عاجل
الأحد 30 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

الإعلام الأمريكي: عودة طالبان للحكم في أفغانستان تهدد الصين

عودة طالبان للحكم في أفغانستان
عودة طالبان للحكم في أفغانستان



في ظل الصراع المتنامي بين الولايات المتحدة والصين من الطبيعي أن تكون أروقة السياسة في بكين في حالة من الارتياح لمغادرة واشنطن أفغانستان، بتلك الطريقة "المهينة والفوضوية"، لكن ذلك لا يعني أن الصين ليس لديها ما تقلق منه بعد عودة طالبان للحكم.

 

 

ونشرت شبكة CNN الأمريكية تحليلاً حول ما تعنيه تلك التطورات لبكين، بعنوان"عودة طالبان تُنذر بأخطار على الصين أكثر مما تطرحه من فرص"، تناول عناصر القلق الصيني ومعطيات الفرص المواتية الآن في الوقت ذاته.

 

 بالنسبة للصين، وهي جارة لأفغانستان ذات استثمارات كبيرة في المنطقة، فإنَّ التحديات الأمنية التي تفرضها العودة المفاجئة لطالبان أكثر إلحاحاً بكثير من أية مصالح استراتيجية في المستقبل.

 

وقال أندرو سمول، الزميل في صندوق مارشال الألماني بواشنطن، في مقابلة مع المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: "لا تميل الصين إلى تصور أفغانستان من منظور الفرص؛ بل تدور بالكامل تقريباً حول إدارة التهديدات".

 

لطالما كانت بكين حذرة من الوجود العسكري الأمريكي في أفغانستان، التي تشترك في حدود بمساحة 50 ميلاً (80 كيلومتراً) مع إقليم شينجيانغ بغرب الصين في نهاية ممر واخان الضيق، لكن في الواقع استفادت الصين أيضاً من الاستقرار النسبي الذي جلبته الولايات المتحدة على مدى العقدين الماضيين.

 

إقليم شينغيانج المجاور لأفغانستان تقطنه أقلية الإيغور المسلمة، التي تتعرض لحملة قمع من جانب الصين، تصفها المنظمات الحقوقية الدولية والحكومات الغربية بأنها "تطهير عرقي وإبادة جماعية"، بينما ترفض بكين تلك الاتهامات وتزعم أنها تحارب "الانفصاليين" من الإيغور.

 

ومن هذا المنطلق، تشعر الصين بقلق خاص من أن تصبح أفغانستان -في ظل حكم طالبان- قاعدة للمسلحين الذين يقاتلون من أجل استقلال إقليم شينغيانغ ذي الأغلبية المسلمة.

 

وأثار وانغ تلك القضية ذات الأولوية مع قادة طالبان خلال اجتماعهم الشهر الماضي، ورداً على ذلك تعهدت طالبان بأنها "لن تسمح أبداً لأية قوة باستخدام الأراضي الأفغانية للانخراط في أعمال ضارة بالصين".

 

لكن المخاطر الأمنية ليست مرتبطة بحدود الصين، ففي السنوات الأخيرة استثمرت الصين بكثافة في آسيا الوسطى، من خلال مبادرة الحزام والطريق للتجارة والبنية التحتية، ويحذر خبراء غربيون من أن يكون هناك تأثير غير مباشر لصعود طالبان إلى السلطة على المسلحين الإسلاميين، وهو ما يمكن أن يهدد المصالح الاقتصادية والاستراتيجية الصينية في المنطقة الأوسع.

 

وقال سمول: "رغم أنَّ بكين براغماتية بشأن حقائق القوة في أفغانستان، لكنها كانت دائماً غير مرتاحة لأجندة طالبان الأيديولوجية. وتخشى الحكومة الصينية التأثير الملهم لنجاح الحركة في أفغانستان على التشدد في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك طالبان الباكستانية".

 

وقد تأكّد هذا التهديد الأمني في ​​الشهر الماضي، عندما قُتِل 9 عمال صينيين في تفجير انتحاري في باكستان، وهو أحد أكثر الهجمات دموية على المواطنين الصينيين في الخارج في السنوات الأخيرة. وقالت إسلام آباد إنَّ الهجوم نفذته "طالبان الباكستانية".

 

وانعكس استياء بكين من التداعيات المحتملة في أفغانستان على تصريحات وزارة خارجيتها، التي انتقدت الولايات المتحدة مراراً وتكراراً، لتصرفها "غير المسؤول في انسحابها المتسرع".

 

لكن بكين أشارت أيضاً إلى أنها لا تنوي إرسال قوات إلى أفغانستان لملء فراغ السلطة الذي خلّفته الولايات المتحدة، كما اقترح بعض المحللين. في مقال يوم الأحد 13 أغسطس/آب، نقلت صحيفة Global Times المملوكة للدولة عن خبراء قولهم إنَّ مثل هذه التكهنات "لا أساس لها من الصحة".

 

وأضاف المقال: "إن أقصى ما يمكن أن تفعله الصين هو إجلاء المواطنين الصينيين في حالة حدوث أزمة إنسانية ضخمة، أو المساهمة في إعادة الإعمار والتنمية بعد الحرب، ودفع المشروعات في إطار مبادرة الحزام والطريق التي اقترحتها الصين عند استعادة الأمان والاستقرار في البلد الذي مزقته الحرب".

 

وصورت وسائل الإعلام الحكومية الصينية الوضع في أفغانستان على أنه "إذلال" كبير للولايات المتحدة، واستخدمته للدفاع عن تفوق ما يُسمى بسياسة "عدم التدخل" الصينية في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وهو جزء مهم من مبادئ سياستها الخارجية التي وضعها رئيس مجلس الدولة الصيني السابق تشو إن-لاي في الخمسينيات من القرن الماضي.

 

وفي افتتاحية نُشِرَت في وقت متأخر من ليلة الأحد، قالت Global Times: "التغيير الجذري في الوضع في أفغانستان هو بلا شك ضربة قوية للولايات المتحدة. لقد أعلن الفشل الكامل لنيتها في إعادة تشكيل أفغانستان، إنَّ هزيمة الولايات المتحدة دليل أوضح على عجز الولايات المتحدة مقارنة بحرب فيتنام، فالولايات المتحدة بالفعل مثل النمر من ورق".

 

وتدرك بكين جيداً تكاليف التورط في الوضع الأمني ​​في أفغانستان، وقد أشارت عدة تحليلات لوسائل الإعلام الحكومية مؤخراً إلى البلاد على أنها "مقبرة الغزاة".

 

وبدلاً من السير على خطى الولايات المتحدة، من المرجح أن تتبنى الصين مقاربة براجماتية تجاه أفغانستان. ومن خلال الإعلان عن زيارة وفد طالبان إلى الصين الشهر الماضي، ترسل بكين رسالة مفادها أنها مستعدة للاعتراف بحكومة طالبان والتعامل معها، ما دامت تناسب مصالحها.

 

وصرّحت وزارة الخارجية الصينية، الاثنين 14 أغسطس، بأنها تأمل أن تتمكن طالبان من الوفاء بوعودها لضمان "الانتقال السلس" للوضع الأفغاني و"الحد من جميع أنواع الأعمال الإرهابية والإجرامية".

 

وقالت المتحدثة باسم الوزارة هوا تشون ينغ، في مؤتمر صحفي، إنَّ "الوضع في أفغانستان شهد تغييرات كبيرة، ونحن نحترم إرادة واختيار الشعب الأفغاني".

 

وتنعكس ثقة بكين في التعامل مع طالبان على الأرض في كابول؛ فبينما تتدافع الولايات المتحدة وحلفاؤها لإجلاء السفارات من أفغانستان، يبدو أنَّ الصين -ومعها روسيا- ستبقى في مكانها.

 

وذكرت السفارة الصينية في كابول، في بيان الأحد 13 أغسطس، أنها طلبت من مختلف الأطراف في أفغانستان "حماية سلامة المواطنين الصينيين والمؤسسات والمصالح الصينية". وقالت إنها لم تتلقَ أية تقارير عن وقوع إصابات أو خسائر في صفوف مواطنيها، وذكّرتهم "بمتابعة الوضع الأمني ​​عن كثب، وزيادة احتياطات السلامة والامتناع عن الخروج من المنزل".

 

وأكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، في المؤتمر الصحفي يوم الاثنين، أنَّ السفارة الصينية في كابول لا تزال تعمل، مضيفة أنها أجلت غالبية المواطنين الصينيين الموجودين في أفغانستان مقدماً.

 

الخلاصة هنا أن الصين، شأنها شأن روسيا في هذا الصدد، قررت على الأرجح مد يدها لحركة طالبان والتعاون معها بشكل طبيعي، بعد تعهدات الحركة بعدم السماح بوجود تهديد لبكين من الأراضي الأفغانية، انتظاراً لما ستكشف عنه الأيام والأسابيع القادمة بعد أن تتضح الصورة أكثر في كابول.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز