عاجل
الأحد 15 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
استنفار العملاق المصرى

استنفار العملاق المصرى

لا يمكن إنكار أن عظمة الشعوب تقاس بقوة جيشها. هذا ما أثبته التاريخ والذى أدركه الشعب المصرى منذ انخرط أبناؤه فى صفوف الجيش لبناء نهضة مصر الحديثة مع محمد على وإعادة استنهاضها، لأن التاريخ يقول إن جدران معابد أجدادنا تحكى وتصور أمجادنا فى كل المعارك والحروب التى اجتزناها بشجاعة وقوة منذ أن وعينا كفراعنة لا يهابون الموت فى سبيل الدفاع عن الأرض والعرض، ولذلك لا نقف كثيرًا أمام تصنيف قواتنا البرية الآن عالميًا فى المركز الرابع لأنها قديمة قدم الدولة، أى أن عمر قواتنا البرية أكثر من 7000 سنة، هذا هو تاريخ مجدنا الذى خلق نوعًا من  العلاقة الخاصة والترابط غير المسبوق فى (حبل سرى) لا يمكنه الانفصال بين الشعب والجيش المصرى،  كل منهما يعضد الآخر فى حميمية وتعانق غير مسبوق فى التاريخ البشرى.



 

 

هذه العلاقة هى التى تحفظ مصر من أى انهيار أو تفكك يريد من تسول له نفسه العبث فيه فإذا حدثت كبوة للجيش كما مر بنا فى 67 يقوم الشعب بالأخذ بيد جيشه واستنهاضه ورفع معنوياته ويرده إلى سبيله مرة أخرى بكل ما يملك، وأيضًا يحدث هذا إذا ما أصاب المجتمع الشعبوى أى ضرر أو فوضى أو محاولة للإجهاز عليه كما حدث فى يناير ٢٠١١ يتحفز الجيش مسرعًا ليستنهض الشعب من كبوته ويقوم بالحنو عليه ويرمم جروحه ويعيده سالمًا إلى قواعده الحياتية باذلًا فى ذلك كل ما هو غالٍ ونفيس يبدأها بالمساعدة وينهيها بالفداء من أجل حماية الشعب وطمأنته فيقدم له روحه هدية بكل رضا مستشهدًا فى سبيل حمايته.

 

 

هذه المعادلة الصعبة الحدوث فى أى بقعة من العالم، هى البصمة الخاصة جدًا بالجيش والشعب المصرى، ولذلك لا نستغرب جيشنا عندما يأتى ضمن أقوى عشرة جيوش فى العالم فيسجل رقم 9 عالميًا والأول فى جيوش المنطقة الشرق أوسطـية ليـأتى بعده فى الترتيب الجيش التركى فى المرتبة الـ 11 والإيرانى الـ 14 والإسرائيلى فى المرتبة الـ 18 عالميًا، جيشنا المصرى العظيم سجل الرقم الرابع فى قوة الدبابات والسادس فى المدرعات والمدفعية، وكان السادس عالميًا فى قوات الدفاع الجوى، والقوات الجوية المركز الخامس، أما البحرية صاحبة المياه العميقة فإنها سجلت المركز الثالث عالميًا فى تقييم حاملة الطائرات، وحصلت على تقييم مرتفع جدًا فى قوة الألغام التى جاءت بالمركز الثانى عالميًا، نعم هل ننسى تفجير إيلات بعد أيام معدودات من ٥ يونيو ٦٧ عندما دمرناها بالألغام اللاصقة التى وضعتها الضفادع البشرية من أبطالنا فى القوات البحرية؟!

 

 

هذا التقييم العالمى السنوى الذى يجريه أهم وأكبر موقع عسكرى معتمد عالميًا (جلوبال فاير باور) الذى أقام التقييم على عدة عوامل غاية فى الأهمية عندما نضعها نصب أعيننا عبارة عن خمسين عاملاً أهمها (القوة العسكرية والاقتصادية واللوجستية والجغرافية) ليتم على أساسها تحديد مؤشر القوة لكل دولة.

 

 

هذا جعلنى أتذكر حادثين غاية فى الأهمية كانا ضمن التقارير لمخابرات دول عظمى، الأول تم وضعه  فى عام 2010 وذكر فى دراساته الآتى: (فى الشرق الأوسط جيوش كبيرة نريد تفتيتها وهى تخص مصر وإيران وسوريا وباكستان والسعودية) ومع أن الدراسة منحت القوة لكل من الجيوش السابقة فى مجلدها الذى وصل إلى 432 صفحة صنفت فيها الجيش الذى يملك ترسانة أسلحة والذى يملك قوة بشرية، وأشارت هذه الدراسة إلى أنه يجب تفتيت تلك الجيوش تمهيدًا لاحتلالها كخطوة لاحقة وذلك سيتم بتحييد الجيش الباكستانى، وأنه يجب أن يفقد الجيش السورى قوته بنسبة 70 ٪ بحلول عام 2013، وجاءت إلى مصر الجائزة الكبرى لتذكر بأن تفتيت جيشنا سيكون بافتعال ما يدخله فى مواجهة مع شعبه بما سيفتته فى عشرة أشهر، وعلى اعتبار أن إيران حليف استراتيجى من الدرجة الأولى لأمريكا فإنها ستدخل فى مواجهة مباشرة مع الجيش السعودى بمساعدة حرب الشوارع التى ستنطلق ضده من اليمن والبحرين والمنطقة الشرقية وتهدف هذه الحرب إلى تفتيت الجيش السعودى بشكل كامل وإضعاف الجيش الإيرانى بما يمكن تشكيلة مرة أخرى.

 

 

أما الحدث الثانى والذى جاء عبر تقرير لخبراء عسكريين عالميين وضع حديثا، قالوا بعد حوالى نصف قرن من الركود فى القدرات العملانية، يبدو أن القوات المسلحة المصرية باتت تشهد تطورًا ملحوظًا فى قواتها المسلحة فى (عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى)  الذى أدخل تغييرات طال انتظارها على عقيدة الجيش المصرى وكيفية انتقائه لأسلحته وقابليته للعمل المشترك النشط والمكثف مع القوات المتحالف معها للدول الأخرى، وأن عهد مبارك كان يعتمد فى الأسلحة على المساعدات الأمريكية وهو ما أطلقوا عليه (التركيز العنيد) للحصول على أسلحة متقدمة مقابل عدم استخدامها العملى، وأضافوا لكن فى أعقاب انتفاضة عام 2011، وبينما طالب مسئولون أمريكيون بتقليص حجم القوة التقليدية للجيش المصرى والاعتماد على القيادة والسيطرة عن طريق المراقبة فقط، اعترض العسكريون المصريون وكان وقتها (السيسى) وزيرًا للدفاع ورفضوا الفكرة وقال السيسى إننا نواجه تهديدات إرهابية مكثفة وأصر على أن مهمة الجيش الدفاع عن حدود مصر وحفظ حقوقها، وهذا يتطلب استنهاض واستنفار الجيش مع منظومات حديثة من التسليح تواكب العقيدة القتالية الجديدة للقوات المسلحة، واختتم هؤلاء الخبراء تقريرهم بأن (السيسى) استنهض الجيش العملاق الراكد  وجعله يستيقظ ويصير قوة فاعلة وذراعًا طولى للمنطقة العربية.

 

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز