر الرذيلة تحت ستار الفن الهادف؟ حتى وإن كان وجودها واقعًا، قد تكون الرذيلة محدودة في فئة بسيطة، وتؤدى على استحياء من المجتمع، لكننا بتقديمها دراميًا نشارك في نشرها ونعطي فرصة لأصحابها بالظهور أمامنا بكل جراءة.
ويسأل البعض كيف سيتعامل صاحب الرذيلة بجرأة في مجتمع قوامه الطبيعي أنه متدين بالفطرة مثل مجتمعنا المصري؟ والرد في هذا بسيط، وهو أنك بتقديم دراما تجسد رذيلتهم وطبعهم الشاذ، فإنهم يرون في ذلك نشرًا لحق لهم، فلا يتخفون عندها عن المطالبة باستمرار نشر هذا الحق.
وللأسف نحن في مجتمع يسير وراء كل ما يقدم دراميًا نظرًا للخواء القيمي والعاطفي الذي نعيشه في زماننا، وسط ضعف التربية والخلل في الفهم.
إننا حين ننتقد عملًا يقدم رذيلة.. فإننا لسنا حراس فضيلة، وإنما نقدم رؤية نابعة من حبنا لمجتمعنا، وكفى ما رأيناه من ظهور دراما العنف وما أحدثته من تغير في سلوكيات الأطفال والمراهقين.. والسؤال: هل نريد أن نكرر الأمر بدعوى أن الفن مرآة المجتمع؟!
إن الأولى لمن يرفعون شعار الفن الهادف أن يبحثوا عن الايجابيات ليقدموها كنموذج يقتدى به مجتمعيًا، وينجذب إليه أبناؤنا ليصبحوا نموذجًا نفتخر به أمام العالم.
أما البحث عن الخطيئة وأفعال الرذيلة وعرضها تحت أي دعاوى فهذا ليس له إلا معنى واحد، وهو أننا نقدم أنفسنا على أننا مجتمع الانحلال فيه هو السمة الرئيسية، وهذا لا يتفق مع مجتمعنا المصري الذي علّم العالم معنى التديبن الوسطي، وحب الأخلاق ونشرها.
إن الفن المصري بتاريخه أرقى بكثير من أن نجعله بابًا لنشر فكر الساقطين، وإنما هو فن راقٍ يقود المجتمع نحو قيمه الأصيلة التي تنسى تحت وطأة انشغال الأسر بمتطلبات العيش، إلا أن مجتمعنا يظل في النهاية مجتمع القيم والأخلاق، وهذا ما يجب أن يصر على تقديمه الفن المصري.