"كورونا" الشمس والأرض تشابه في الاسم واختلاف في الفعل
على بعد 149 مليونا و 600 ألف كيلومتر من كوكب الأرض، حيث تقع الشمس في قلب النظام الشمسي، وتدور حولها جميع الأجسام في النظام الشمسي توجد كورونا أخرى تحيط بها، تتشابه في الإسم مع كورونا المتفشية في كوكب الأرض لكنها تختلف تمام الاختلاف عنها في الفعل.
كورونا الأرض هي فيروس "كورونا" المستجد الذي تفشى وباء على كوكب الأرض، ومثل شبحا جديدا في صناعة الرعب في العالم، فيما تمثل كورونا الشمس تلك الثقوب الإكليلية أو الثقوب التاجية، وهي المناطق التي تكون فيها أشعة الشمس أكثر برودة، وأكثر قتامه، والثقوب التاجية هي جزء من كورونا الشمس وتتغير باستمرار وتغير شكلها.
ثلاث ظواهر للنشاط الشمسي في طقس الفضاء تؤثر على الأرض ومناخها ومجالها الكهرومغناطيسي، وتشمل تلك الظواهر ثقوب الكورونا (هالة الشمس)، والاندلاعات الشمسية، والتدفق الكتلي الكروني، الذي يعتبر أسوأ تلك الظواهر تأثيرا على الأرض حيث بإمكانه تشويش الاتصالات وقطع التيار الكهربائي.
وتعد تلك العناصر الرئيسية هي التي تؤثر على الأرض ومحتواها بشكل واضح، حيث تسمح ثقوب الكورونا بانبعاث وانطلاق الرياح الشمسية بسرعة مبتعدة عن الشمس منطلقة إلى الفضاء من دون إعاقتها من قبل المجال المغناطيسي الشمسي.
وعندما تصل الرياح الشمسية إلى سطح الأرض فإنها تولد ما يعرف علميا ب "المغنيتوسفير" الأرضي، وهي كرة مغناطيسية تحيط بالأرض، ممتلئة بالجسيمات المشحونة، التي تتمدد بعد مرور الرياح الشمسية، وهذه التغيرات هي المسببة لتوزيع المجالات الكهرومغناطيسية على الأرض.
وجود مجال مغناطيسي للأرض بعمل على حمايتها وعلى حماية الكائنات الحية التي تعيش عليها من الرياح الشمسية التي تأتي إلى الأرض دوما محملة بالجسيمات المشحونة الضارة. وعند اقتراب تلك الجسيمات إلى الأرض يزيحها المجال المعناطيسي إلى أجواء الفضاء بعيدا عن الأرض.
تمر الشمس من حيث شدة نشاطها بدورة شبه منتظمة مدتها 11 عاما، وتبدأ الدورة الشمسية بفترة نشاط منخفض تقل فيه عدد البقع الشمسية والانفجارات هي سطح الشمس، ويقتصر تأثيرات الشمس على المجال المغناطيسي للارض على القليل من الحالات التي يتكون فيها فجوات في الغلاف الجوي للشمس والمعروف علميا بإسم "الكورونا"، مما يسمح بهروب الرياح الشمسية متوجهة نحو كوكب الأرض مسببة اضطرابات محدودة في المجال المغناطيسي.
وهناك نظريات عديدة تفسر وجود المغناطيسية الأرضية أو المجال المغناطيسي الأرضي، ومنها ما يعزوها إلى احتواء الأرض على رواسب كثيرة من خامات الحديد، وبعض هذه الرواسب عبارة عن حديد نقي، يعتقد أنه في أحقاب قديمة تمغنطت جميع هذه الرواسب الحديدية تدريجيا في اتجاه واحد، فكونت مغناطيس دائم كبير جدا.
وهناك نظرية أخرى تشير إلى أن المغناطيسية الأرضية ناشئة من تيارات كهربائية شديدة تسري في القلب الخارجي السائل للأرض، والتي تتكون من حديد منصهر شديد التوصيل، وينشأ عنها مجال مغناطيسي يعمل بدوره على توليد تيار كهربائي يؤدى إلى نشأة مجال مغناطيسي، وتلك النظرية هي التي يتقبلها كثير من العلماء وفي إمكانها تفسير انقلابات المجال المغناطيسي للأرض عبر عدة عصور قديمة.
ويقوم المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، على مدار الساعة بمتابعة تأثير النشاط الشمسي على المجال المغناطيسي للأرض من خلال محطة الأرصاد المغناطيسية بالمسلات شمال الفيوم جنوب مصر ومحطة أبو سنبل المزودتين بأحدث أجهزة الرصد المغناطيسي.
والنشاط الشمسي بريء من موجات الحر التي يعاني منها مناخ كوكب الأرض، حيث مرت الشمس بفترة هدوء تام فى نهاية دورتها الشمسية رقم 24 والتي بدأت عام 2008، واستغرقت 11 عاما.
بدأ النشاط الشمسي في الانخفاض تدريجيا خلال السنوات الخمس الماضية إلى أن وصل إلى المرحلة النهائية، ثم يعود بعدها في الارتفاع تدريجيا مرة أخرى في الدورة الشمسية رقم 25، إلى أن يصل ذروته خلال من خمس إلى ست سنوات، حيث تتكون البقع الشمسية مرة أخرى بشكل مستمر على سطح الشمس مسببة انفجارات شمسية شديدة، تؤدي إلى تحرر رياح شمسية عالية الطاقة في اتجاه الأرض بشكل متكرر ومتتابع، مما يسبب العواصف المغناطيسية على الأرض والتي قد يكون لها تأثير كبير على الاتصالات والأقمار الصناعية ومحطات الكهرباء وخطوط الضغط العالي.