سامي عبد الرحمن
معلمي.. طبيب نفسي
هذا ما وقعت عليه عيناي بعد أسرتي في سن السادسة من عمري بعد أن حصلت على لقب التلميذ سامي أحمد السيد عبد الرحمن الصف الأول الابتدائي الأزهري بمعهد أبو بكر الصديق الكائن في شارع بورسعيد بمنطقة الوايلي محافظة القاهرة.. وهذه كانت أول علاقاتي الاجتماعية بعد أسرتي الأستاذ حسن أبو القاسم مدرسي أطال الله في عمره.
ولا أخفيكم سرا عن حالتي كطفل تاركا أسرته التي عاش في كنفها 6 سنوات لا يرى إلا وجوه والده ووالدته وإخوته.. كيف أتركهم وأظل في مدرستي وحيدا قرابة 6 ساعات يوميا طيلة أسبوع يبدأ من السابعة صباحا وحتى الثانية عشر ظهرا من السبت إلى الخميس.
كنت لا أستطيع تحمل ذلك غاضبا أحيانا وباكيا أحيانا أخرى.. متسائلا كيف "أترك بيتنا واروح المدرسة لوحدي" .. وفي هذه الأيام الأولى من دراستي وجدت وجها مبتسما بشوشا يسمعني ويحتضني يعلم ما يدور في رأسي كطفل لم يتجاوز السادسة من عمره.. متحدثا "ما تخافشى لو عايز أي حاجة قولي".. وهذا ما نفتقده الآن في مدارسنا أن نجد المدرس في دور الطبيب النفسي الذي يقوم بإزالة ما نشعر به في الأسابيع الأولى من أول عام دراسي في حياتك.. وتأهيلك كطفل تحب المدرسة وتنتظر قدومك إليها يوميا.. وإذا لم تجد من يحنو عليك ويقلل من غضبك تجاه المجتمع الجديد الذي أخدك من حضن والدتك ووالدك من الممكن أن يأخذ الطفل منحى آخر يكرهه في المدرسة بعد استشعارك اليومي بأنك طفل منبوذ ولابد أن تتعلم غصب عنك وهذا كفيل ان يجعلك تريد أن تترك المدرسة دون تعليم.
ومثلما كان هناك أستاذ حسن أبو القاسم الذي فتح لي ذراعيه واستقبلنى بابتسامته المعهودة كان هناك أساتذة آخرون يسخرون منك كطفل ولا يعيرون لك اهتماما وأذكر منهم أستاذ مجدي وأستاذ عماد لا أدرى اذا كانوا بيننا أو توفاهم الله.."مثلما كانوا يقولون في السابق".. التعليم في الصغر كالنقش على الحجر .. أرى أن ذلك كأنه الأمس القريب ولم يمر عليه نحو أربعين عاما.
هذا هو مدرسي.. وما كان سببا أيضًا في تخفيف عبء الأسابيع الاولى من حياتى المدرسية أنه بالمصادفة كان والدي رحمة الله عليه يعمل في المبنى المجاور لمعهدي في منطقة الوايلي وكانت إدارة الحماية المدنية بالقاهرة أو ما يطلق عليها المطافي.. وكان فصلي في الطابق الثالث وكان المعهد الأزهري يطل على ساحة المطافى وفى الفسحة كنت اتوجه إلى السور الفاصل بين المعهد والمطافى وأشب حتى ارى والدى يقوم بتدريب المجندين الجدد والعساكر على أعمال الإطفاء والحريق وكنت فخورا جدا .. وأقول لزملائى "بابا أهو" الذي ظل يعمل هناك طيلة 10 سنوات كنت حصلت على شهادة الابتدائية وانتقلت إلى معهد أزهري آخر لاستكمال دراستى الإعدادية.
أستاذ حسن من عشقه فى أداء دوره كمعلم وطبيب نفسى للتلامذة الجدد أطلق اسم رحاب على نجلته الأولى تيمنا بتلميذة نجيبة كانت معنا فى المعهد الازهرى اسمها رحاب علي السيد
كل ما أستطيع قوله شكرا يا أستاذ حسن أبو القاسم على كل دعم قدمته لى ولزملائى ونحن نخطو أولى خطواتنا نحو المستقبل ونتطلع أن نحسن ما زرعتوه فينا تجاه تعليمنا الأزهري الذي نفخر به.