٩ أكتوبر.. ليلة سقوط إسرائيل وعملية عشب النيكل
يمثل يوم الثلاثاء 9 أكتوبر 1973.. يومًا أسود على إسرائيل، وأظهر بكل جلاء التدخل السافر من الولايات المتحدة الأمريكية، في الحرب، عندما وجهت رئيسة الوزراء الإسرائيلية، نداء استغاثة لأمريكا والعالم قائلة: "أنقذوا إسرائيل"، وعلى أثر هذه الاستغاثة وتذرف دموع التماسيح الصهيونية التوسعية.
وبدأ الجسر الجوي الأمريكي، الذي أطلق عليه “عملية عشب النيكل” لنقل المعدات والأفراد إلى كيان دولة الاحتلال بداية من يوم 10 أكتوبر 1973، بأمر من الرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون، عندما قال مقولته الشهيرة "أرسلوا أي شيء يطير".
كان السفير الإسرائيلي في أمريكا قد أيقظ وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر من نومه في الواحدة وأربعين دقيقة من صباح هذا اليوم، ليبلغه طلب إسرائيل إمدادها بالأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية، وكيسنجر يجيبه أنه تم الاستجابة إلى كل ما طلبته إسرائيل فعلًا، وأن الباقي في الطريق إلى إسرائيل.
ولم تمر ساعات حتى أعاد السفير الإسرائيلي، إيقاظ الوزير الأمريكي في الثالثة صباحًا، ويكرر مطالب القيادة الإسرائيلية، ويتلقى نفس الإجابة من الوزير الأمريكي.
وفي الثامنة صباحا هرول السفير الإسرائيلي على عجل للاجتماع مع الوزير الأمريكي بحضور الملحق العسكري الإسرائيلي، ويطلعانه على فشل الجيش الإسرائيلي والخطة الأمريكية في صد وتدمير القوات المصرية ويعرضان عليه خسائر إسرائيل.
وقد عبر الوزير الأمريكي في مذكراته عن نتيجة ذلك الاجتماع بقوله: لم يخالجني الشك أبدًا في أن هزيمة إسرائيل بفضل التسليح السوفيتي ستكون كارثة جغرافية وسياسية بالنسبة للولايات المتحدة، ولذلك حرضت إسرائيل على الحصول على انتصار في إحدى الجبهتين قبل أن يتخذ دبلوماسيو الأمم المتحدة مكاسب العرب حقًا يثبتونه في اجتماعاتهم القادمة.
وتسارعت وتيرة الأحداث إلى طلب رئيسة وزراء العدو جولدامائير، الاجتماع مع الرئيس الأمريكي، نيكسون لمطالبته بنجدة إسرائيل
ورفض وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر مغادرة جولدامائير لإسرائيل، لكنها اتصلت بكيسنجر ودار بينهما الحوار التالي:
مائير: أنقذوا إسرائيل، إن الموت يأكل جنودنا، إن كل ساعة تأخير تكلفنا الكثير جدًا، أنقذوا إسرائيل من الانهيار، لقد فقدنا 400 دبابة وأكثر من 78 طائرة.
ليرد كيسنجر قائلا: مسز مائير أنتِ لم تفقدي 400 دبابة فقط، أنتِ خسرتِ الحرب كلها.
وعلى الفور، استدعى وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر، مجموعة العمل الخاص لوضع البدائل أمام الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون.
وأمر الرئيس الأمريكي نيكسون ببدء جسر جوي لإنقاذ إسرائيل وتعويضها عن كل ما خسرته، وأمر بإمدادها بالدبابات الحديثة من طراز M60 ولو استدعى الأمر نقل الدبابات إلى إسرائيل بالطائرات الأمريكية.
في حين، اتخذت مجموعة من سفن الأسطول الأمريكي، أوضاعها في مواجهة القطع البحرية المصرية التي تقوم بإغلاق البحر الأحمر عند منطقة مضيق باب المندب.
وبدأت القوات الإسرائيلية، في استئناف هجوم مضاد على الجبهة المصرية، وركزت هجومها ضد الفرقة 16 مشاة، ونجحت القوات المصرية في صد هجمات الجيش الإسرائيلي، وتواصل تقدمها لتحقيق مهمتها المباشرة، وتنجح في تعميق رؤوس الكباري وتوحيدها في رأسي كوبري جيشين.
وأسرعت جولدامائير رئيسة وزراء إسرائيل، إلى منع إذاعة مؤتمر صحفي لوزير الدفاع موشي دايان، اعترف فيه بهزيمة القوات الإسرائيلية على الجبهة المصرية، ويكرر اقتراحه الانسحاب إلى خط المضايق بسيناء.
في حين، نجحت القوات المصرية، في الاستيلاء على موقعي إسرائيليين في "كبريت" و"عيون موسى" بدون قتال، بعد أن تركه جنود العدو وهربوا.
وتواصلت المعركة بمهاجمة اللواء 600 المدرع الإسرائيلي، للفرقة 16 المصرية، التي صدته وكبدته خسائر فادحة وأجبرته على الانسحاب شرقًا.
كما وقعت معركة بحرية بين لنشات الصواريخ المصرية واللنشات الإسرائيلية المدعومة بالطائرات الهليكوبتر أمام سواحل السواحل الشمالية لسيناء وأسفرت عن تدمير 5 زوارق إسرائيلية وإصابة 3 زوارق مصرية.
واستولت القوات المصرية على جميع حصون خط برليف عدا موقعين، أحدهما في أقصى الشمال في مواجهة مدينة بور فؤاد المصرية، والآخر على لسان بور توفيق في مدخل خليج السويس.
كما استولى العقيد محمد الفاتح كريم قائد اللواء الثاني مشاة من الفرقة 19 مشاة بالجيش الثالث الميداني، على جبل المر في معركة تحطمت فيها الكثير من قواعد القتال العالمية، بعد نجاحه في الاستيلاء على جبل المر الذي كانت تسيطر عليه قوة كبيرة من الدبابات الإسرائيلية المدعمة بالصواريخ والمدفعية والمشاة.
وفي غضون ذلك قامت القوات المصرية، بنقل كميات كبيرة من الذخائر والاحتياجات الإدارية إلى الشرق ليلًا، لتعويض ما استهلكته القوات المصرية أثناء قتالها استعدادًا لاستئناف القتال لتحقيق باقي مهامها.



