عاجل
الأربعاء 18 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي

مفتي الجمهورية لـ "بوابة روزاليوسف": قضية التجديد حتمية وفهم مقاصد الدين يكون من خلال نظرة تجديدية

مفتى الجمهورية
مفتى الجمهورية

- الشائعات تهدف إلى زعزعة استقرار الدول وإثارة الاضطرابات



 

- رأي المفتي في أحكام الإعدام استشاري لإبداء الرأي الشرعي

 

- القضية السكانية من القضايا المهمة لكونها تمس الأمن الفكري والأمن القومي

 

أكد فضيلة الدكتور شوقى علام، مفتى الديار المصرية، جزءا كبيرا من فوضى الفتاوى سببها أن الذين تصدروا المشهد للفتوى ليسوا من أهل الفتوى وغير مؤهلين علمياً أو تدربوا تدريباً حقيقياً يؤهلهم لتصدر المشهد، ومن يقوم على الإفتاء ينحصر دوره فى بيان الحكم الشرعى فقط.

 

وأضاف فضيلة الفتى في حواره مع “بوابة روزاليوسف”، ان دار الإفتاء تسعى إلى تصحيح مسار الإفتاء ومواجهة فوضى الفتاوى عن طريق توفير الخدمات الإفتائية بوسائل مختلفة متعددة وبوسائل التكنولوجيا الحديثة لمواجهة الجماعات المتشددة.

 

وإلى نص الحوار ...

 

 

- فى البداية كل عام وفضيتلكم بخير بمناسبة حلول شهررمضان المعظم، ما حكم من يصوم رمضان ولا يصلي، هل يَفسُد صيامه ولا يؤجر عليه؟

 

لا يجوز لمسلمٍ تركُ الصلاة، وقد اشتد وعيد الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم لمن تركها وفرط في شأنها، والمسلم مأمورٌ بأداء كل عبادة شرعها الله تعالى -من الصلاة والصيام والزكاة والحج وغيرها مما افترض الله عليه- إن كان من أهل وجوبه، وعليه أن يلتزم بها جميعًا .

 

وكل عبادة من هذه العبادات المفروضة لها أركانها وشروطها الخاصة بها، ولا تَعَلُّق لهذه الأركان والشروط بأداء العبادات الأخرى، فإن أدَّاها المسلم على الوجه الصحيح مع تركه لغيرها من العبادات فقد أجزأه ذلك وبرئت ذمتُه من جهتـها، ولكنه يأثم لتركه أداء العبـادات الأخرى، فمن صـام وهو لا يصلي فصومه صحيح غير فاسد؛ لأنه لا يُشتَرَط لصحة الصوم إقامة الصلاة، ولكنه آثمٌ شرعًا من جهة تركه للصلاة، ومرتكب بذلك لكبيرة من كبائر الذنوب، ويجب عليه أن يبادر بالتوبة إلى الله تعالى، أما مسألة الأجر فموكولة إلى الله تعالى، غير أن الصائم المُصَلِّي أرجى ثوابًا وأجرًا وقَبولًا ممن لا يصلي.

 

 

- وما حكم إفطار مرضى كورونا في رمضان؟

 

من أصابتهم عدوى وباء كورونا «COVID-19» هم أولى الناس برخصة الإفطار للمرض، وفقا لقول الله تعالى: «فَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ» «البقرة: 184»، وفي مثل شدة حالتهم يفهم التأكيد على الرخصة في قوله تعالى: «وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ»، إذ في علاجهم مصلحتان: مصلحة خاصَّة في شفائهم ونجاتهم من المرض، ومصلحة عامَّة في قطْعِ دابر الوباء واستئصال شأفة العدوى والبلاء. وفي ذلك يتم الرجوع إلى رأي الطبيب.

 

 
 
 

 

- مع دخول شهر رمضان يشتعل السجال على الفضائيات بإطلاق الفتاوى.. كيف نحد من هذه الظاهرة؟

 

جزء كبير من فوضى الفتاوى سببها أن الذين تصدروا المشهد للفتوى ليسوا من أهل الفتوى وغير مؤهلين علمياً أو تدربوا تدريباً حقيقياً يؤهلهم لتصدر المشهد، ومن يقوم على الإفتاء ينحصر دوره فى بيان الحكم الشرعى فقط، ويخبر عما استنبطه من أدلة المشرع، والمتولى أمر الإفتاء ليس له أن يحلل أو يحرم، ولكن يبين فقط حكم ما يأتيه من أسئلة ليبين الحكم، والذي يتولى الإفتاء لابد أن يكون مؤهلا ومكونا علميا تكوينا صحيحا، وسبق أن حددنا مع الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف قائمة بخمسون عالما أزهريا للظهور عبر الفضائيات وذلك بهدف الحد من فوضى الفتاوى.

 

 

 
 
 

 

 
 

- وكيف تواجه دار الإفتاء هذه الظاهرة ؟

 

تسعى دار الإفتاء إلى تصحيح مسار الإفتاء ومواجهة فوضى الفتاوى عن طريق توفير الخدمات الإفتائية بوسائل مختلفة متعددة وبوسائل التكنولوجيا الحديثة لمواجهة الجماعات المتشددة.

وتعد الدار رائدة المؤسسات الدينية في مجال الواقع الافتراضي ومواقع التواصل الاجتماعي، سواء في مصر أو في العالم العربي والإسلامي، فقد استفادت دار الإفتاء المصرية من هذه الوسائل في نشر رسالتها أيما استفادة، فكثَّفت من حضورها على مواقع التواصل الاجتماعي بإنشاء 16 منصة تعبر عن منهجها وتذيع أفكارها من خلالها، كما ان صفحة دار الإفتاء المصرية على الفيس بوك تعد النافذة الكبرى والأهم في التواصل مع الجمهور، تلك الصفحة أُطلقت في عام 2010، وحازت التوثيق والاعتماد من إدارة الفيس بوك، وقد زاد عدد المشتركين فيها اليوم عن 10 ملايين و٧٠٠ ألف متابع حول العالم.

 

 

- الرئيس السيسي تحدث أكثر من مرة عن تجديد الخطاب الدينى .. ما دوركم في تقديم أفكار تجدد الخطاب الديني بما يتناسب مع ظروف المجتمع الآن، وما آخر الآليات التي تتخذها دار الإفتاء المصرية للتجديد فى القضايا الفقهية؟

 

قضية التجديد حتمية، ولا يمكن أن يكون هناك فهم دقيق لمقاصد الدين إلا من خلال نظرة تجديدية متطورة ليس على مستوى السنوات بل على مستوى اليوم، وأن يكون العقل مواكبا لكل التطورات الحاصلة، وأن يزيل العقل الاجتهادي، التراب المتراكم على جملة من العادات والتقاليد والثقافات.

 

وقد انطلقنا من التكليف الرئاسي الذي صدر من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، بضرورة تجديد الخطاب الديني وعرض الخطاب بما يليق مع العقلية التي تستقبله، حيث اعتبرنا هذا التكليف هو تأكيد لدور دار الإفتاء المصرية، و الدار أنجزت العديد من الخطوات المهمة في ملف التجديد، وما زال هناك جهود تتم في الملف، حيث دشنت الدار مرصدا لمكافحة الفتاوى المتشددة والتطرف، لرصد الفتاوى التكفيرية على مدار 24 ساعة، ويتم التحليل لتلك الفتاوي وكتابة تقارير لمواجهة الفكر المتطرف، فمنذ 2014 تم كتابة أكثر من 500 تقرير عن الفتاوى التكفيرية، وتلك التقارير توضح موقف الدار من التطرف الواقع حول العالم، وموضع اهتمام لمراكز الأبحاث الدولية، وتم ترجمتها للغات عديدة، كذلك دشنت الدار وحدة الرسوم المتحركة والمؤشر العالمى للفتوى ومنصة هداية وغيرهم من المراكز البحثية الهامه التي تدعم قضية التجديد.

 

- وما آليات عمل مرصد الفتاوى التكفيرية؟

 

يعد المرصد أداة رصدية وبحثية لخدمة المؤسسة الدينية باعتبارها المرجعية الإسلامية الأولى في مجال الفتوى، حيث يقدم الدعم العملي والفني والشرعي اللازم لتمكين المؤسسة الإفتائية من تحديد لظاهرة وبيان أسبابها وسياقاتها المختلفة، والأطراف الفاعلة فيها، ومقولاتها وادعاءاتها، وصولا إلى تقديم أطر وأسباب علاج تلك الظاهرة، وتقديم برامج عمل وخطوات لتحقيق هذا الهدف، كما يقدم المرصد العون والدعم للمؤسسات الدينية والاجتماعية المصرية في مواجهة تلك الظاهرة وآثارها، بالإضافة إلى تقديم أنماط التشدد والمتشددين، ودليل تعامل مع الفكر والفرد المنتمي والمتبني لهذا الفكر.

ويعمل المرصد الإعلامي على رصد المواد الإعلامية بصورها المختلفة “المرئي والمقروء والمسموع” بشكل شامل أو بشكل انتقائي طبقا لسلم الأولويات وخريطة الموضوعات المحددة كمجال لعمل المرصد ومركزا لاهتمامه، وتشمل تلك المدخلات الصحف والمجلات الورقية والقنوات الفضائية ومواقع الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي.

 

- وهل يقوم دار الإفتاء بتفنيد وإظهار أخطاء وتناقضات ومخاطر الفتاوى التي تصدر عن الجماعات المتطرفة؟

 

دار الإفتاء المصرية تعتمد على آليات حديثة لمواجهة خطر انتشار فتاوى الجماعات المتطرفة على كافة النطاقات والاصعدة، ولعل اهم تلك الأليات هو المؤشر العالمى للفتوى الذي يعد مبادرة مصرية خالصة بأفكار الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، وجهود العاملين بدار الإفتاء المصرية، حيث يلقى المؤشر الضوء على كافة الفتاوى في الدوائر الجغرافية عالميًّا فضلًا عن إلقاء الضوء على خطابات الجماعات المتطرفة، مثل الإخوان وداعش والقاعدة وحزب التحرير، من فتاوى وخطب وإصدارات وتسجيلات، ولفت النظر إلى عدد من القضايا الاستشرافية.

 

كما يعد إحدى آليات مكافحة الإرهاب والتطرف إلكترونيًّا، الأول من نوعه في العالم القادر على رصد الفتاوى آليًّا وتحليلها والوقوف على مكامن الضعف والخلل في الفكر المتطرف، والذي يهدف إلى بناء أكبر قاعدة بيانات للفتاوى في العالم من خلال منصته الإلكترونية.

 

- كيف تواجه دار الإفتاء الادعاءات التي يروجها البعض في الغرب عن الإسلام  ومحاولة تشويه صورة الإسلام في الغرب؟

 

دار الإفتاء المصرية تعمل على نشر الوسطية والدفاع عن الإسلام ومحاربة الفوضى في الخطاب الديني في الخارج تنفيذًا للاستراتيجية التي وضعتها الدار ، ونعمل دائما على نشر الوسطية والدفاع عن الإسلام ومحاربة الفوضى فى الخطاب الدينى فى الداخل والخارج على قدم المساواة، وقد لا حظنا هجومًا شديدًا فى الغرب على الإسلام ومحاولة تصويره على أنه دين يحض على العنف وسفك الدماء، فأردنا أن نقوم بدورنا للذود عن الدين، كما أنه توجد هناك أيضًا أقليات إسلامية فى الغرب لها قضاياها الدينية التي تريد الإجابة عنها، وهذا من واقع دورنا أيضًا، والدار تقوم بدورها فى الداخل حتى فى المحافظات من خلال أفرعها المختلفة ومن خلال علمائها، هى منظومة يكمل بعضها بعضًا، فالغاية واحدة لكن الوسائل متعددة.

 

و على الهيئات الإسلامية الوسطية أن تعلن عن نفسها لترد بقوة وبحسم على الأفكار الضالة بمنهجية علمية رصينة، لأن هناك مؤشرا خطيرا فيما يتعلق بالحالة الراهنة للجاليات المسلمة، في ظل صدور الفتوى من غير المتخصصين، ومن تيارات التشدد والتطرف، من أبناء هذه الجاليات وغيرهم، ما يسبب اضطرابًا كبيرًا في مجتمعات هذه الجاليات.

 

-  وهل ترى أن تدريب وتاهيل  أئمة مساجد الجاليات المسلمة يسهم فى تغيير نظرة الغرب للإسلام؟

 

نهدف من خلال تدريب أئمة الغرب مواجهة «الإسلاموفوبيا» والإرهاب، فتدريب أئمة المساجد والمراكز الإسلامية في دول الغرب خطوة مهمة في مواجهة «رهاب الإسلام “الإسلاموفوبيا”، والتنظيمات المتطرفة في الخارج، والدراسات والإحصائيات أظهرت أن ما يقدَّر بنحو 50 ألف مقاتل في صفوف «داعش» نصفهم من أبناء الجاليات المسلمة في الغرب، كما أظهرت أن إعلام التنظيم الإرهابي يتحدث ب12 لغةً، وهو ما يحتم مواجهة الفكر المتطرف لتحصين الشباب المسلم من الوقوع في براثن التطرف، من أجل تعزيز اندماج المسلمين في مجتمعاتهم الغربية، ومواجهة «الإسلاموفوبيا».

 

ولا شك أن الأئمة والدعاة في الغرب هم نواة نشر الإسلام، وتصحيح المفاهيم في الخارج، وتدريبهم وتأهيلهم خطوة غاية في الأهمية في منظومة تجديد الخطاب الديني، وسحب البساط من تحت تيارات الإسلام السياسي المسيطرة على الجاليات المسلمة في الغرب، والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم على أتم الاستعداد لتقديم جميع أشكال الدعم الشرعي للأئمة والجاليات المسلمة في الغرب، والإفادة من خبراتها في مكافحة التطرف.

 

- كيف يتم التنسيق بين دار الإفتاء والأزهر والأوقاف.. وما أوجه هذا التنسيق؟

 

المؤسسات الدينية في الدولة تعمل في تكامل وتناغم مع بعضها البعض في نشر صحيح الدين، و إصدار الفتوى بدار الافتاء يتم وفق المنهج الأزهري القائم على مراعاة المآلات والأحوال والعادات والتقاليد التي تتفق والشرع الشريف وكذا إدراك الواقع؛ وهو ما يفتح باب الاجتهاد أمام علماء الأزهر ودار الإفتاء للتفاعل مع قضايا الأمة، بما يعود عليها بالنفع، ويناسب العصر، ويسد الباب أمام الفتوى المتطرفة والشاذة.

 

والفتوى لدينا بها علاوة على كونها مستمدة من منهج الأزهر الشريف فهي أثناء التكييف الفقهي للمسألة تبحث في الوقائع بصورة متخصصة، بالإضافة إلى التنقل بين المذاهب الفقهية المعتمدة، مع دراسة الواقع ومآلات الفتوى؛ لأجل الوصول إلى حكم شرعي صحيح يراعي الزمان والمكان والعوائد والأحوال.

 

- كيف ننقذ الشباب من السقوط في دائرة التكفير والأعمال الإجرامية باسم الدين؟

 

تواصل دار الإفتاء المصرية جهودها في ملف تحصين الشباب من موجات الأفكار الهدامة ومحاولات الاستقطاب المستميتة التي لا تهدأ جماعات الظلام والتطرف من بذلها لتشويه أفكار ومعتقدات العقول الشابة واليافعة، ومع انتشار ظاهرة الالحاد في المجتمع المصري وتسجيلها أرقاما خطيره خلال السنوات الأخيرة، وضعت دار الإفتاء استراتيجية بناءه لتصحيح أفكار الشباب ومعالجة التشوهات الفكرية التي طالت البعض منهم وخاصة عقب حكم جماعة الإخوان.

 

ولدى دار الإفتاء مجموعة آليات لتصحيح أفكار الشباب منها ضرورة أن يكون الخطاب الديني أكثر اعتدالا، والعناية بالرسوخ العلمي الذي يناقش تفاصيل القضايا العقدية والفكرية القديمة والمعاصرة، وعدم الانسياق وراء القضايا الهامشية وغير المجدية، وكذلك فتح المراكز المتخصصة في رصد الأفكار والآراء الفقهية والفتاوى المتشددة والشاذة التي تبث في مواقع النت وغيرها من النوافذ الإعلامية، ومعالجتها من خلال اجتماع المتخصصين في المجالات الشرعية والفكرية والعلمية، التشديد على عدم فتح الباب لغير المؤهلين وغير المتخصصين في البرامج الدينية التي تبثها وسائل الإعلام المختلفة، حيث يتعمد غالبيتهم الإساءة في توصيل المعلومة الدينية الصحيحة، وكذلك ضرورة ابتعاد العلماء عن الانخراط في العمل السياسي وخلط الدين بالسياسة، وترسيخ المنهج الوسطى لمواجهة التشدد.

 
 

 

- وكيف تواجه دار الإفتاء ظاهرة الإسلام السياسي؟

 

الإسلام السياسي يعد البوابة الأولى لمعظم الأفراد الذين انضموا لاحقًا إلى جماعات العنف كداعش والقاعدة، حيث بدأ توظيف الدين لخدمة أهداف سياسية على أيدي تلك التيارات التي تمارس العمل السياسي بتوظيف الدين والمعتقد لتحقيق المكاسب والتأييد ثم ما تلبث أن تمارس العنف بغطاء ديني يشرعن للعنف ويبرره، بل ويصل بهم إلى وضعه في مرتبة الواجب، وهو خطاب يُزين بمجموعة من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية المبتورة من سياقها، والتي تنطلي على عدد من المسلمين في الخارج فيقع البعض فريسة لهذا الخطاب وتلك الدعاية، ومن ثم لزم على المؤسسات الدينية بشكل عام، و الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء التي تترأسها دار الإفتاء المصرية في العالم بشكل خاص تتعامل مع تلك التيارات لسحب البساط من تحت أقدامها، وتفنيد خطابها وتعرية حججها بما يمثل إعادة لخطاب الإسلام الوسطي المستنير إلى الواجهة بدلًا من خطاب الإسلام السياسي الداعم للعنف والمؤسس له.

 

- كيف يتم محاربة الشائعات التي تستهدف مصر من وقت لآخر؟

 

الشائعات تهدف إلى زعزعة استقرار الدول وإثارة الاضطرابات عبر الشائعات والأكاذيب التي تروج لها على وسائل التواصل الاجتماعي ومنابر إعلامية خارجية ذات ولاءات أجنبية، تهدف إلى هدم جسور الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، وإشاعة مناخ من التشكك والخوف الدائم من المستقبل، فهي نوع من الحرب النفسية.

 

والله سبحانه وتعالى قد أمرنا في القرآن الكريم بالتثبت من الأخبار، فقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ [الحجرات:6]، كما حث النبي صلى الله عليه وآله وسلم مَن يتكلم منا أو يشهد على شيء أن يكون كلامه وشهادته وإخباره كرؤيته للشمس، ونهى في الحديث الصحيح «عَنْ قِيلَ وَقَالَ» بدون تدبر ولا تثبت، والاستماع للشائعات والأخبار الكاذبة وترويجها ونشرها ليس من سلوك العقلاء أو أخلاق المسلمين؛ فالشائعات من الأخطار التي تهدد كيان المجتمعات وحياة الشعوب ومستقبل الأمم.

 

وقد شنت دار الإفتاء المصرية حربا لمواجهة الشائعات وانتشارها، على مدار السنوات الأخيرة، وأصدرت عدد من الأبحاث والبيانات والتقارير التي توضح تعريف الشائعات، والهدف منها وأنواعها، وأسباب انتشارها، وعرفت الدار الشائعات بأنها تدويرٌ لخبرٍ مختَلَقٍ لا أساس له من الواقع، يحتوي على معلومات مضلِّلة، باعتماد المبالغة والتهويل في سرده، وهذا الخبر في الغالب يكون ذا طابعٍ يُثير الفتنة ويُحْدِث البلبلة بين الناس؛ وعلى الأفراد التصدي لتلك الظاهرة وعدم تناقل الأخبار دون التحقق من مصدرها والوقوف على مدى صحتها، وكذلك عدم الخوض فيما ليس به علم ولم يقم عليه دليل صحيح.

 

 
 
 

- الإلحاد.. أصبح من المعاصي المجاهر بها على مواقع التواصل الاجتماعي! ما هي أسبابه وكيف نواجهه؟

 

ما حدث خلال السنوات الأخيرة من انفتاح وحريات غير منضبطة أتاح لأصحاب الأفكار الهدامة الجهر بمعتقدهم، ومن ثم وجد الملحدون الفرصة مواتية لنشر مذهبهم، وتأتى مصر من أكثر البلدان الإسلامية تأثراً بهذه الظاهرة، فلقد تعرض المجتمع المصري إلى سلسلة من الصدامات والصدمات، كان من آثارها انحسار الدعوة، وتداعي عدد غير يسير من العلماء للانشغال بالسياسة، مما جعل الأجواء مثالية لانتشار الكثير من الأفكار المنحرفة والمذاهب الهدامة، وعلى رأس ذلك الإلحاد، و المجتمع المصري معروف عنه أنه يولي الدين أهمية عظمى و يصعب أن يعلن فيه الإنسان مثل هذا الخيار (الالحاد)، ولكن مع الأسف فهناك كثيرا من المؤشرات تؤكد أن الإلحاد موجود في المجتمع المصري بشكل أكبر مما يتوقعه غالبية الناس، وخصوصا بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين العشرين والثلاثين.

 

وتولى دار الإفتاء المصرية أهمية خاصة في الوصول إلى فئة الشباب من خلال ابتكار الآليات والوسائل وتجديد شكل الخطاب الديني الموجه لهم حيث أطلقت عدد من المنصات الإلكترونية الداعمة لهذا الهدف من بينها وحدة الرسوم المتحركة التي تعمل على تفنيد شبهات وفتاوى المتطرفين والرد عليها بأسلوب مبسط يجذب تلك الفئه من خلال تقنية الموشن جرافيك، كما يوجد بروتوكول تعاون قائم بين دار الإفتاء ووزارة الشباب لإعداد جيل من الشباب أكثر حفاظا على تعاليم الإسلام الوسطية ويهدف هذا البروتوكول إلى تفسير الفتاوى الخاطئة، فضلا عن حرص الدار على عقد المجالس الإفتائية في مراكز الشباب بالمحافظات المختلفة، إلى جانب المحاضرات التي يلقيها فضيلة مفتى الجمهورية في مختلف الجامعات المصرية.

 

- في ظل وجود مشكلة الزيادة السكانية في مصر والتي تؤثر على التنمية الشاملة التي تقوم بها الدولة.. ما الدور الذي تقوم به الدار في توضيح الأفكار المغلوطة عن تنظيم النسل؟

 

القضية السكانية من القضايا المهمة لكونها تمس الأمن الفكرى والأمن القومى وتتطلب علاجًا حاسمًا لتفادى الأزمات الاقتصادية المترتبة عليها، ولارتباطها ببعض الأفكار المغلوطة التي ترى أن تقنينها وحلها يتعارض مع المشيئة الإلهيِّة، ودار الإفتاء تعمل على تصحيح المفاهيم الخاطئة بشأن هذه المسألة من خلال بيان الاحكام الشرعية والتوعية بمخاطر الزيادة السكانية، و ترتيب الأمور أو أقسام المقاصد فى الشريعة الإسلامية يكون على درجات مختلفة، فأعلاها مرتبة الضرورة والتي إذا لم يفعلها الإنسان يكون مُعرضًا للهلاك والدمار وزعزعة الأمن والاستقرار، وهناك مرتبة أخرى أقل منها فى الرتبة وهى مرتبة الحاجيات التي يكون الإنسان فيها فى مشقة شديدة إذا لم يفعل أشياء معينة، ثم رتبة التحسينات وتشمل الأمور التحسينية أو الترفيهية، كمسألة تنظيم النسل قياسًا على مراد الصحابة فى مسألة العزل، واستنادًا إلى أقوال أهل العلم، ووفقًا لترتيب المقاصد، فإذا كان التحسين جائزًا، فمن باب أولى أن يكون الضرورى جائزًا، وهو ما ينطبق على مسألة تنظيم النسل حيث تشير الدراسات المعتمدة إلى أنه ضرورة.

 

- هل إحالة أوراق أي متهم لفضيلة المفتي يعتبر حكما نهائيا بالإعدام؟

 

رأي المفتي في أحكام الإعدام استشاري لإبداء الرأي الشرعي، وليس أكثر، ووفقًا للتاريخ فرأي المفتي يأتي مؤيدًا للمحكمة بنسبة 95% في أحكام الإعدام للثقة في شرعية الحكم النافذ من المحكمة، قرارات المحكمة وأحكامها جميعها تتم بناء على ما نص عليه ديننا إسلامي، وبالتالي رأي الإفتاء هنا يأتي لإبداء الرأي الشرعي فقط وليس للمعارضة.

 

- متي يرفض فضيلتكم على تنفيذ حكم الإعدام في متهم؟

 

أحيانًا يفوض المفتي الرأي لعدالة المحكمة لترى ما هو مناسب في حكمها حول قرار الإعدام لكونها هي التي باشرت الدعوى بكاملها، لافتاً إلى أن ليس حتماً على المحكمة ان تأخذ بالرأي الذي أرسل من جهة الإفتاء، لأن الكثير من الملابسات القانونية تظل في يد المحكمة، ولا يصدر أي قاضي لأي حكم إلا أذا تأكد من الحكم الشرعي على الجريمة التي ينظر لها هذا القاضي، لان كل الأوراق والمستندات تعرض على القضاة والمستشارين.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز