ننشر كلمة "كومان" بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات
محمد هاشم
قال الدكتور محمد علي كومان الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب خلال كلمة بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات أن العالم العربي يحتفل ، إلى جانب الأسرة الدّولية، في السادس والعشرين من شهر يونيو من كل عام، باليوم العالمي لمكافحة مشكلة المخدرات. ويمثل الاحتفالُ بهذه المناسبة، فرصةً لاستذكار شهداء الواجب، الذين قضوا في مواجهات مع عصابات الإجرام الشريرة التي تسعى جاهدةً لإفساد المجتمعات وتدميرها من خلال الترويج لسمومها الفتّاكة.
وأضاف: يقفُ رجالٌ عاهدوا الله، وعاهدوا أوطانهم وأمّتهم، على أن يكونوا سدّاً منيعاً أمام هذه المخدرات ومكافحتها، يقفون بشموخٍ وإباء، ويبذلون الغالي والنّفيس، لدرء أخطار المخدرات عن أوطانهم، فالرحمةُ لمن قضى نحبَه منهم، وكلُّ الدعم والتأييد والمساندة لمن ما زال منهم يحرس الثغور بقلبه وضميره وسواعده. ويمثل الاحتفالُ بهذا اليوم أيضاً، مناسبةً لنقف وقفة تأمّل بما آلت إليه الأمور في هذه الحرب الضّروس، ونستقي منها العبر والدروس، فنعرف أين أصبنا، فنزيد العزم والإصرار على المواجهة، ونعرف أين ينبغي بذل المزيد من الجهد، لنعزّز الإنجازات ونتبادل فُضلى الممارسات، وأهم التجارب والنجاحات.
وتابع: للأسف فإن المخدرات باتت تُشكّل إحدى أخطر وأعقد المشكلات التي يشهدها العالم المعاصر، وذلك بالنظر لآثارها السلبية العديدة، وما يرتبط بها من انعكاسات على الصحة العامة للواقعين في براثنها، وما تفرضه على ذويهم من مآسٍ ومشكلات جمّة، فضلاً عن تأثيراتها السّلبية الأخرى على مجمل الواقع الاقتصادي والاجتماعي في الدول، والنّيل من جهودها في السير قُدُماً نحو الرّفاه والاستقرار.
وتابع: الأشد والأنكى أن يترافق انتشارُ هذه الظاهرة وتزايدها، مع ما شهدته المنطقة العربية، والعالم بأسره، من تفشٍ لجائحة كورونا (فيروس كوفيد-19) الذي شلّ الحياة العامة، لبعض الوقت، في معظم أرجاء العالم، ولم تكد تسلم من نتائجه أيُّ دولةٍ أو إقليمٍ على الإطلاق. ففي الوقت الذي كانت الدول والمجتمعات تبذل كلّ ما في وسعها، لتجاوز المحنة، والحدّ من تفشّيها، والتقليل من آثارها على الفرد والمجتمع، كانت عصابات الإجرام المنظم، تبذل قُصارى جهدها لاستغلال الظروف القائمة في الترويج لبضاعتها القاتلة، بشتّى الأساليب والطرق، لا سيّما عبر الشبكة العنكبوتية (الانترنت).
وقال: ثم إن استمرار بعض الاضطرابات والصراعات السياسية والاجتماعية، في بعض بقاع العالم، برغم تفشّي الجائحة، وانشغال الأجهزة الأمنية في مواجهتها، عزّز من توافر الأرض الخصبة لنشاط العصابات الإجرامية المنظمة المختلفة، وتغلغلها، مستغلةً الأوضاع السائدة لصالحها في توسيع وزيادة أنشطتها غير المشروعة، وخاصةً عمليات المتاجرة بالمخدرات، التي توفر أموالاً طائلةً يتم توظيفها لتمويل نشاطاتها الإجرامية المختلفة الأخرى، في حلقةٍ متصلةٍ من الشرّ والشيطانية، يُضاف إلى ذلك ما طرأ على الساحة الدولية من مستجداتٍ في مجالات المخدرات بجوانبها المختلفة،زراعةً وإنتاجاً وتهريباً، والتي لها تأثيراتها المباشرة على الساحةالعربية برمّتها.
واستطرد قائلا: لقد بذلت الأمانةُ العامةُ لمجلس وزراء الداخلية العرب، ومكتبُها المتخصصُ بشؤون المخدرات والجريمة جهودا متواصلة في دعم وتعزيز جهود الأجهزة الأمنية العربية في تصدّيها البطولي لكل ما من شأنه المساس بأمن وسلامة المجتمع العربي الكبير، برغم جميع الظروف السائدة. فقد بذلت أجهزة إنفاذ القانون العربية جهوداً مضنيةً في التصدّي لجميع الظواهر الإجرامية، وفي مقدمتها جرائم المخدرات، وكانت الأمانة العامة من ورائها، تعزّزُ أواصر التعاون، وتدعمُ أسس التنسيق والعمل المشترك، على جميع الأصعدة، من خلال الاستمرار في تنفيذ الاستراتيجية العربية لمكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية، وخطتها المرحلية التاسعة، إلى جانب الاستراتيجيات الأمنية الأخرى، وخططها التنفيذية المرحلية، مع ما يتطلبه كل ذلك من متابعات حثيثة، وإصدارات دورية وحديثة، ودراسات وأبحاث متنوعة، إلى جانب عقد بعض اللقاءات والاجتماعات افتراضياً، للحفاظ على ديمومة العمل، واستمراريته، على مختلف الصّعد والمستويات.
كما أضاف: اليوم، ونحن نحتفل باليوم العالمي لمكافحة المخدرات، نؤكّدُ على أهمية تعزيز التعاون العربي العربي، والعربي الدولي، على مختلف الأصعدة، لمكافحة هذه الظاهرة التي تشهد تزايداً مطرداً، عاماً بعد عام، ولنشدَّ أزرَ بعضنا البعض، في غمار هذه المواجهة الشرسة ضدّ هذا الوباء الفتّاك، بالعمل الدؤوب على مكافحة إنتاجها، ومنع زراعة نباتاتها، والحدّ من تصنيعها، ثم مواجهة الطلب عليها بالوقاية والتوعية، وبعد ذلك الضربُ بيدٍ من حديد، على مروّجيها وعارضيها، وصولاً إلى العناية بضحاياها الواقعين في براثنها، بتوفير كل سبل العلاج والرعاية والتأهيل، لضمان تعافيهم وعودتهم لمجتمعاتهم أفراداً أصحّاء مُنتجين، هذا مع توفير سبل الرعاية اللاحقة لضمان عدم انتكاسهم وعودتهم إلى مراتع الارتهان.