جاهد ضد الصليبيين وتنبأ بهجوم المغول والصوفية يلقبونه بـسلطان الشرقية
تعرف على قصة الشيخ الصوفي "سليم أبو مسلم" وضريحه الأثري بالشرقية
إبراهيم العسيلي
عند قبور وأضرحة الأولياء يخفق القلب، ويتحسس الطريق كل مريد، فيدركون أن لكل منهم علامات وكرامات منحها الله سبحانه وتعالى لهم، ويدفع كل شخص أمر بداخله أن يعرف كل شيء عن صاحب الضريح، وصاحب المقام والضريح الذي وصلت قدماي عنده هو "أبومسلم" رضي الله عنه، والذي يطلق عليه أهل الشرقية وأتباعه من المتصوفة لقب "سلطان الشرقية"، فالضريح يزوره العشرات من الناس يوميا تبركا به وبصلاحه، ويناجون عنده الله ليمددهم بمدده وكرمه وعطاياه.
ربما يعجبك
ولد القطب الصوفي الشيخ سليم أبو مسلم سنة ۳۱ه هجرية بمدينة همذان بإيران، وقد حل الشيخ في مصر والصليبيون لا يفتأون يغيرون على سواحلها الشمالية بين الحينة والأخرى، ولذلك فإننا نراه يدلي بدلوه في سبيل الجهاد لنصرة الإسلام والمسلمین بشتى الصور، فتارة نراه واعظا مرشدا إلى ضرورة الجهاد في سبيل الله محاربة أعداء الله وأعداء البلاد، وأخرى بخرج من قريته ومعه وفود كبيرة من أهله وأتباعه إلى ساحة الوغى يبشر المجاهدين بأن لهم الجنة.
ضريح الشيخ أبو مسلم من الخارج
ولذلك فإننا نجد قبور وأضرحة كثير من أهله في بلقاس والمنصورة والسنانية ممن استشهدوا في حرب دمياط والمنصورة في مواجهة الصليبين إبان أواخر العهد الأيوبي، وكان في بعض الأحيان بحمل على ظهره ابريقا كبيرا يسقي منه الجنود في ساحة الوغى، وظل على هذه الحال حتى فارق الدنيا في عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب سنة ٦٤٥هجرية أي قبل وفاة السلطان بعامين، ودفن في محلة “بحطيط” كفر أبو مسلم حاليا حيث كانت خلوته، وكان رحمه الله على صلة وثيقة بالملك الصالح الذي كان يفد عليه فيكرم مثواه وكثيرا ما عرض عليه المال والمتاع ولكن الشيخ أبو مسلم كان يرفضه في أدب وعفة نفس، فلما مات رأى الملك الصالح وفاء ببعض افضال هذا الرجل الورع التقي أن بقيم له قبة فوق قبره ويلحق بها مسجدا.
ويقال بين اتباع الطريقة المسلمية الصوفية المنسوبة إليه، ان الشيخ ابومسلم قد تزوج من اخت الشيخ عبدالقادر الجيلاني وانجب منها اربعة اولاد وهم صالح ومسلم والامير عبدالله وعلوان وقد انتشر اولاده فى جميع انحاء الجمهورية وذلك لنشر التصوف واعلاء كلمة الحق، وبعد وفاة زوجته الاولى تزوج من السيدة فاطمة اخت السيد احمد البدوي وانجب منها ابنتين، وقد عاش الشيخ ابومسلم ١٠٥ سنوات قضاها فى الدعوة الى الله ونشر المفهوم الحقيقي للتصوف.
قبة الضريح من الداخل
والوصول الى زيارة الضريح الأثري، فإنه يوجد بقرية أبو مسلم بمركز أبوحماد بمحافظة الشرقية، وتفقد قرية أبو مسلم عن مدينة بلبيس بمقدار ١٠ كيلومترات شمالا، وعن مدينة أبوحماد مقدار ٩ كيلومترات الى الجنوب الغربي، وعن مدينة الزقازيق بمقدار ١٦ كيلومترا إلى الجنوب الشرقي، والضريح مسجل أثرا بالقرار الوزاري رقم ١٤٩ لسنة ١٩٨٩، ويخضع لقانون حماية الآثار.
يقول الدكتور مصطفى شوقي مدير عام آثار الشرقية: لكل مكان حرم محيط به، والحرم المحيط بالضريح من الجهة الشمالية الغربية يعتبر حائط المسجد الملاصق له ويبعد عن الضريح في أضيق جزء منة ٣ أمتار وربع المتر، وبه مدخل الضريح، ومن الجهة الشمالية الشرقية يؤخذ حرم وقدره متران ونصف المتر من مباني الاوقاف، ومن الجهة الجنوبية الشرقية حرم وقدره ٤ أمتار حتى سور الاهالي، ومن الجهة الجنوبية الغربية يعتبر حائط الميضأة الخاصة بالمسجد على مسافة سبعة ونصف متر، وعلمت انه قد صدر قرار وزاري من الآثار باعتماد خطوط التجميل للحرم.
محراب الضريح
يضيف شوقي: الضريح مربع الشكل طول ضلعه ٧ أمتار ونصف المتر من الخارج ومن الداخل طول ضلعه ٦ أمتار يتوسطه المدفن والحجاب الخشبي المحيط به، وتعلوه قبة ضخمة من الآجر على مناطق انتقال من مقرنصات داخل مثلثات كروية ويعلوها هلال نحاسي، ويرجع تاريخ الضريح للعصر الايوبي سنة١٢٤٧م وله مدخل وحيد بالشمال الغربي وهي الواجهة الرئيسية بطول ٧ أمتار ونصف المتر من الخارج عليها ملاط اسمنتي وطلاء بلون اصفر حمصي حديث ويتوسطها المدخل باتساع حوالي ١٢٠سم في دخلة معقودة بعقد مدبب فرسي، وعلى جانبي المدخل مكسلتيني يعلوهما تربيعتان من حجر جيري بطول ٤٠سم مماثل للبلاطات الحجرية في أرضية الضريح من الداخل ويغلق عليه باب خشبي من مصراعين مستحدث بارتفاع ٢ متر وربع المتر، وهو على محور المحراب وبالمكسلة اليسرى شرخ، والواجهة الجنوبية الغربية تخلو من أي فتحات ويظهر بأسفل مادة البناء المبني منها الضريح من الآجر الاحمر ومونة اسمنتية في البلاط اصفر حمصي وطولها سبعة أمتار ونصف المتر.
ومن الواجهة الجنوبية الشرقية، المحراب غير بارز من الخارج مماثلة للواجهة الجنوبية وبها شروخ بسيطة في المحارة تخلو من أي فتحات طولهاسبعة أمتار ونصف المتر، والشمالية الشرقية ملاصقة لحجرة مستحدثة مهجورة يتعامد عليها من الجهة البحرية حجرتان مستحدثتان، ومنطقة الانتقال من الخارج، ويتحول المربع الى مثمن من اعلى السطح العلوي من الخارج ويحمل دائر القبة وبة ١٦ فتحة معقودة بعقود نصف دائرية ٨ منها مسدودة والأخرى تمثل فتحات نوافذ للاضاءة والتهوية عليها خشب وزجاج شفاف، ويحد هذه الفتحات جفت بارز بشكل عقد يعلوه هلال مفتوح لاعلى وتحمل القبة باعلى هلال نحاسي، وتم طلاء القبة والواجهات بطلاء حديث اصفر اللون فاقد اجزاء منه بحاجة لاعمال ترميم ودهانات.
مقام الضريح
يشير شوقي، الضريح من الداخل عبارة عن مساحة مربعة من الداخل طول ضلعها ٦ أمتار يتميز بالسمترية فى جدرانه وفتحاته ودخلاتها ويتوسطها التركيبة الخشبية “الحجاب الخشبي” المحيط بالضريح بزخارف هندسية من اسفل وافرع نباتية محورة من اعلى وهو مستطيل الشكل 2.5م في 3.5م تقريبا يتوسطها التركيبة المبنية بالطوب اعلى المدفن ومكسوة بكسوة حديثة من قماش اخضر اللون، والجدار القبلة الجنوبي الشرقي يتوسطه دخلة محراب باتساع متر وعمق ٧٥سم تستند طاقيته على عمودين مدمجين بالحائط بكل منهما تاج مربع يقوم على حركة بارزة مماثلة لما هو موجود اعلى القاعدة المربعة التي يقوم عليها عمودا المحراب اللذان يحملان طقية المحراب المفصصة من الداخل بفصوص بارزة وعقد المحراب نصف دائري يحيط به من الخارج جفت بارز به زخارف هندسية من سبع دوائر متماسة فوق بعضها يتوسط كل منها وريدة بسيطة من اربع بتلات من اعلى ٧ دوائر مماثلة وفى حواشي المحراب خطوط اشعاعية بارزة ويعلوها اطار مستطيل به شكل بائكة بارزة من ٩ عقود مدببة تحملها عشرة ازواج من الاعمدة وفي حواشي العقود دخلات تشبه رأس سهم صغير ويعلو ذلك اطار مستطيل خالٍ من الزخارف وتعلوه دائرة بارزة حولها اربع دوائر أصغر وبداخل كل منها شكل نجمي بسيط وبروز يمثل شكل تاج عمود، ويعلو المحراب نافذة نصف دائرية للاضاءة والتهوية بلون اخضر وهي بحاجة للتثبيت ويوجد شرخ في اعلاها يتجه لباطن القبة من الداخل، وعلى جانبي المحراب دخلتان حائطيتان واحدة بكل جانب متماثلتان على ارتفاع ٤٠سم من الارضية وعمق ٣٥سم واتساع ٥٥سم وارتفاع ٦٥سم.
يوضح شوقي، أن الجدار الشمالي الغربي هو الجدار المواجه للمحراب وعلى محور به فتحة باب بعتب علوي مستقيم ودرجة سلم ويغلق عليه مصراعان بلون اخضر من الخشب المستحدث، ويعلو الباب دخلة حائطية مسدودة تشبه القندلية من دخلتين متجاورتين بعقد نصف دائري يعلوهما من أعلى دائرة ويكتنف المدخل من الداخل دخلتان حائطيتان مماثلتان للدخلتين على جانبي المحراب بجدار القبلة، والجداران الشمالي الشرقي والجنوبي الغربي متماثلان يتوسط كل منهما دخلة حائطية على ارتفاع ٤٥سم من الارضية وبها شرخ في المحارة من أسفل والدخلة بعمق ٤٠سم واتساع ١٢٥سم وارتفاع حوالي 3م، ويغطي الدخلة شكل مماثل للقندلية التي اعلى المدخل لكنها مسدودة من عقدين نصف دائريين ويعلوها من اعلى دخلة مستديرة.
لوحة تعريفية عن الضريح
وعن مناطق الانتقال من الداخل، عبارة عن دخلتين من مثلثين كرويين بعقود نصف دائرية بها حطتان مقرنصات بسيطة اسفل رجل العقدين المتداخلين وفي المنتصف ٣حطات من دخلات مجوفة مدببة ويحيط بالمثلث الكروي جفت بارز مدبب يحمل شكل هلال مفتوح من اعلى وتحول مناطق الانتقال المربع الى مثمن وتحمل دائر القبة وبه ٨ فتحات نوافذ بعقود نصف دائرية بخشب اخضر وزجاج شفاف حديث للاضاءة، وباطن القبة من الداخل به شروخ تبدأ من أعلى النوافذ وتتجه الى باطن القبة وهي بحاجة للعلاج: الجدران مدهونة بطلاء حمصي ومادة بنائها من الآجر الاحمر ويكسوها ملاط اسمنتي حديث اسفل ذلك الطلاء الارضية من بلاطات من احجار جيرية مربعة طوله ٤٥سم.
والضريح وفق توصيات الآثار بالشرقية، يحتاج إلى أعمال ترميم لعلاج الشروخ فى المحارة من الخارج وفي باطن الارض وباطن القبة وللعجيب انه للأسف قد قام الناس قديما بدهانتها بغرض التكريم ولكن تم تشويهها، وكذلك تثبيت النافذة الخشبية التي تعلو المحراب، واعمال نظافة حول القبة من الخارج خاصة من جهة جدار القبلة من الخارج وكذلك الحجرتين على اليسار والمهجورتين حاليا وتشوه شكل الأثر، وامكانية نزع ملكيتهم مع تعويضهم حيث تحجب واجهة الضريح الملاصقة لها، وعلاج الدهانات من الخارج وكذلك باب الضريح وتقويته، وهل من الممكن امكانية عمل سياج حديدى من الكريتال حول الضريح وزراعة المساحة الداخلة فى الحرم وذلك للتجميل والذي يضفي نوعا من الراحة النفسية للزائرين، ويكون مكانا جاهزا لاستقبال الوفود اليومية للضريح سواء بغرض التبرك او البحث الاثري والتاريخي او الزيارة والمشاهدة.
جوجل نيوز
