جوانب الرحمة والتيسير فيه كثيرة
ملتقى الفكر الإسلامي: التشريع الإسلامي لم ينزل لشقاء البشرية
أكد ملتقى الفكر الإسلامي، أن جوانب الرحمة والتيسير والإنسانية في التشريع الإسلامي كثيرة، وأن الدين لم ينزل لشقاء البشرية، بل جاء ليشمل الجميع برحمة الله تعالى ورفع الحرج عن الناس في سواء فيما يتعلق بالعبادة مع الخالق عز وجل أو المعاملات فيما بينهم.
جاء ذلك في إطار الحلقة السابعة لملتقى الفكر الإسلامي الذي ينظمه المجلس الأعلى لشؤون الإسلامية تحت رعاية وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة ، وفي إطار التعاون والتنسيق بين وزارة الأوقاف المصرية والهيئة الوطنية للإعلام ؛ لنشر الفكر الإسلامي الصحيح ، ومواجهة الفكر المتطرف ، وتصحيح المفاهيم الخاطئة ، والتي أقيمت تحت عنوان : " الجوانب الإنسانية وفقه التيسير في الشريعة الإسلامية "، وشارك فيها كل من: الدكتور جمال فاروق عميد كلية الدعوة السابق ، والشيخ إسلام النواوي عضو الإدارة العامة للفتوى وبحوث الدعوة بوزارة الأوقاف ، والإعلامي خالد منصور- المذيع بقناة النيل الثقافية.
وأكد الدكتور جمال فاروق ، أن الحق سبحانه وتعالى أرسل نبينا العظيم (صلى الله عليه وسلم) رحمة العالمين ، فقال تعالى : "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ " ، وجعل عنوان رسالته الرحمة ، فقال سبحانه: " فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ".
وأضاف أن العنوان العام للدين الإسلامي الحنيف هو الرحمة ، وأن الشريعة الإسلامية هي شريعة التيسير في كل جوانبها ،والحكم فيها يتغير وفقا لأحوال المخاطب وزمانه حيث توجد أحكام خاصة لذوي الأعذار أو عند المرض أو عند الحالات الطارئة ، حيث يتغير الحكم من حالة فيها مشقة قد لا يطيقها الإنسان إلى أمر آخر فيه تخفيف وتيسير ، وصدق المولى تبارك وتعالى إذ يقول في كتابه العزيز : " وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ " ، أي : من مشقة أو من عنت. وقال فاروق ، إن الإسلام اهتم بالجانب الإنساني في أحكامه وتكاليفه الشرعية فلم يكلف الإنسان فوق طاقته ، قال تعالى : " لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا" ، وقال سبحانه : " لا يكلف الله نفسًا إلا ما آتاها " ، فهذا من أجل التخفيف ، ومن أجل مراعاة حال الإنسان ؛ لكي يستطيع أن يواظب وأن يداوم وأن يكون مستمرًا على التكاليف ؛ لأنه لو أصابه العنت ، أو أصابه الحرج ، لترك التكاليف جملة واحدة ، فالإنسان له طاقة ، وله قدرة ، وله استطاعة ، فلم يكلفه الإسلام الحنيف شيئًا فوق استطاعته أو فوق مقدرته ، بل إنه يخفف عنه في جوانب كثيرة من العبادة.
وأضاف أن الله تعالى عندما فرض علينا الصيام ، قال : " فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ " فشُرع للمريض وللمسافر أن يفطر في شهر رمضان تخفيفا وتيسيرًا ، فهذه رخصة ، والنبي (صلى الله عليه وسلم) يقول : " إِنَّ اللهَ يُحِبُّ أنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ ، كَمَا يُحِبُّ أنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ " .
وأشار فاروق إلى أن التيسير والتخفيف لم يقتصر فقط على العبادات بل كان أيضا في المعاملات المالية الاخلصة منها لله تعالى كالزكاة أو المعاملات المالية بين البشر لرفع الحرج عنهم من جانب والتيسير من جانب أخر ، حيث جعل الله تبارك وتعالى الزكاة مرهونة بالقدرة المالية ، فلم يفرضها الشارع الحكيم في جميع الأحوال ، ولا في جميع الأصناف، بل جعل من الأصناف ما تخرج منه الزكاة ، ومنها ما لا تخرج منه الزكاة ، وربط الزكاة بأمرين فيهما تيسير وتخفيف على الناس ، فليس كل من ملك مالًا يُخرج الزكاة ، بل لا بد أن يبلغ هذا المال نصاب الزكاة ، والشرط الثاني : أن يحول عليه الحول.
وفي كلمته ، أكد الشيخ إسلام النواوي ، أن الجوانب الإنسانية في التشريع الإسلامي تحمل معنى اليسر والتيسير ، وأن التيسير سمة من سمات الإسلام ، فنبينا (صلى الله عليه وسلم) يقول : "إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا ، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وشيء مِنَ الدُّلْجَةِ ..) ، مشيرًا إلى بعض النماذج التي تبرز جانب التيسير في التشريع الإسلامي ، ومنها : الطهارة التي هي شرط للصلاة ، حيث رخص الإسلام لمن يتعذر عليه استعمال الماء أن يتيمم ، ومنها الصلاة ، حيث رخص للمريض أن يصلي قاعدا أو مضطجعا أو على جنب أو مستلقيا على ظهره ، وفي السفر تصبح الرباعية ركعتين.
وأوضح النواوي ، أن الدين الإسلامي وما به من تكليفات وتشريعات لم ينزل لشقاء البشرية ، فالنبي (صلى الله عليه وسلم) نهى عن أي شكل من أشكال التشدد والإثقال على النفس حتى ولو من باب التدين ، ولو تتبعنا مظاهر التيسير في الإسلام لوجدنا له صورا عديدة ونماذج كثيرة.