![البنك الاهلي البنك الاهلي](/UserFiles/Ads/8372.jpg)
المستشار أســـــامة الصعيدي يكتب: الدليل العلمي وضمير القاضي
![](/UserFiles/News/2021/05/15/843749.jpg?210515154042)
أكد المشرع المصري مبدأ حرية اقتناع القاضي الجنائي فيحكم القاضي في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديه بكامل حريته فالقانون أمد القاضي في المسائل الجنائية بسلطة واسعة وحرية كاملة في سبيل تقصى ثبوت الجريمة أو عدم ثبوتها والوقوف على حقيقه علاقة المتهمين ومقدار اتصالهم بها وللمحكمة تجزئة الدليل المقدم لها وأن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وتطرح ما لا تثق فيه من تلك الاقوال اذ مرجع الامر في هذا الشأن إلى اقتناعها وحدها.
ومن المقرر ان تقدير الادلة بالنسبة الى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها لتلك الأدلة واطمئنانها اليها بالنسبة الى متهم وعدم اطمئنانها الى الادلة ذاتها في حق متهم اخر، واذا كان الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث.
الا ان هذا مشروط بأن تكون المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحتة التي لا تستطيع المحكمة بنفسها ان تشق طريقها لإبداء الرأي فيها، وهذه المسائل الفنية تقتضي الاستعانة بالاساليب الفنية التي كشف عنها العلم الحديث في اثبات الجريمة ونسبتها إلى المتهم ولذلك يقوم الخبير بالدور الرئيسي في عملية الاثبات فظهور الادلة العلمية أدى الى تعاظم دور الخبراء والقيام بدور فعال في ابداء خبرتهم الفنية واذا كان التطور العلمي له دور فعال في ظهور ادلة علمية جديدة قد تبدو غريبة على التكوين القانوني للقاضي.
الا ان هذا التطور العلمي من وجهة نظرنا لا يتعارض مع مبدأ حرية القاضي في تكوين عقيدته وذلك فيما يتعلق بالظروف والملابسات التي وجد فيها هذا الدليل العلمي أما في قيمة الدليل من الناحية العلمية فلا حرية للقاضي بشأنها اي لا حرية للقاضي في مناقشة الحقائق العلمية الثابتة.
الا أنه في مقدور القاضي أن يطرح مثل هذا الدليل على الرغم من قطعيته من الناحية العلمية اذا وجد انه لا يتسق منطقياً مع ظروف الواقعة وملابساتها، فمجرد توافر الدليل العلمي لا يعني أن القاضي ملزم بالحكم مباشرة دون بحث الظروف والملابسات بالأدانة او بالبراءة.
وفي النهاية "لن يرتاح ضمير القاضي ازاء الدليل العلمي الا باختيار الخبير القادر على اصدار الرأي الفني في الوقائع اللازمة لإصداره ولن يتأتى ذلك الا بوجود الخبير الذي تتوافر لديه ثقافة الوصول للحقيقة واراحة ضمير القاضي من خلال المامه بالوقائع موضوع الفحص وإلمامه بالتطور التكنولوجي الذي صاحب السلوك الاجرامي وكيف ان المتهم حاليا يستخدم معطيات العلوم الحيدثة في ارتكاب الجريمة”.