يجدد إدانته للتدخل الأجنبي
أبو الغيط يؤكد ضرورة تفكيك الميليشيات وإخراج المرتزقة من ليبيا
أ ش أ
أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية إدانة الجامعة لكافة أشكال التدخلات العسكرية الأجنبية في ليبيا، مشددا على ضرورة إخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من البلاد، وتفكيك وتسريح الميليشيات المسلحة التي تعمل كلها خارج سلطة الدولة، والحيلولة دون استمرار التدخلات العسكرية الأجنبية التي لا تهدف إلا لتحقيق أطماع ومصالح القائمين عليها. جاء ذلك في كلمة أبو الغيط اليوم الثلاثاء، في افتتاح اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية في دورته غير العادية حول تطورات الأوضاع في ليبيا الذي يعقد عبر الفيديو كونفرانس برئاسة يوسف بن علوي الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية بسلطنة عمان رئيس الدورة الحالية لمجلس الجامعة العربية.
وقال أبو الغيط " نجتمع اليوم وليبيا تمر بمنعطف خطير للغاية في مسار الصراع الذي يمزق هذا البلد العربي الهام، هذا الصراع الذي يتحمل الشعب الليبي تداعياته الجسيمة منذ أعوام دون توقف، والذي باتت تطوراته تبعدنا كل البعد عن هدف التسوية السلمية المتكاملة للوضع في البلاد، وتمثل أبعاده تهديداً لسلامة ووحدة أراضي الدولة الليبية وأمن واستقرار دول الجوار المباشر ومنظومة الأمن القومي العربي ككل".
وأضاف "لقد تابعنا، بقدر بالغ من القلق والاستنكار، التدويل المتزايد المرفوض للأزمة الليبية، مع تفاقم التدخلات العسكرية الأجنبية المكشوفة في الصراع، والخروقات المتكررة والمعلنة لحظر السلاح على كافة الاتجاهات، والاستقدام المنهجي للمرتزقة والمقاتلين الأجانب إلى ساحة المعركة، وهو ما جعل من ليبيا مسرحاً آخر – وبامتياز – للتدخل الخارجي والاستهداف الإقليمي لإحدى الدول الأعضاء في جامعتنا العربية". وأشار إلى التعقيدات الداخلية التي تخيم على المشهد الليبي و دقة المرحلة التي تمر بها ليبيا وتلك التي تقف جامعة الدول العربية أمامها، مع تفاقم العمليات العسكرية المتلاحقة التي شهدتها البلاد، والحشد العسكري المتبادل القائم حالياً وخاصة حول سرت، والخطاب السياسي المتشدد المصاحب.
وقال إنه رغم كل هذه التعقيدات، وتلك الأجواء، فإنني أقدر صادقاً أن هناك جملة من الثوابت التي لايزال المجلس يتشبث بها، ومستجدات أخرى يمكن أن يتلاقى حولها، وفي مقدمتها التمسك بالحفاظ على سيادة واستقلال دولة ليبيا وسلامة أراضيها ووحدتها الوطنية على طول الخط.
وأضاف قائلا "نقف بقوة في رفضنا لأية أصوات – داخل البلاد أو خارجها – تدعو إلى الانشقاق أو الافتراق، وأية مخططات – محلية كانت أم أجنبية – لتقسيم البلاد إلى مناطق نفوذ وإحداث شرخ دائم في النسيج المجتمعي الليبي". وأكد على إدانة كافة أشكال التدخلات العسكرية الأجنبية في هذا البلد العربي، مشيرا إلى أن قرارات مجلس الجامعة واضحة وثابتة في هذا الخصوص، وهي أكثر وضوحاً فيما يخص التدخلات الإقليمية الأوسع في الشؤون الداخلية للدول العربية.
وشدد على التمسك بالرفض المطلق لأية حلول عسكرية للوضع الليبي، مؤكدا أن الخيار العسكري لن يحقق انتصاراً لأي طرف، ولن يحقق العمل العسكري سلاماً أو يُرسي استقراراً على كامل التراب الليبي. وقال: لقد أجمعنا على أنه لا سبيل سوى الحل السياسي الشامل لتسوية الأزمة الليبية بكافة جوانبها، وبشكل يعالج جذور الأسباب التي ساهمت في إذكاء الصراع وتعميق الخلاف، وذلك عبر عملية سياسية جامعة، بمساراتها الأمنية والسياسية والاقتصادية، تحت الرعاية الأصيلة للأمم المتحدة، على النحو الذي تؤكد عليه قرارات الجامعة، وتوافقت عليه الأطراف المشاركة في مسار برلين، واعتمده مجلس الأمن. وأضاف أن الهدف المباشر الذي يجب أن نسعي إليه، كما سعينا دائماً منذ إبريل 2019 ، هو إيقاف القتال وخفض حالة التصعيد العسكري الخطيرة في الميدان، والتوصل إلى تهدئة فورية على كافة خطوط المواجهة وخاصة حول سرت، ومن ثم تمكين الأطراف الليبية من تجديد انخراطها في مفاوضات اللجنة العسكرية المشتركة التي ترعاها البعثة الأممية للوصول إلى اتفاق رسمي وشامل ودائم لوقف إطلاق النار في كافة أرجاء البلاد.
وشدد على أن أية ترتيبات لوقف إطلاق النار لن تنجح أو تصمد طويلاً على الأرض ما لم تكن مصحوبة بالتزامات وأحكام واضحة لإخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من البلاد، وتفكيك وتسريح الميليشيات المسلحة التي تعمل كلها خارج سلطة الدولة، والحيلولة دون استمرار التدخلات العسكرية الأجنبية التي لا تهدف إلا لتحقيق أطماع ومصالح القائمين عليها.
وثمن عالياً أي جهد، وبالذات عندما يكون عربياً، لاستئناف الحوار السياسي الجاد بين الأشقاء الليبيين، طالما أن ذلك يرتكز على إطلاق عملية سياسية وطنية خالصة، يقودها الليبيون أنفسهم، وترعاها الأمم المتحدة..منوها بالمقترحات البناءة والمفصلة التي تضمنها إعلان القاهرة، الذي لقي ترحيباً عربياً وإقليمياً ودولياً واسعاً.
وأشار كذلك إلى أن هناك إسهاما مقدرا يتم عبر آليتي دول الجوار الثلاثية والموسعة؛ كما أن الجامعة العربية نفسها قطعت شوطاً طويلاً في عملها المتناسق والتكاملي ضمن المجموعة الرباعية مع الأمم المتحدة والاتحادين الأوروبي والإفريقي، حيث تتولى الجامعة حالياً الرئاسة المشتركة للجنة المتابعة الدولية التي تعمل على تأمين الالتزام بخلاصات مؤتمر برلين ووحدة الجهود الدولية دعماً للسلام في ليبيا ومساندةُ لعمل البعثة الأممية.
وقال إن هذه كلها ثوابت أثق في أن المجلس سيُبقي على توافقه بشأنها، معربا عن أمله أن تتلاقى وجهات نظر الدول الأعضاء حول المستجدات؛ فالوضع الذي نراه حالياً جد خطير، وهو مرشح للاشتعال بشكل أكثر خطورة. وأضاف إننا لا نملك رفاهية مجرد متابعة ما يحدث أو التداول بشأنه بطريقة اعتيادية، إذ أن الأمر يستلزم معالجة عربية أكثر قوة، وإرادة سياسية صادقة تجتمع عليها كافة الدول الأعضاء دون استثناء لتمكين الجامعة من الاضطلاع بمسؤولياتها كاملة، والحفاظ على البلاد من التدخلات والأطماع الأجنبية، ومن ثم اخراجها من دوامة الاقتتال والانشقاق والاضطراب بالشكل الذي يستحقه وينشده الشعب الليبي.