عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
تقطيع تورتة الصحافة القومية

الصحافة الورقية قضيتى.. لماذا 5

تقطيع تورتة الصحافة القومية

قبل أن أبدأ فى الدخول لمعترك مفترق الطرق للصحف القومية بواسطة التيارات السياسية التي كانت متحكمة فى المشهد الصحفى من 2011 وحتى 2016 قبل أن تأتى الهيئات، سوف أستكمل بإيجاز باقى خطة دمج وخصخصة مؤسسات الجنوب، حيث سحب نفس نهج الخصخصة على «دار الهلال» ذات التاريخ والعلامة التجارية أيضًا مثل «روزاليوسف»، ولكن الإقبال عليها لم يكن ظاهرًا على السطح مثل «روزا»، والسبب أن الأخيرة كانت من وجهة نظر الكثيرين مشاكسة، وخاضت معارك ضارية، جعلت من يريد الاستحواذ عليها هو من باب تحجيمها وقص أظافرها، ولذلك كان ذكرها فى المقدمة، وتبقى «دار المعارف» التي ذكرت الدراسة - سابقة الذكر - اقتراح دمج مجلة «أكتوبر» الإصدار الصحفى الوحيد بها بمؤسسة «الأهرام»، وفصل «دار المعارف» لتصير دار نشر مطروحة للبيع، أو الدمج فى وزارة الثقافة، وهذا متروك للدولة.



 

وصارت ديون التأمينات التي شجعت الحكومة المؤسسات على عدم دفعها مقابل القيام بمشاريع تدرّ ربحًا تدفع من خلالها الديون، إلا أن الفساد الذي تُرك حتى استشرى نتيجة هذا جعل حال الصحفيين يرثى له، فالسيارات التي تقوم بنقل الصحفيين للتغطيات المختلفة، وهى بالمناسبة فى الجنوب قليلة للغاية، ولكن نتيجة الديون وحجز هيئة التأمينات التابعة لوزارة التضامن على تلك السيارات، وعدم الترخيص لها بالعمل إلا بعد موافقة الوزارة حتى صار الوضع متدنيًا للغاية.

 

هذا الوضع كان له تداعياته فى يناير 2011 عندما حدثت ثورة انقلبت إلى فوضى ليأتى القصاص الكامل من كل من هبّ ودبّ لينزل على رأس الصحف القومية، ويكيل لها البلاء، ووصفت بأنها صحف نظام فاسد والفتك بها وبمن فيها حلال، وتناسى الذين زجّ بهم للقيام بهذا أنها صحف الشعب وتديرها الدولة وأنها ليست ملكًا لنظام، ولكن من كانوا خلف الستار كثر وغالب عليهم تياران أساسيان (الإخوان واليسار)، والذين كانوا فى حالة تحالف ليس له مثيل فى تاريخهم للنيل من الدولة والشعب وليس نظامًا كما كانوا يتشدقون، وهنا تكون نقطة نظام بأن الثورة كانت ثلاثة أيام نظيفة دعمها كل الشعب لنظام أصابته الشيخوخة فى الأداء ورتّب نفسه ليكون نظامًا موروثًا تم الدوس فيه على المبادئ الجمهورية المؤسسة للدولة المصرية الوطنية منذ يوليو 52.

 

كان ملف الصحافة فى 2011 كتلة لهب أمام المجلس العسكرى الذي كان لديه مهام جسيمة يقوم بمقاومتها بشىء من الحسم واللين حتى يمكنه السيطرة على الأمور التي وضحت أهدافها وهى تفتيت الدولة وتفكيك الجيش وأن تكون مصر (عراقًا ثانية)، هذا ما جعل المجلس العسكرى، ومن خلفه كل ضباطه وجنوده، يقفون بقوة لعدم حدوثه لمصر إلا بلفظ آخر جندى فيهم أنفاسه، من هذا المنطلق كلّف المجلس بعضًا من أعضائه بملف الصحافة القومية ووضع تصورات، ولم يكن هذا عملهم ولا اختصاصهم فى أى يوم علاوة على أن (مبارك) كان يقوم بإبعاد الجيش عن الحياة السياسية بكل صورها حتى صار الوضع أمام المجلس فى غاية الصعوبة، وهنا قام من أسند إليهم هذا الملف بالمجلس باستدعاء أربعين من الصحفيين الكبار والكتاب المفكرين لاستطلاع رأيهم فى كيفية الإصلاح للصحف ورجوعها لممارسة عملها الوطني فى تلك الفترة الحالكة، وكان على رأسهم كل من:

 

(إبراهيم سعدة، سيد ياسين، فهمى هويدى، إبراهيم نافع، محمد عبدالمنعم، مكرم محمد أحمد، جلال عامر، جلال دويدار) وتحدثوا جميعًا عن المشاكل ولم يقدموا حلولاً، واستشعر المجلس العسكرى أن أهل البيت ليس لديهم رؤى إصلاح أو أنهم فى حرج كون بعضهم كان مسؤولاً عن تلك الصحف حتى 2005، والحقيقة أن المدعوين حسب ما ذكره لى بعضهم ظنوا أن المجلس فى يده حلول ويريد معرفة أصل المشكلة فسردوها عليه.

 

ومن هنا كانت المسألة الصحفية عند المجلس العسكرى هى الهاجس الأساسى لتهدئة الأوضاع، وهى العامل الأساسى لتقف جنبًا إلى جنب مع المجلس لرد الدولة إلى وضعها وتفعيل مؤسساتها التي تم النيل منها بالخراب والدمار من حرق وسرقة تحت ستار الفوضى والرفض لكل شىء حتى الوصول إلى الهدف المراد وهو تدمير الدولة تمامًا، والحقيقة أن الفريق (أحمد شفيق) رئيس مجلس الوزراء وقتها كان هو الآخر يستبعد ملف الصحافة لا يريد الإمساك به وتفرغ للبحث فى الإعلام المرئى بفضائياته التابعة للدولة للوقوف فى وجه الفضائيات الخاصة الذي كان أداة ضد الدولة الوطنية وقتذاك.

 

كانت المؤسسات الصحفية على قدم وساق للتخلص من رؤساء التحرير المحسوبين على نظام مبارك، وقام اللواء (إسماعيل عتمان) مدير إدارة الشؤون المعنوية وعضو المجلس العسكرى وقتها بتسريب معلومات عن إلغاء وزارة الإعلام ووضع مجالس تحرير الصحف القومية لإدارة شؤونها حتى إشعار آخر، ولكن هذا لم يلقَ القبول فى الصحف، وعليه قام اللواء (مختار الملا) عبر مداخلة تليفزيونية مطالبًا رؤساء تحرير الصحف بتقديم استقالاتهم، وكان ذلك فى العاشرة من مساء يوم 21 فبراير 2011، فى الوقت نفسه كان (يحيى الجمل) هو الآخر مدفوعًا من تياره اليسارى ومدعمًا من الإخوان القريب منهم جدًا وشارك فى وضع برنامجهم الكارثى لحزبهم المزمع فى 2009، ولم يكتف (الجمل) بدسّ أنفه فقط، ولكن العبث فى ملف الصحافة من خلال ظهوره اليومى على الفضائيات محددًا ملامح رؤساء التحرير الجدد، مما أثار حفيظة الصحفيين لأنه كان يمسك سكينًا ويقطع فى تورتة الصحف القومية لتوزيعها على محسوبيه.

 

هذا جعل الأمر أكثر سوءًا، وبناءً على اعتراض عموم الصحفيين على ما يفعله (الجمل) من مخالفات جسيمة فى حق الصحافة والصحفيين قام المجلس العسكرى بسحب الملف من تحت أنيابه وإسناده إلى (عمرو عزت سلامة) فماذا حدث؟

(يتبع)  

 

نقلاً عن مجلة روزاليوسف

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز