دار الإفتاء ترصد سمات الشخصية المتطرفة.. منها الإرهاب الفكري وعقدة الاضطهاد
السيد علي
رصد الدليل المرجعي لمواجهة التطرف الصادر عن دار الإفتاء المصرية، سمات الشخصية المتطرفة، التي تتمثل في (الجمود الفكري - اعتماد مبدأ الغاية تبرر الوسيلة - الإرهاب الفكري - استخدام الشعارات والعبارات المعلبة - اللجوء إلى التفسير العاطفي لا العلمي - الجنوح إلى فكرة العقاب الإلهي - عقدة الاضطهاد - الاستخدام لمنطق ما ورائي من أجل تبريرمعتقداتهم وأفعالهم - التصدر للفتوى بغير تأهل لترديد الفتاوىالتحريضية وممارسة هواية التحريم -التعصب والتصلب - الميل إلى النظر إلى خصومهم ومنتقديهمعلى أنهم أشرار بطبيعتهم - اضطراب عام في المزاج - وإحساس دائمبالتوتر - احتمالية إصابته بالعدوان العصابي).
وأشار الدليل المرجعى الى ان البحوث والدراسات المتعلقة بالإرهاب والتطرف زادت زيادة مطردة في العقود الأخيرة مع تفاقم تلك الظاهرة وانتشارها،وحاولت تلك الدراسات تفكيك الظاهرة بالنظر في دوافعهاومظاهرها وآثارها وسبل مكافحتها والحد منها، وحظيت الجوانبالسيكولوجية للتطرف والإرهاب بجانب كبير من تلك الدراسات،وبخاصة ما يتعلق بـ "شخصية المتطرف" أو "شخصية الإرهابي" فمع الميل الأولى إلى أن تلك الشخصية تعاني من جملة منالاضطرابات النفسية، ذهبت افتراضات أخرى إلى أنه لا يوجد ما يعرف بـ "الشخصية المتطرفة"، وأن تلك الشخصية تتكون فيالحقيقة بعد الممارسة العنيفة، لا قبلها، ولا شك أن كلا الاتجاهين يبعدان كثيرا عن الدراسة الجادة للشخصية المتطرفة.
سمات الشخص المتطرف
وفي إطار الدراسات المتنوعة التي حاولت تحليل السماتالمميزة للشخصية الإرهابية، يمكن استخلاص أبرز السماتالشخصية للمتطرف فيما يلي:
الجمود الفكري:
فالشخصية المتطرفة شخصية منغلقة إلىأقصى حد، لا يمكنها تجاوز قناعتها وأفكارها،أو إعمال العقل بشكل ناقد في تلك القناعاتوالأفكار، ولذلك فإنها لا ترى التناقض فيتصرفات القادة أو سياسات الجماعة المنتمين إليها .
اعتماد مبدأ الغاية تبرر الوسيلة:
تتسم الجماعات المتطرفة على وجه العمومبالنفعية والانتهازية، وتسعى دائما إلى استغلالكل الأدوات المتاحة للوصول إلى أهدافهاوتحقيق أكبر قدر من المكتسبات، ولذلك فإن الفرد المتطرف غالبا ما يلجأ إلى اعتناقمبدأ الغاية تبرر الوسيلة، أو الاضطرار إلىفعل بعض الأمور التي قد لا تكون أخلاقية فيسبيل نصرة القضية الأهم، وقد أسست جماعة الإخوان الإرهابية بشكل فريد لذلك المبدأ، وأظهروا اتجاها براجماتيا صارخا لم يرع شيئا من مصالح الوطن او الأمة في مقابل الرعاية التامة مصالح الجماعة، ولعل تتبع فتاوى الإخوانالإرهابية التي جاءت مصادمة لمصالح الدولةالمصرية -الذين يمثلون جزءا منها – يظهر ذلك التوجه بلا ريب، فالقرضاوي على سبيلالمثال أفتى بضرورة مساندة مرسي باعتبارهالرئيس الشرعي للبلاد، وذلك بعد عزله، وقال:"أدعو المسلمين في مختلف أنحاء العالم أن يصبحوا شهداء في مصر" فلم يهتم القرضاويبما قد تسفر عنه تلك الفتوى، وكم من الدماءالتي يمكن أن تراق من أبناء الشعب في سبيلمصلحة الجماعة.
الإرهاب الفكري:
فالشخصية المتطرفة لا تستطيع بناء مناقشةتحليله نقدية بإزاء أي من القضايا التي تمثلمرتكزات مناهجهم، ومن ثم فإنهم يلجئون إلىطريقة الإرهاب الفكري وإلصاق التهم الجاهزةعند المعارضة الفكرية .
استخدام الشعارات والعبارات المعلبة:
فالتحديات الفكرية التي تواجه المتطرفكبيرة جدا، فالأسئلة عن غايات أفعالهم ومآلات الأوضاع التي ينشدونها غالبا ما لا تلقى جوابا حقيقيا في أذهانهم، ولذلك فإن الحل يكونفي استخدام الشعارات والعبارات المعلبة،والتي تدعم موقفهم وتوجهات جماعاتهم.
واسـتعمل أفـراد الإخـوان الإرهابية العبـارات المعلبـة والشـعارات فـيمواجهـة الإخفـاق والفشـل الكبيـر فـيإدارة محمـد مرسـي للدولـة المصريـة
اللجوء إلى التفسير العاطفي لا العلمي:
فدائما ما يميل المتطرف إلى التفسير العاطفيللأحداث وتحليلها في ذلك الإطار، ولا يميلإلى استخدام الأسلوب المنطقي أو العلمي فيالربط بين الأحداث وتحليلها.
الجنوح إلى فكرة العقاب الإلهي:
فالمتطرف يحتاج دائما إلى براهين إلهيةعلى صحة المسار الذي يسلكه، وضلال المسار الذي يسلكه من سواه من البشر، سواء خالفوه في الدين أم وافقوه فيه، ولذلك يجدالمتطرفون في تبني فكرة العقاب الإلهيواستدعائها في كل موقف برهانا جيدا علىصدق أفكارهم ومناهجهم.
عقدة الاضطهاد:
وتلك السمة ضرورية للمتطرف لتحقيقحالة من التوافق النفسي لديه، فسلوك المتطرفوأفكاره تلقى استنكارا واسعا واستهجانا شديدامن بيئته المحيطة، وتصل تلك المشاعر السلبيةإلى أقرب الدوائر الاجتماعية له كالأسرة، ولكييجد المتطرف مبررا لحالة النفور العام منه ومنسلوكه يلجأ إلى اعتقاد أنه مضطهد، وأن تلكالحالة سنة، فإنه مستمسك بدينه، والمستمسكبدينه " كالقابض على الجمر"، ولكونه ملتزمفإن مجتمعه "الجاهلي" لابد وأن يناصبه العداءويضطهده كلما سنحت له الفرصة.
الاستخدام لمنطق ما ورائي من أجل تبريرمعتقداتهم وأفعالهم:
بعض المتطرفين، خاصة المندمجينفي طوائف ومذاهب أو في حركات دينية
متطرفة؛ مثل الأصولية المسيحية والإسلامية،والمليشيات المسلحة النازية المتطرفة،وأعضاء المنظمات السرية والميتافيزيقيةوغيرها، يزعمون وجود منطق ما ورائي، أوميتافيزيقي، يحكم معتقداتهم وأفعالهم، وأنحركتهم وقضيتهم تجسدان أوامر الله .
التصدر للفتوى بغير تأهل لترديد الفتاوىالتحريضية وممارسة هواية التحريم:
مفهوم الاجتهاد والتقليد عند الشخص المتطرف كثيرا ما يكون مضطربا ، نظرا لأن منظري التطرف يحرضون دائما على هدمالقامات العلمية الإسلامية قديما وحديثا،ليحصروا مصادر التلقي في جماعة معينة، إمالأنهم يدعمون الفكر المتطرف، أو لأن كلامهميحتمل تأويله بما يوافق الأفكار المتطرفة،لذلك نجد كثيرا من الأشخاص المتطرفينيتصدرون للفتوى دون أن يملكوا أقل صفاتالتأهل لها، ويستخدمون ذلك لنشر الفتاوىالتحريضية وإعادة صياغتها على ألسنتهم،وليتمكنوا من ممارسة هواية التشدد عن طريقالتوسع في التحريم.
التعصب والتصلب:
وهي أخص صفات الشخصية المتطرفة،حيث يكرس المتطرف جهوده للدفاع عمايتمسك به وما يعتقده من أفكار، وهو متصلبأيضا يفتقر إلى المرونة وإلى القدرة على التكامل الاجتماعي .
الميل إلى النظر إلى خصومهم ومنتقديهمعلى أنهم أشرار بطبيعتهم:
الخصوم بالنسبة للمتطرفين ما هم إلامجموعة من الأشخاص السيئين، اللا أخلاقيين،المفتقرين للإخلاص والأمانة، كما أنهم يرونهموضعاء، مفعمين بالكراهية، قساة القلوب والسلوك،غير ورعين أو متسمين بالتقوى.
اضطراب عام في المزاج، وإحساس دائمبالتوتر:
المتطرف في حالة غضب دائم، وهو ما يورث اضطرابا وتقلبا في حالته المزاجية ، فضلا عن التوتر الدائم والقلق الذي يعيشه المتطرفمع الخروج عن المعايير الاجتماعية والاستهانةبالنظام والقيم والعادات والتقاليد السائدة فيالمجتمع .
احتمالية إصابته بالعدوان العصابي:
وقد أظهرت دراسة سولوولد "1985م" التيتناولت الشخصية الإرهابية في ألمانيا الغربيةتصنيفين لتلك الشخصية:
الأول: تصنيف انبساطي، والذي يمثلالشخصية غير المستقرة، المتناقضة وغيرالانفعالية، والتي لا تهتم بالآخرين وتبحثبنفسها عن المشاكل .
الثاني: التصنيف العدواني العصابي، وهيتشبه الشخصية البارانوية في ميزتها العدوانيةوتمارس أفعالها الإرهابية بدون تفكير فيذاتها، كما تتصف بالشك، وهي ناقدة ومدافعة.