
سحر الجنوب.. الدورة الـ14 ملتقى الأقصر الدولى للتصوير ( 3-5)

سوزى شكرى
بنظرة عامة على الأعمال المعروضة بقاعة عرض اعمال الملتقى بالأقصر، تتواجد الاتجاهات الفنية الحديثة والمعاصرة وتنوع فى الخامات والمعالجات والتقنيات.
مما يشير الى حرص اللجنة العليا فى اختياراتها على وجود التعديدية، وتضم اللجنة العليا للملتقي كلًا من: أ.د عماد أبو زيد- الأستاذ بكلية التربية الفنية جامعة حلوان قوميسير عام، أ.د صفية القباني - نقيب الفنانين التشكيليين، أ.د خالد سرور رئيس قطاع الفنون التشكيلية، أ. دعادل ثروت - الأستاذ بكلية التربية الفنية - جامعة حلوان، أ.د أحمد هنو - عميد كلية الفنون والتصميم بجامعة الجلالة، أ.د جيهان فايزـ الأستاذ بكلية الفنون الجميلة- جامعة المنيا، أ.د أمل نصر- الأستاذ بكلية الفنون الجميلة - جامعة الإسكندرية، أ.د صالح عبد المعطى - الأستاذ بكلية الفنون الجميلة – جامعة الأقصر .
سحر الجنوب
للجنوب سحر خاص، وما أروع أن يصبيك سحر الجنوب فى اعتقادى الشخصى رأى وليس فرضًا أن الفنان التشكيلى لم يتأثر بوجوده فى رحاب الحضارة المصرية بكل معطياتها الثرية وكنوزها، ينقصه الكثير وأضاع على نفسة فرصة ربما يصعب تعويضها، وإلا فما الداعى لوجود الفنان بالاقصر.
الإشكالية فى جملة واحدة "أنها حضارة أبدعها فنان ويحاورها فنان معاصر"، ليس الأمر متوقفًا على أن يكون المحاور المعاصر فنانًا واقعيًا قادرًا على تسجيل المشهد، بل أن يكون فنانًا معبرًا عن تأثره بحسب رؤيته وفلسفته وأسلوبه ومذهبه الفنى وخصوصية أدواته الوجدانية والفنية وتقنياته.
لذا قبل قراءة أعمال فناني الملتقى وتحليلها، قمت بعمل فرضية خاصة برؤيتى النقدية، قد أكون على خطأ فى فرضيتى، وقد أكون على صواب، وهى تقسيم أعمال الفنانين إلى ثلاث مجموعات:
المجموعة الأولى: فنانون أصابهم سحر الجنوب وتأثروا، وجميعهم مواهب مبشرة أتوقع لهم نجومية فى الحركة الفنية، إذا استمروا بنفس الاهتمام كل من: أحمد يحيى البدوى، خالد العجيزى، آية عبد المنعم، بلال قاسم، أحمد سنبل، هدير زردق، محمود عاشور .
المجموعة الثانية: هم: الفنانة سلمى العشرى، والفنان كريم حلمى، ريهام قاسم، قدموا أعمالًا فنية مميزة تنم عن وجود خلفية فكرية وفلسفية، إلا أن أعمالهم ابتعدت عن معطيات الحضارة ولم تبعد عن كونها فنًا وبصمة خاصة، متعارف عليه أن الصورة التراكمية الثابتة عن وجود الفنان بالاقصر أن يكون المنتج الفنى متوافقًا ومتسقًا مع أثر المكان وتأثيره، ولكن واجب علينا البحث عن الاسباب التي جعلت الفنانين يقدمون أعمالًا مغايرة بالتأكيد ليست تقصيرًا، نحن نتحدث عن فن وليس تعليمات وأوامر .
ومن خلال حضورى لبعض الدورات السابقة، حدث ذلك كثيرًا ومن الاسباب التي رصدتها: أن بعض الفنانين ربما لديهم تخوف من الخوض فى تجربة فنية جديدة، حرصًا على ضمان المنتج الفنى الذي اعتاد عليه، والذي تم ترشيحه على أساسه، وآخرون جاءوا الى الملتقى محملون نفسيًا وفكريًا بمثير آخر استمر فى فرض وجوده على اختياراهم فاستسلموا له، وأجد فى ذلك قدرًا من المصداقية لان الفنان يقوده وجدانه قبل بصره.
ومن جانب آخر كما ذكرت أن التأثر بالمكان ليس له فترة زمنية محدودة، قد يحدث فى توقيته وقد يحدث فيما بعد، وهذا حدث بالفعل مع فنانين مصريين وعرب وأجانب فى دورات سابقة بعد مرور سنوات على زيارتهم للاقصر قدموا معرضًا كاملًا من مخزونهم البصرى عن فترة الملتقى .
المجموعة الثالثة: فنانون أصحاب مشروع فنى ومسيرة طويلة سنوات من العطاء الفنى التشكيلى والثقافى والتمثيل المشرف لمصر، لهم دور أكاديمى فى تقديم المواهب الجديدة، هما عشاق الحضارة بدءًا من حكايات الاحجار إلى النصوص البصرية، هم الفنان دكتور محمد عرابى، الفنان دكتور حسام صقر، الدكتور محمد بنوى، الفنان الكبيرماهر جرجس، الفنان فارس أحمد،دعاء حاتم، رانيا فؤاد، وأيضا ضيوف مصر والملتقى من الدول العربية والأجنبية (ميلكـا فويوفيتش، فاسيليـس جالانيـس، ميجل بومر، ومن الدولة العربية د. صبيح كلش، عوض أبو صلاح، كمال أبوحلاوة ).
من الشباب تكون البداية
الفنان "أحمد يحيي البدوى"، قدم لوحتين حدد المجموعة اللونية المونكروم، الأولى اللون الازرق والثانية البنى، كلتاهما اختيار فلسفى لحالة اللون فى المصري القديم، كما اختار النجمة الفلكية الخماسية ذات الخمسة أشعة المزينة بسقف “وادى الملوك”، جعل النجمة خلفية للعنصرالبشرى أو سند وظهر لهم، رمز لخلود الحضارة، استخدم "البدوى" النجمة بشكل مصفوفة هندسية منتظمة.
العمل الأول، "امرأة" من جميلات الجنوب تجلس بهدوء يبدو عليها الاستغراق فى التأمل، ظلال ساكنة أسفل قدميها تلك الظلال قادمة برسالة من أضواء النجوم المصوفة خلفها بانتظام، مجموعة لونية فيروزية عطرة جمعت بين صفاء السماء وبراح النهر الخالد.
والعمل الثانى، رجل يبدو على ملامحه آثار الزمن وهيبة الصعيد، يمسك بيديه عصا الجنوب.
والفنان خالد العجيزى ومجموعة لونية للمونوكروم الازرق الفيروزى المحمل بفلسفة المصري القديم، اختار العنصر البشرى للوحتين فلاح الصعيد، أثناء عمله وهو إزالة الاشواك من الارض تشير على تعبيرات أطراف الايد مدى المعاناة والشقاء فى العم، إلا أنه يؤديها بمحبة وعشق للارض هكذا أبناء الجنوب، وتجلس بجانبة القطة السوداء دون أن تزعجه بل تحرسه، قيل عنها فى مصر القديمة تسمى القطط "ماو"، ولها قدسية خاصة أطلقوا عليها ألقابًا، منها "باستيت" إلهة الحنان والوداعة، وذكرت فى الميثولوجية وأساطير المصري القديم، واختيار مميز يدل على أن "العجيزى" سحرت مفردات الحضارة وذلك فى وجود الطائر يجلس على رجل الرجل، حيث إن الطيور لها دلالات دينية مقدسة ورمز لغوي للكتابة المصرية الهيروغليفية، ومن الطيور اختصوا طائر "أبو منجل" وجعلوه إلهًا للكتابة الإله "تحوت" .
والفنانة آية عبد المنعم، حالة خاصة متعايشة فنيُا وجدانيًا مع آلهة المصري القديم، حالمة رومانسية، المجموعة اللونية أيضا مونوكروم الازرق، سحرتها "نوت" آلهه السماء إحدى أقدم الألهة في المصري القديم، التي يستريح العالم تحت جسدها الممشوق، قدمت الفنانة علمين، كلاهما فيهما ملكة جميلة من جميلات المصري القديم ترتدى رداءً أبيض فضفاض تمسك بآلة "الناى" تعزف نغمات وإيقاعات ما زالت سرًا لا نعرفها بل نحسها فى حركة بطء حركة النهر، الاضواء تسقط من نجوم السماء اللامعة، وتجلس الملكة أو ربما "آية" نفسها جالسة على ضفاف النهر الخالد، تعزف الناى، وانضم إليها زهور النهر نباتات وردية تتمايل على إيقاعات الناى، وفى أعلى اللوحة تقوم نوت برحلتها بين السماء والارض لتبعث من جديد تحية لحضارة خالدة وتحية للمرأة والتي كرمتها الحضارة المصرية.
نكمل فى الحلقة الرابعة باقى سرد أعمال الفنانين بحسب المجموعات ..