عاجل
السبت 28 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مختارات من الاصدارات
البنك الاهلي
(آمان يا لالالى)  أم (سطلانة)؟!

(آمان يا لالالى) أم (سطلانة)؟!

‎علينا ألا نقع أسرى فعل (كان)، بل نردد مثل ليلى مراد (كان فعل ماضى ما تسيبه فى حاله / والماضى إحنا مالنا وماله)، لا أطالب بالطبع أن نلتزم حرفيًا (الماضى إحنا مالنا وماله)، لا بأس بقليل من (كان)، ولكن علينا أن نوقف تمامًا هذا الاعتقاد الراسخ الذي يجعلنا أبواقًا للأمس، نعتقد بل نجزم بأن الأيام الجميلة فقط هى تلك التي عاشها آباؤنا وأجدادنا، وأن أجمل الأفلام هى تلك التي شاهدوها.



من الضرورى بل الصحي أيضًا أن تعيش كل المجتمعات أحاسيس، «النوستالجيا»، الحنين للماضى على شرط أن تصبح أشبه بومضات، تأتى بين الحين والآخر على فترات متباعدة، ويظل اليوم والغد هو الذي نعيشه أو نحلم به.

دائمًا ما أشعر أن عالمنا العربى يعيش فى الزمن الماضى، أكثر مما يعيش الحاضر، لدينا دائمًا أحكام مسبقة نرددها حتى بدون أن نتأكد من صحتها، الكل يقول أفلام الأمس هى العصر الذهبى للسينما ونقصد الخمسينيات والستينيات، وعندما تسأل أحدًا عن مطربه المفضل يقول لك على الفور عبدالحليم حافظ على اعتبار أن عبدالحليم هو آخر صيحة فى الغناء، أما المطربة فإنها ولا شك أم كلثوم، وأنا بالطبع لا أقلل من الإنجاز الفنى لأساطين الغناء الذين قدموا لنا الكثير ولا نزال نستمتع ونردد إبداعاتهم، ولكن هل حقيقة بعد عبدالحليم وأم كلثوم وفيروز وعبدالوهاب وفريد الأطرش ونجاة لم يظهر فى الساحة مطرب أو مطربة يعشقه الجمهور؟

الفن دائمًا هو ابن الزمن، وكما يتغير إيقاع الحياة يتغير إيقاع الناس، وأيضًا إيقاع الفن، كان محمد عبدالوهاب مرفوضًا كمطرب فى الثلاثينيات لأنه جاء بأداء وبألحان مغايرة لمن سبقوه مثل عبدالحامولى ومحمد عثمان وداود حسنى، كذلك كان عبدالحليم مرفوضًا فى الخمسينيات لأنه تبنى منهجًا مغايرًا لما قدمه محمد عبدالوهاب. ومن المؤكد أن جيل «عمرو دياب» يختلف تمامًا فى أدائه عن جيل عبدالحليم، والذي منح عمرودياب حضوره حتى الآن، أنه هضم كل من جاءوا بعده، والمأزق أننا نستمع مثلاً إلى أحمد سعد بقانون عبدالحليم، وننتقد فستان روبى، بينما عيوننا تترحم على منديل أم كلثوم!

لو ذهبت إلى مقهى أم كلثوم الشهير فى وسط العاصمة، لوجدت أن صور أم كلثوم على الجدران، لا تزال تشهد على عظمة هذا الصوت، وأن المقهى لا يقدم سوى أغنياتها، إلا أن صوت «قواشيط» الطاولة، بات يعلو على صوت (آهات) أم كلثوم، كانت تقاليد هذا المقهى حتى الثمانينيات تقضى بأن يأتى الرواد للاستماع فقط مع مشروب ساخن أو بارد. المؤكد أن الناس تغيرت، وأيضًا تغير ذوق الجمهور. 

وعلينا أن نتعامل مع مفردات الزمن، لم يكن هناك فى الماضى على سبيل المثال ((new look))، كان أقصى ما يفعله المطرب هو أن يرتدى بدلة وقميصًا على الموضة.. الآن المطرب يغير ملامحه مع كل شريط جديد، وتابعوا عمرو دياب الذي يطل علينا مرة بلحية وأخرى بدون، مرة بشعر أسود وأخرى أصفر، نراه نحيلًا مرة، وبعد ذلك نجده مثل مصارعى الأوزان الثقيلة، أحيانا بحلق فى أذنه، وأحيانًا ينسى ارتداء الحلق.

جميل أن نعود بين الحين والآخر إلى ماضينا ونستمتع بالأفلام والأغنيات القديمة، على شرط أن يصبح ذلك أقرب إلى الزيارة الخاطفة، ولكننا نعود مسرعين إلى الحاضر نقيم فيه ونعيشه بقانونه، من يدير ظهره للزمن يتركه الزمن يعيش خارج الحياة يغنى وحيدًا (آمان يا لالالى) والناس تغنى (سطلانة)..!

لا بأس أن نستمتع بالماضى فى فيلم أو أغنية، وندرك فى نفس الوقت أن الأغلبية من الشباب دون الثلاثين من حقهم أن يشاهدوا أنفسهم علي الشاشة ويسمعوا أصواتهم فى الأغنية!.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز