عاجل
السبت 14 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الكتاب الذهبي
البنك الاهلي
دولة المواطنة

دولة المواطنة

في كل ركن من جنبات مصر، يفوح عبق التاريخ، مؤسساتها ضاربة بجذورها في عمُق الحضارة، الممتدة لأكثر من سبعة آلاف عام.



نسيج الوطن، غزلته آلاف السنين، لوّنته دماء الشهداء، في معارك التضحية والفداء، حفاظًا على هذه الأرض الطيبة، ومستقبل أبنائها.

مصر أول دولة مركزية في التاريخ، حكمها مينا موحد القطرين، 3425 قبل الميلاد، فهي بمقياس الأمة المتجانسة، أرض ذات حدود، وحكومة موحدة، وشعب تجمعه إرادة العيش المشترك، وهي أول إمبراطورية في التاريخ بمفهوم الانتشار وبسط النفوذ، على الأقاليم المجاورة دون عدوان.

خاضت معارك ضد الغزاة، وكان تحتمس الثالث بطلها في القرن الخامس قبل الميلاد، الذي قضى على فلول الهكسوس، كانت قبلة وملجأ الأنبياء، وعلى أرضها تجلّى الله دون غيرها من كوكب الأرض. 

جاءت العائلة المقدسة مصر، فبوركت بقدوم المسيح عليه السلام، طفلًا، وفي أرضها عاش نبي الله يوسف وزارها نبي الله يعقوب وقصدها آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

دخلت المسيحية مصر عبر القديس مرقس في ستينيات القرن الأول الميلادي، ومنها انتشرت في إفريقيا، كنيسة الإسكندرية أول كنيسة في قارة إفريقيا، وسرعان ما انتشرت المسيحية، اعتنق الرومان المسيحية، بيد أن المصريين تمسكوا بمذهبهم الكاثوليكي، وقادوا المقاومة ضد الاحتلال.

وكما كانت الكنيسة في مصر الأولى في إفريقيا، كذلك مسجد سادة قريش في مدينة بلبيس بمحافظ الشرقية، كان هو الأول في القارة الإفريقية، ومن مصر انتشر صحيح الدين.

فمصر رائدة الحضارة، منارة الأديان، ثروتها في وحدتها ونسيجها المتماسك، وسلامها الاجتماعي، والحفاظ على القيم العليا للوطن.

الحفاظ على متانة النسيج الاجتماعي، والوحدة الوطنية، والمقومات الأساسية، قضية أمن قومي، لا تهاون فيها، تبدأ بالإرادة السياسية للإصلاح، لقطع الطريق على المتاجرين بأوراق الاضطهاد، وقد كان.

المتابع لسلوك دولة 30 يونيو السياسي والتشريعي، والاجتماعي، يجزم بأنها تسير بخطى واثقة وثابتة، باتجاه تعظيم صلابة النسيج الاجتماعي، من خلال تفعيل حقيقي للمواطنة.

تلك المواطنة ليست مقصورة على الأشقاء المصريين، مختلفي الديانة، بل تلاحم فئات الوطن، قضية تمكين وعدالة في التمثيل، القائم على امتلاك الكفاءة، مساواة في الحقوق والواجبات.

دولة 30 يونيو، قطعت شوطًا كبيرًا في تلك الاستراتيجية الوطنية، فالأشقاء الأقباط، منحوا بعد طول انتظار قانون بناء وترميم الكنائس، مساواة كاملة في الحقوق والواجبات، تمييز إيجابي في القوائم الانتخابية بمجلسي الشيوخ.

الدولة المصرية، تقوي النسيج الوطني، بمزيد من التمكين العادل، فالمرأة إعمالًا للدستور، ممثلة بـ25% بحد أدنى في كل القوائم الانتخابية، وتحمل حقائب وزارية بالغة الأهمية.

المواطنة، ليست مقصورة على مساواة بين مصريين مختلفي الديانة، بل أعمق وأشمل من ذلك، تعني شمول قاعدة المساواة في الحقوق والواجبات لكل أبناء الوطن.

الوطن الآن في ظل دولة 30 يونيو يحتضن أبناءه، نساء ورجالًا وشبابًا وذوي الهمم، أحزابًا ونقابات ومصريين بالخارج، فمن لم تشمله القوائم في انتخابات الشيوخ شملتهم التعيينات، ليكون الجميع ممثلًا في غرفة الشيوخ، بما لذلك من أهمية في إثراء الحياة السياسية، وتدعيم السلم الاجتماعي، وتقوية نسيج الوطن.

فعلها الرئيس عبد الفتاح السيسي، وقاد دولة المواطنة، نحو ترسيخ ثقافة التعايش والسلام الاجتماعى، فهو أول حاكم عربي يحضر قداس الميلاد، مع أبناء وطنه، ضاحكًا، مستبشرًا، متفائلًا، يبعث برسائل الوعي، منبهًا إلى خطورة الأفاعي التي تنفث سمومها لإشعال الفتن.

وهو ذاته الرئيس الذي يثأر لأبناء الوطن من الإرهابيين، فداخل هذا العدد، يكشف قداسة البابا تواضروس في حواري مع قداسته، أن الرئيس زاره؛ معزيًا لأبنائنا شهداء ليبيا، قائلًا: لم آتِ هنا إلا بعد أن أخذنا ثأرنا. والرئيس عبد الفتاح السيسي، أول حاكم عربي يحرص على بناء مسجد وكنيسة في كل مجتمع عمراني جديد، لينثر بذلك بذور ثقافة المحبة في العقول. 

يحتوي ويدعم ذوي الهمم، يمكِّن المرأة سياسيًا وقياديًا، يؤهل الشباب للمستقبل، يعزز ثقافة العمل والإنتاج والابتكار، يقود دولة العدالة الاجتماعية، والحق في العلاج والسكن.

إنها دولة 30 يونيو، دولة المواطنة، التي تستمد من ماضينا خبراته لتواجه حاضرنا بتحدياته، أملًا في مستقبل أرحب بآماله وتوقعاته.

بيد أن تلك الخطوات تحتاج من الجميع التكاتف لترسيخ قيم المواطنة والمحبة، والأهم بناء الوعي لدى الأجيال بحقيقة ثوابتنا الوطنية، إعلامًا ومنظومة تعليمية ودينية وثقافية.

وها نحن اليوم نؤدي دورنا، نحتفي بالكنيسة المصرية الوطنية، نضع لبنات جديدة في حصون الوعي، لتدرك الأجيال الحالية والقادمة، حقيقة ثروتنا القومية، والعُمق التاريخي، لمؤسسات هذا الوطن، وتاريخ البطولات والتلاحم. 

كل عام وكل المصريين بخير وسعادة بمناسبة عيد الميلاد المجيد، حفظ الله مصر وشعبها من كل مكروه وسوء.. وتحيا المواطنة 

 

من الكتاب الذهبي

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز