مصر ترأس تجمع دول الكوميسا لأول مرة منذ 20 عاما
انفتاح اقتصادى وتجارى على السوق الإفريقية
أحمد إمبابى
تسلمت مصر فى الثالث والعشرين من نوفمبر الجارى رئاسة قمة الكوميسا، وهى اتفاقية السوق المشتركة لدول شرقى وجنوبى إفريقيا، فى دورتها الحادية والعشرين، خلال اجتماع تجمع دول الكوميسا بمدينة السلام فى شرم الشيخ، وذلك بعد 20 سنة من آخر مرة تولت فيها الدولة المصرية رئاسة تجمع الكوميسا فى 2001.
قمة شرم الشيخ التي شارك فيه ممثلو دول تجمع الكوميسا، تعقد عقب مرور 3 سنوات على آخر قمة عقدت فى يوليو 2018 فى لوساكا بزامبيا، وجاء شعار قمة شرم الشيخ، ليتفاعل مع تحديات القارة الإفريقية خصوصا تجمع الكوميسا على المستوى الاقتصادى، وهو «تعزيز القدرة على الصمود من خلال التكامل الاقتصادى الرقمى الاستراتيجى» حيث استهدفت القمة حشد الدول الأعضاء للحفاظ على أجندة التكامل الإقليمي، وتعزيزها من خلال استخدام المنصات الرقمية فى ظل حالة عدم اليقين التي تكتنف طبيعة الصدمات.
دلالات ورسائل كثيرة تحملها رئاسة مصر لتجمع الكوميسا هذا العام، حيث إنها تأتى فى توقيت مهم تبحث فيه الدول الإفريقية لتعزيز معدلات التجارة البينية فى القارة الإفريقية، وأيضا فى ظل أزمة اقتصادية عالمية خصوصا بعد تأثير جائحة كورونا على الاقتصاد العالمى وحركة التجارة العالمية. وتأتى أيضا فى توقيت تتبنى فيه الدولة المصرية سياسة الانفتاح على القارة السمراء، وفى القلب من ذلك الانفتاح التجاري والاقتصادي، وهو ما ظهر خلال السنوات الأخيرة فى عدد من الفعاليات الاقتصادية الإفريقية التي استضافتها مصر خصوصا قمة التكتلات الاقتصادية الإفريقية، ومنتدى الاستثمار الافريقى، وصولا بقمة تجمع هيئات الاستثمار الإفريقية فى يوليو الماضى بشرم الشيخ لدعم التجارة البينية.
مكاسب مصر من الكوميسا
تجمع دول الكوميسا تضم 21 دولة إفريقية لدول الشرق والجنوب الإفريقى أحد التجمعات الاقتصادية الإفريقية، تم إنشاؤها 1994، وانضمت اليها مصر فى 1998 وبدأت فى تطبيق الإعفاءات الجمركية مع باقى الدول الأعضاء اعتبارا من فبراير 1999.
ومن أكثر المكاسب التي حققتها مشاركة مصر فى هذا التجمع كان فتح نوافذ جديدة للصادرات المصرية لسوق تتجاوز عدد سكانها 400 مليون نسمة، كما أن السلع المصرية تتمتع بإعفاء تام من كل الرسوم الجمركية للدول الأعضاء، فضلا عن الاستفادة من المساعدات المالية التي يقدمها بنك التنمية الإفريقى.
30% من الصادرات
وفقا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فإن حجم التبادل التجاري مع دول الكوميسا وصل 3 مليارات دولار عام 2020، وتركزت الصادرات فى المنتجات الحيوانية والتبغ والمشروبات وقد احتلت هذه المنتجات نسبه قدرها (30%) من اجمالى الصادرات وجاءت ليبيا فى المركز الاول بنسبه تصل الى (35%) فى حجم التبادل التجاري بين دول التجمع.
وفقا لتقرير المركزى للإحصاء، فإن الصادرات المصرية لدول الكوميسا انخفضت فى عام 2020 عن العام السابق له بنسبة 8.2%، وقد يكون السبب جائحة كورونا وتأثيراتها على حركة التجارة فى العالم.
منصة 50 مليون امرأة إفريقية
وبالتزامن مع رئاسة مصر لتجمع دول الكوميسا، تبنى جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة التابع لوزارة الصناعة والتجارة، تفعيل خدمة المنصة الإفريقية «صوت 50 مليون امرأة إفريقية» وهى مبادرة دشنتها الوزارة العام الماضى بالتعاون مع تجمع الكوميسا.
وتعتبر المنصة الإفريقية «صوت خمسين مليون امرأة إفريقية» أول منصة إلكترونية تربط بين 50 مليون امرأة فى مجال الأعمال التجارية والصناعية داخل 38 دولة إفريقية، بحسب الجهاز.
وتهدف هذه المنصة إلى تفعيل التواصل التجاري والصناعي بين ملايين النساء من أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة ورائدات الأعمال بالقارة الإفريقية.
دعم مصر لدول الكوميسا
وأشار التقرير الى أن أبرز جهود مصر لتعزيز التعاون مع دول الكوميسا، كان تفعيل اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية والتي دخلت حيز التنفيذ فى يناير 2021، وتطبيق برنامج جسور التجارة العربية الإفريقية لرفع وعى المنتجين المصريين بالفرص التصديرية المتاحة، والشروع فى تنفيذ مشروع القاهرة – كيف تاون بهدف تقليص مدة شحن البضائع إلى 4 أيام بدلا من 28 يوما، وقيام الشركات المصرية برفع كفاءة البنية التحتية فى دول الكوميسا.
وتبنت الدولة المصرية مجموعة من الاجراءات بهدف تعزيز التجارة مع دول الإفريقية، وعلى رأس تلك الإجراءات، هو دخول اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية حيز التنفيذ، وقت رئاسة مصر للاتحاد الإفريقى فى 2019، لتكون علامة فارقة فى مسيرة التكامل الاقتصادى للقارة، وستنشئ أكبر منطقة تجارة حرة فى العالم، وهو ما يمهد الطريق إلى اندماج القارة فى مؤسسات وآليات الاقتصاد العالمى.
هذا بجانب قرر الرئيس السيسى، خلال منتدى إفريقيا فى ديسمبر 2018 إنشاء صندوق ضمان مخاطر الاستثمار فى إفريقيا؛ لتشجيع المستثمرين المصرين والأجانب بالتوجه نحو الاستثمار بإفريقيا والمشاركة فى تنمية القارة السمراء.
حركة التجارة أخر 5 سنوات
فى أغسطس 2021، أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء تقريرا عن حجم التجارة المصرية مع تجمع دول الكوميسا، وقال إن دول الكوميسا من أهم الأسواق الواعدة للصادرات المصرية داخل إفريقيا.
وأشار التقرير إلى أن 37% من سكان إفريقيا يعيشون فى دول الكوميسا، و49% متوسط التبادل التجاري بين مصر ودول الكوميسا خلال الفترة من 2015/2020 من إجمالى التبادل التجاري مع إفريقيا، وأن آخر إحصاء لحجم التجارة مع هذه الدول فى 2020 وصل 3 مليارات دولار، بجانب 1.4 مليار قيمة الفائض التجاري لصالح مصر.
وأشار التقرير إلى تنوع صادرات مصر مع دول الكوميسا ما بين: مواد غذائية وسلع استهلاكية ومواد بناء ومواد كيميائية، وأن ليبيا هى أعلى دول الكوميسا استيرادا من مصر فى 2020 بقيمة 573 مليون دولار.
أبرز السلع المصرية لتجمع الكوميسا
تتسم الصادرات المصرية إلى الكوميسا بالتنوع النسبى مقارنةً بوارداتها، وتتمثل أهم الصادرات المصرية إلى دول الكوميسا فى الآتى:
- مواد البناء مثل الحديد، والصلب، والأسمنت.
- المنتجات الكيماوية، والدوائية، والورقية، والأدوية.
- الصناعات الغذائية، والسكر، والزيوت والشحوم .
- الأرز، والفواكه، والخضراوات.
- أما الواردات المصرية فتأتى البن، والشاى، والتبغ، والثمار الزيتية، والسمسم، والحيوانات الحية، والنحاس.
وتأكيدا على زيادة التواجد المصري فى القارة الافريقية، أشارت منظمة دول السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا «الكوميسا» فى تقرير لها العام الماضى أن مصر استحوذت على أكبر عدد من المشروعات الاستثمارية المنفذة داخل دول تجمع الكوميسا فى النصف الأول من عام 2020 بإجمالى مشروعات منفذة وصلت إلى 32 مشروعا، ما يمثل نحو 32% من إجمالى عدد المشروعات بدول التجمع.
وأوضح التقرير أن منطقة دول كوميسا شهدت إقامة نحو 100 مشروع باستثمارات أجنبية مباشرة خلال الفترة ما بين شهر يناير حتى يوليو الماضى مقابل 228 مشروعا خلال الفترة ذاتها من العام الماضى ما يمثل انخفاضا قدره 56.14% تعود أسبابه إلى أزمة تفشى جائحة فيروس كورونا، وأشار التقرير أن أكبر عدد من المشروعات التي أقيمت هذا العام، تمت خلال شهر يناير الماضى بإجمالى بلغ 22 مشروعا ما يشكل 22% من إجمالى المشروعات المعلن عنها داخل دول التجمع.
وعلى صعيد رأس المال الاستثمارى، فقد أوضح التفرير أن إجمالى تكلفة المشروعات المقامة قد بلغ نحو 4.23 مليار دولار، بتراجع قدره 70.95% عن التكلفة المسجلة خلال الفترة ذاتها من العام الماضى والبالغ إجماليها 12.4 مليار دولار.
وأوضح تقرير منظمة «كوميسا» أن الصين صاحبة أكبر حصة من الاستثمارات المباشرة داخل المنطقة الإفريقية بنحو 17 مشروعا ما يشكل 17% من إجمالى المشروعات المعلن عنها هذا العام يليها كل من دولة الإمارات 13% ثم فرنسا 9% وألمانيا 6% وبلغت مساهمة مصر والمملكة العربية السعودية نحو 3%.
41 شركة مصرية تشارك فى ثانى معرض إفريقى للتجارة البينية بجنوب إفريقيا
شاركت مصر فى المعرض الإفريقى الثانى للتجارة البينية الذي نظمه البنك الإفريقى للتصدير والاستيراد فى مدينة ديران بجنوب إفريقيا بالتعاون مع سكرتارية الاتحاد الإفريقى ومنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية خلال الفترة من 15 وحتى 21 نوفمبر، ضمن 24 دولة شاركت فى المعرض. وشاركت مصر بجناح فى المعرض، تكون من 21 قسمًا متنوعًا بمشاركة 41 شركة مصرية من مختلف القطاعات الصناعية، وأهمها الصناعات الهندسية والكيماوية والغذائية والطبية والملابس الجاهزة والأسمدة والجلود والسيارات ووسائل النقل والخدمات المصرفية، إلى جانب جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر من خلال عدد من الشركات المتخصصة فى مجال الصناعات اليدوية والحرفية، فضلاً عن مشاركة فعالة من كل من المجلس التصديرى للملابس الجاهزة والمجلس التصديرى للجلود والمنتجات الجلدية.
وخلال فعاليات المعرض شاركت وزيرة الصناعة والتجارة الخارجية نفين جامع فى فعاليات اليوم الوطني المخصص لمصر ضمن 6 دول إفريقية بالمعرض، وقالت إن هذا المعرض يعد أحد أكبر المعارض المقامة بالقارة الإفريقية ويوفر منصة هائلة لعرض السلع والخدمات وتبادل المعلومات الخاصة بالتجارة والاستثمار بالأسواق الإفريقية، كما يمثل فرصة استراتيجية لتعزيز وتنمية التجارة البينية بين الدول الإفريقية.
أكدت نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة، أن المنتجات المصرية تمتلك فرصاً كبيرة للنفاذ إلى أسواق دول القارة السمراء ، خاصة فى ظل إقبال المستهلك الإفريقى عليها لجودتها وسعرها التنافسى.