عاجل
الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
ثورة 30 يونيو
البنك الاهلي
ثورة يونيو 2013 والعلاقات المصرية الإفريقية "3"

ثورة يونيو 2013 والعلاقات المصرية الإفريقية "3"

عرضنا في المقالتين السابقتين لبعض ملامح العلاقات المصرية الإفريقية وما شهدته من تطورات وتحولات على مدار تاريخها الطويل، وأبرزنا دور الرئيس عبدالفتاح السيسي والجهود التي بذلها منذ توليه مقاليد الأمور في مصر في العام 2014 من أجل إعادة العلاقات المصرية الإفريقية إلى مسارها الصحيح؛ وقمنا بتسليط الضوء على بعض الإنجازات التي تحققت خلال السنوات الأخيرة على صعيد العلاقات المصرية الإفريقية، ولعل أبرزها الاهتمام بالشباب، ومحاربة الفقر، والمرض والجهل، مروراً بتولي مصر رئاسة الاتحاد الإفريقي في عام 2019 وما بذلته القيادة المصرية من جهود ومساعي حثيثة من أجل توطيد أواصر التعاون والتكامل القاريين، فكان أن دفعت مصر من أجل دخول اتفاقية التجارة الحرة القارية حيز النفاذ، يضاف إلى ذلك العديد من الإنجازات على الأصعدة كافة، منها على سبيل المثال وليس الحصر:



 

1.مواجهة الإرهاب: فعلى الرغم من انشغال مصر في بناء الجمهورية الجديدة ومعركة البناء والتنمية إلا أنها أثبتت أنها صاحبة تجربة رائدة في محاربة الإرهاب والفكر المتطرف، ليس في مصر فحسب، وإنما فى مختلف ربوع القارة الإفريقية؛ حيث تصدت القوات المسلحة المصرية للعديد من الجماعات الإرهابية من خلال رصد تحركاتها والتعاون المعلوماتي والأمني مع دول الجوار الإفريقي لمواجهة ذلك الإرهاب الغاشم.

لقد ركز خطاب تسليم رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي على إطلاق القوة الإفريقية الجاهزة التي يمكنها مواجهة الاضطرابات وعدم الاستقرار في القارة، ولاسيما محاربة الإرهاب، كما أعطى مصر الضوء الأخضر لمؤسسة الأزهر لمواجهة هذا الفكر الإرهابي المتطرف. 

 

ولقد أكد الرئيس السيسي خلال اجتماعه برؤساء المحاكم الدستورية والعليا الأفارقة فى المؤتمر الخامس الذي نظمته المحكمة الدستورية العليا أن مصر حاربت الارهاب بالتوازي مع جهود التنمية الشاملة، مؤكداً على أهمية الهيئات القضائية في مكافحة تلك الظاهرة،  وأن مصر على استعداد لمساعدة الأشقاء الأفارقة في مجال الحرب على الإرهاب. 

 

وكان لمرصد الأزهر دور واضح في دعم جهود الدولة فى مكافحة الفكر المتطرف، وحماية مصر من تداعياته الهدامة، مما يساعد في تحقيق التنمية المنشودة بمفهومها الشامل. وخلال السنوات السبع الأخيرة ركز الرئيس عبد الفتاح السيسي على قضية التنمية، وآليات تحقيقها؛ إيمانًا منه بأن محاربة الإرهاب في أي مكان تتطلب محاربة الفقر، والجهل، والمرض باعتبارها أبرز العوامل التي تساعد الجماعات الإرهابية وأصحاب الفكر المتطرف على تجنيد الشباب لتنفيذ أجندتهم.

 

2.التواجد الدائم فى القارة الإفريقية: غابت مصر لفترة ليست بالقصيرة عن القمم الإفريقية لأسباب عديدة، الأمر الذي شجع أطراف إقليمية أخرى على التغلغل في دوائر الاتحاد الإفريقي، في ظل غياب مصر عن المشهد الإفريقي سياسياً ودبلوماسياً. إلا أنه منذ أن تولى الرئيس السيسي الحكم في مصر حرص سيادته على حضور كافة القمم الإفريقية، والمشاركة الفعالة في كافة المحافل والفاعليات القارية. وقد أسفرت الجهود التي قادها الرئيس السيسي والمبادرات العديدة التي أطلقها عن حلول للعديد من المشكلات التي تعانى منها القارة، مثل قضايا التغير المناخي، ومحاربة الإرهاب، وتهدئة الصراعات، وتشجيع التجارة البينية...إلخ.. كما حظيت القارة الإفريقية باهتمام كبير من قِبل الرئيس السيسي منذ توليه مقاليد الحكم في مصر؛ حيث زار  عدد كبير من البلدان الإفريقية، بعضها لم يزرها أي رئيس مصري من قبل مثل جيبوتي.  كل ذلك يؤكد-بما لا يدع مجالاً للشك- مدى اهتمام مصر وقيادتها السياسية بالعلاقات المصرية الإفريقية، للدرجة التي دفعت  كافة مؤسسات الدولة المصرية والقطاع الخاص إلى الاهتمام بهذه القارة الواعدة.

 

3.التعاطي مع الملفات الشائكة: يعتبر التعاطي مع بعض الملفات الصعبة الشائكة التي تعاني منها القارة الإفريقية أحد أهم إنجازات الرئيس السيسي، فقد اتسم تعاطيه مع الملف الليبي، والملف السوداني، بالدبلوماسية والحكمة منقطعة النظير. ذلك أن الملف الليبي لا يقتصر تأثيره على ليبيا وحدها، بل يتسع ليشمل دول الجوار أيضاً، وخاصة دول الساحل الإفريقي التي تعانى فى معظمها من انتشار الجماعات الإرهابية، والجريمة المنظمة، والهجرة غير الشرعية، حيث يكاد ينعدم الأمن الإنساني بأبعاده المختلفة في معظم دول الساحل الإفريقية، ناهيك عن أن تلك الدول تعانى نقصاً حاداً في الغذاء، والمياه، والأمان للسكان، وكذا نقص الرعاية الصحية، وتدهور البيئة...إلخ.

 

لقد أسهم تعاطي الدولة المصرية مع هذا الملف في دعم الاستقرار في تلك الدول، التي عانت لسنوات طويلة من كون ليبيا معبراً للمرتزقة وللإرهابيين.

وكان حل القضية بمثابة ضمان لأمن الساحل الإفريقي، وهو ما يتوافق مع الاختيار المصري للمنطقة لتكون محل عمل المركز التابع للاتحاد الإفريقي والمعني بإعادة الإعمار.

 

أضف إلى ذلك اهتمام مصر الخاص بالملف السوداني بعد رحيل نظام البشير؛ حتى لا ينزلق السودان لحرب أهلية تأتي على الأخضر واليابس فيه. لقد حاولت مصر أن تضمن انتقال سلمي للسلطة وعدم عودة نظام الإخوان للحكم في السودان الشقيق، وكذا ضمان الاستقرار للشعب السوداني دون تدخل في الشأن الداخلي، وقد تجسد ذلك في أن كانت مصر أحد ضمانات "اتفاق جوبا للسلام"، وأحد أهم داعمي الاستقرار والانتقال الديمقراطي في السودان، وهو ما ظهر خلال مؤتمر باريس لدعم الاقتصاد السوداني.

 

لقد عمل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على دعم المرحلة الانتقالية فى السودان اقتصادياً، فقام بإرسال المساعدات الطبية والغذائية وغيرها، لاسيما من أجل مساعدة السودان على التصدي لانتشار فيروس كوفيد-19 المستجد. 

 

ولا يخفى على أحد أن هناك تشاور دائم بين القيادتين المصرية والسودانية فى جميع المجالات، فأمن السودان هو أمن مصر، ورخاء السودان رخاء لمصر، واستقرار السودان استقرار لمصر والعكس. ولا شك أن توقيع الدولة المصرية للعديد من الاتفاقات الأمنية مع الدول الإفريقية، ومنها السودان يُعد مجالاً يجعل مصر قادرة على نقل تجاربها وخبراتها إلى الجيوش الوطنية في إفريقيا، وتنقل لهم عقيدة الجيش الوطني، وتحارب عقيدة الميليشيات والتحزب خلف الجماعات العرقية.

 

علاوة على ذلك ساعدت مصر الأشقاء الأفارقة فى مجال الرعاية الصحية، فأرسلت القوافل والمعونات الدوائية لجنوب السودان والسودان وجيبوتي، وتصدت مع العديد من دول القارة لتفشي فيروس سي، من خلال حملة مليون صحة إفريقية، وكذا تعاونت في سبل مواجهة جائحة كورونا، وفتحت المجال للتعاون الطبي مع كافة دول القارة.

 

4.دعمت مصر الحلول الإفريقية للأزمات الإفريقية: إن الرئيس السيسي يؤمن إيماناً راسخاً بأن الأفارقة هم الأجدر بحل قضاياهم. وقد تعاونت مصر مع الدول الإفريقية في مجالات مختلفة؛ فرأينا الإسهام في حل القضايا المختلفة بالطرق السلمية، وتدخل مصر في الملف الليبي لتهدئة الأوضاع، ومساهمة مصر في تهدئة الأوضاع والمصالحة في السودان، وزيادة حجم التبادل التجاري بين مصر والدول الإفريقية، تلا ذلك رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي، مما كان له صدى كبير وواسع على المستوى الدولي والإقليمي. ولقد لعبت مصر دوراً محورياً في إظهار القارة بشكلها الجديد الذي يتسق مع أجندة الاتحاد الإفريقي 2063، وخاصة تبنى استراتيجية الحل الإفريقي للأزمات الإفريقية. واستطاع الرئيس السيسي أن يمهد الطريق أمام المستثمر المصري نحو القارة الإفريقية، وبدأت الدولة المصرية بنفسها؛ حيث تشارك في بناء واحد من أكبر السدود في تنزانيا، وتدعم الاستثمار الخاص في السودان، وتتعاون في مشروعات زراعية مع أوغندا ورواندا وبوروندي. ليس هذا فحسب، بل نجحت مصر فى إبراز الفرص الاستثمارية فى القارة بشرط أن تنعكس بصورة إيجابية على المواطن الإفريقى.

 

كما أسهمت سياسة الرئيس السيسي فى زيادة الوعى الشعبي بالقضايا الإفريقية، واحتلت القارة مكانة في اهتمام السياسية الخارجية المصرية وفي الزيارات التي يقوم بها مسؤولين مصريين، مما جعل الشأن الإفريقي محل اهتمام كبير من قِبل العديد من المراكز البحثية والصحف والوحدات الإعلامية، وتعزيز الوعي الجمعي المصري بالانتماء لهذه القارة، بعد أن كان الوعي الشعبي لا يولي أهمية لهذه الدائرة على عكس اهتمامه الكبير بالدائرة العربية. مصر إفريقية بحكم التاريخ والجغرافيا، ومصر إفريقية بحكم الحضارة والإرادة المشتركة ووحدة المصير.

 

وأخيراً فإن انجازات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على الصعيد الإفريقي لم تقتصر على فترة رئاسته للاتحاد الإفريقي فحسب، بل بدأت منذ أن تولى فخامته الحكم بالزيارات والمشاورات وتبادل الرؤى والمساعدات وتمثيل القارة فى المحافل الدولية، واستمرت الإنجازات بعد عام ترأس مصر للاتحاد الإفريقي أيضاً، فكانت كلماته في جلسة تسليمه رئاسة الاتحاد تعبر عما تريده مصر من خير وتنمية ورخاء للشعوب الإفريقية جمعاء، حيث تحدث عن المشروعات الكبرى، وأهمية مواجهة النزاعات القائمة، وسبل حلها سياسياً، وضرورة انفتاح إفريقيا على العالم من أجل تحقيق التنمية المستدامة. بالإضافة إلى تأكيده على تمكين المرأة والشباب والعمل على إنشاء قوة افريقية مشتركة لمكافحة الإرهاب...وللحديث بقية.

 

القائم بأعمال عميد كلية الدراسات الإفريقية العليا جامعة القاهرة  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز