في خطبة الجمعة بمسجد عمر بن عبد العزيز بمحافظة بني سويف
وزير الأوقاف: التكسب بخيانة الأوطان مهلكة للدين والعرض والشرف
صبحي مجاهد
أكد د. محمد مختار جمعة وزير الاوقاف أن الحرام سم قاتل، المال الحرام سم قاتل، جمع الحرام على الحلال ليكثره، دخل الحرام على الحلال فبعثره، وكل جسد نبت من سحت فالنار أولى به، يقول الحق سبحانه وتعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا.
جاء ذلك خلال خطبة الجمعة اليوم بمسجد عمر بن عبد العزيز بمدينة بني سويف بمحافظة بني سويف وفي إطار مشاركة المحافظة بعيدها القومي، بحضور الدكتور محمد هاني غنيم محافظ بني سويف، والشيخ صفوت نظير مدير مديرية أوقاف بني سويف وعدد من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ بمحافظة بني سويف، وعدد من القيادات الأمنية والشعبية بالمحافظة، وبمراعاة الضوابط الاحترازية والإجراءات الوقائية والتباعد.
أضاف أن هذا السحت وهذا السم يتضاعف ويصبح جريمة مركبة في ثلاثة أحوال متعددة الأول: الاعتداء على المال العام سطوًا، أو رشوة، أو اختلاسًا، لكثرة الأنفس والذمم المتعلقة بالمال العام، الثاني: التكسب بأذى الخلق غشًا أو احتكارًا أو بهتانًا كما قال صلى الله عليه وسلم "مَن غَشَّنا فليسَ مِنَّا"، وقال صلى الله عليه وسلم: "من دخلَ في شيءٍ من أسعارِ المسلمينَ ليُغْليَهُ علَيهِم فإنَّ حقًّا علَى اللَّهِ تبارَكَ وتعالَى أن يُقْعِدَهُ بعِظَمٍ منَ النَّارِ يومَ القيامةِ "، أما الثالث: وهو الأخطر والأشد حرمة فهو التكسب بخيانة الأوطان، سواء أكان ذلك عن طريق التطاول كالأبواق المشبوهة، أم بكتابة تقارير مغلوطة كالجماعات المأجورة، فهم مستأجَرِونَ يُخرِّبونَ دِيارَهُمْ.. ويُكافئونَ على الخرابِ رواتبا.
ولفت الى أن أمرا فارقا بين العلماء والجهلاء هو مدى فهم هؤلاء وأولئك لقضايا الحِل والحرمة، والضيق والسعة؛ فالعالم يدرك أن الأصل في الأشياء الحل والإباحة، وأن التحريم والمنع هو استثناء من الأصل، حيث يقول سبحانه: {قُلْ لَّا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}، ويقول تعالى: "قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ"، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (إن اللَّهَ تعالى فَرضَ فرائضَ فلا تُضيِّعوها، وحدَّ حدودًا فلا تعتَدوها، وحرَّمَ أشياءَ فلا تنتَهِكوها، وسَكَتَ عن أشياءَ- رحمةً بِكُم، غيرَ نِسيانٍ- فَلَا تَسْأَلُوا عَنْهَا)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (مَا أَحَلَّ اللهُ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ حَلالٌ، وَمَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرامٌ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ، فَاقْبَلُوا مِنَ اللهِ عَافِيَتَهُ، وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا)، ويقول سفيان الثوري (رحمه الله): إنما العلم عندنا الرخصة في فقه، فأما التشدد فُكُلُّ أَحَدٍ يُحْسِنَهُ. لذلك يقول رَسُولِ اللَّه ﷺ قَالَ: إنَّ اللَّه تَعَالَى فَرَضَ فَرائِضَ فَلاَ تُضَيِّعُوهَا، وحدَّ حُدُودًا فَلا تَعْتَدُوهَا، وحَرَّم أشْياءَ فَلا تَنْتَهِكُوها، وَسكَتَ عَنْ أشْياءَ رَحْمةً لَكُمْ غَيْرَ نِسْيانٍ فَلا تَبْحثُوا عَنْهَا.
وشدد وزير الاوقاف ان الجهلاء يجعلون الأصل في كل شيء التحريم والمنع، ويطلقون مصطلحات التحريم والتفسيق والتبديع والتكفير دون وعي، غير مدركين ما يترتب على ذلك من آثار، وغير مفرقين بين التحريم والكراهية، ولا حتى ما هو خلاف الأولى، فصعَّبوا على الناس حياتهم، ونفَّروهم من دين الله (عز وجل)، وهو ما حذرنا منه ربنا (عز وجل)، ونبينا (صلى الله عليه وسلم)، حيث يقول سبحانه: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُو منا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ}، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّروا، وَبَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا).