عاجل
الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
مفاهيم الإعلام الحديث وارتباطها بالإعلام الدبلوماسي

مفاهيم الإعلام الحديث وارتباطها بالإعلام الدبلوماسي

عبارة هيجل الشهيرة: «مطالعة الصحيفة اليوميّة» بوصفها «صلاة الصباح للإنسان العصريّ»، باتت تدُل على الزمن الماضي الجميل، نفس الحال في التليفون الأرضي الذي كان وسيلة لنقل الأخبار، ومع الأسف أصبح من ضمن الماضي، وأنتيكات الزمن الجميل، ونفس الأمر ينطبق على صندوق التليفون الأحمر Telephone Box الموجود بالآلاف في المملكة المتحدة، وأصبح ذكرى جميلة للجميع، وهوية من هويات بريطانيا.



وقد شهدت الثلاثون سنة الماضية تطوراً سريعا وطفرة علمية تكنولوجية هائلة، غيرت الكثير من مفاهيم ونظريات الإعلام القديم وارتباطها بالإعلام الدبلوماسي وبالعكس.. كان الإعلام سابقاً يحتكر صحافة الورق والحبر، ويعتمد كثيراً على ثلاث وسائل (الإعلام المرئي الرسمي، والمقروءة، والمسموع)، وغالباً ما تكون مركزية تابعة للحكومة في العالم الثالث، أما الدول المتقدمة فكان الإعلام الاستثماري أو الصحافة الأهلية هي العلامة البارزة فيها، لأنها من ضمن صفات وسمات الديمقراطية الحديثة التي تعتمد عليها الدول الأوربية بصورة خاصة، وبعض الدول التي تسير ضمن مسارها، ويتربع الصحفي أو الإعلامي في هذه المؤسسة الإعلامية ليمارس ديكتاتوريته في التفرد والتحليل، كونه المصدر الوحيد المتفرد لتحرير وإنجاز الخبر.

تزعزعت قواعد احتكار الخبر ونظريات الإعلام القديم "وسائل الإعلام المكتوب" في السنوات الماضية، ليتحول إلى الإعلام الجديد، أو إعلام الإنترنت. نحن في عصرنا الحاضر أصبح كل مَن يحمل هاتفاً جوالاً محللاً ومخبراً وصحفياً، وبالإمكان أن نسميهم "هواة الإعلام"، ولا يقتصر الأمر الآن على أهل المهنة "التقليدية".. لقد بلغ الأمر إلى أن بعض القادة والرؤساء لديهم منابر تويتر/ فيسبوك/ انستجرام، وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي، لإيصال ما يريدون.

أصبحت مصداقية الأخبار في مهب الريح بسبب كثرة وتعدد المصادر غير الرسمية، سواء البشرية أو التكنولوجية، سابقاً كنا نعتمد على صحفيين وإعلاميين "محدودي العدد" ومراكز إعلامية معروفة ومسجلة، أما الآن فيمكن حتى للطفل اليافع الذي يحمل هاتفاً محمولاً أن ينقل صورة حدث ليكون لها صدى كبير، كما حصل عند انسحاب الأمريكان من أفغانستان، وتداول صور عدد من الأفغان الذين يتسلقون طائرة عسكرية بغرض الهروب من حركة طالبان، وأصبح الحدث والخبر في متناول جميع دول العالم في لحظات.

ما لا شكّ فيه أنّ التطوّرات التقنيّة التي أنتجت علم ونظريات جديدة تسمى (الإعلام الاجتماعي)، أبطاله هواة الإعلام وحملة الهاتف النقال، وهم مكسب صاف للحرية والمبادرة.. ومن أبرز سمات ومرتكزات الإعلام الحديث هي: الوسائل التكنولوجيا المتطورة عبر الإنترنت، أو ما يسمى وسائل التواصل الاجتماعي، ومنها (الرسائل النصية، المدونات، الاتصال الصوتية، الرسائل الفورية، الصورة الفورية الإخبارية، الاتصالات المرئية، والدردشة المباشرة، وغيرها الكثير).

أما فن الدبلوماسية فلم يتطور ولم يحدث فيه طفرات تؤثر عليه كثيراً، فلا يزال تسليم أوراق الاعتماد ودرجات الكادر أو السلك الدبلوماسي على نفس السياق، والاختلاف فقط هو في التواصل مع وسائل الإعلام، وسرعة إيصال الخبر والحدث إلى الجمهور، ففي القرن الماضي كانت الطائرة هي الوسيلة التي تنقل الأخبار عبر تبادل الإعلام المقروءة لرؤية وسماع نشاط سفارة ما، أما الآن فقد اختلف الأمر كثيراً.

الإعلام والدبلوماسية توأمان متلازمان يستحيل فصلهما، ويعرف الإعلام بصورة عامة بأنه لسان السياسة الناطق، وأداتها المؤثرة في جميع شرائح المجتمع، بل وتتعدى حدود الداخلية لتصبح إقليمية ودولية، استنادًا لقوة الحدث، ونوعه، وبالتالي فان الإعلام والدبلوماسية لهما تأثير مباشر على الرأي العام الداخلي والخارجي.

الإعلام الدبلوماسي أصبح المفتاح الذهبي للسياسة الخارجية للدولة، وليس التقوقع في بناية السفارة وعدم الاتصال بالآخرين، فنحن الآن في عصر علم النانو والاقتصاد واستراتيجيات السوق المفتوح ونظرياتها الإلكترونية.

ويعتبر الإعلام الدبلوماسي من أهم مقومات نجاح وتفوق الدولة اقتصادياً، وهو هدف إستراتيجي يرسم من قبل هرم الدولة، وهو أداة جلب للاستثمارات الخارجية لرفع المنافع الوطنية الاقتصادية في كل المجالات والأنشطة، عدا العسكرية، وأمن سيادة الدولة.

وبالتالي أصبح الإعلام الدبلوماسي المعيار الحقيقي لثقل وهوية الدولة في قضايا التنمية والاقتصاد والسياحة في البلد، حيث تقوم الدول حول العالم باستغلال جهازها الدبلوماسي لخدمة مصالحها الاقتصادية، وبذلك يأتي الإعلام الدبلوماسي كأولوية قصوى لدى الكثير من الأجهزة الدبلوماسية حول العالم، كون السياسة الخارجية هي انعكاس للسياسة الداخلية، وواحدة من أهم الأدوات لتحقيق أهدافها بعيداً عن السياسية وفلكها المتقلب.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز