الجيش العربى السوري يكمل انتشاره بالقرب من الحدود التركية
كتب - وكالات
دخلت قوات الجيش السوري عدة قرى وبلدات في شمال شرق سوريا، وتستعد لاستكمال انتشارها على طول الحدود التركية، تنفيذا لاتفاق أبرمته الحكومة السورية مع الإدارة الذاتية الكردية لصد ووقف العدوان التركي على الأراضي السورية.
واقتربت قوات النظام السوري الإثنين من الحدود مع تركيا، تطبيقاً لاتفاق أعلنت الإدارة الذاتية الكردية توصلها إليه مع دمشق، لصدّ هجوم واسع بدأته أنقرة وفصائل سورية موالية لها قبل نحو أسبوع ضد مناطق سيطرتها.
ولم يجد الأكراد بعد تخلي واشنطن، داعمتهم الرئيسية عنهم، خياراً أمامهم سوى التوجّه نحو دمشق، ومطالبة الحكومة بنشر قواتها في المناطق الحدودية لوقف التقدّم التركي الذي تسبب بنزوح أكثر من 130 ألف شخص خلال أيام.
وتسلّط هذه الخطوة الضوء على تعقيدات النزاع الذي يمزّق سوريا منذ العام 2011، إذ لطالما نددت دمشق بالإدارة الذاتية، وانتقدت بشدّة تحالف الأكراد مع واشنطن، التي شكلت داعمتهم الرئيسية في قتال تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال مراسل لوكالة "فرانس برس" إنّ قوات النظام انتشرت على مشارف بلدة تل تمر الواقعة جنوب مدينة رأس العين الحدودية، حيث تدور المعارك. وشاهد عدداً من الجنود يحملون الأعلام السورية وسط ترحيب المدنيين الذين قدموا لاستقبالهم.
وأكدت وكالة الأنباء الرسمية "سانا" أن "وحدات من الجيش العربي السوري تدخل بلدة تل تمر" الواقعة على بعد نحو ثلاثين كيلومتراً من رأس العين في محافظة الحسكة.
واقتربت بعض القوات السورية، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، لنحو ستة كيلومترات من الحدود التركية.
وفي مناطق حدودية أخرى، انتشرت وحدات من قوات النظام مزودة بدبابات وآليات ثقيلة في محيط منبج وكذلك قرب مدينتي الطبقة وعين عيسى.
وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد لفرانس برس إن "قوات النظام باتت على تماس تقريباً مع القوات التركية في عين عيسى".
وتمكنت القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها منذ بدء هجومها الأربعاء، من السيطرة على شريط حدودي بطول 120 كيلومتراً، يمتدّ من مدينة تل أبيض "الرقة" حتى غرب مدينة رأس العين.
وتسعى أنقرة من هجومها إلى إقامة منطقة عازلة بعمق 32 كيلومتراً تحت سيطرتها تنقل إليها قسماً كبيراً من 3,6 ملايين لاجئ سوري لديها. وبدأت هجومها بعد يومين من سحب واشنطن لجنودها من نقاط حدودية، في خطوة بدت بمثابة ضوء أخضر أمريكي لأنقرة وتخلياً أمريكياً عن الأكراد.
وشهدت رأس العين الإثنين اشتباكات عنيفة، بعد قصف "هستيري" بالمدفعية والطائرات ليلاً، فى حين قتل عشرة مدنيين بينهم صحفي الأحد جراء غارة تركية استهدفت قافلة كان ضمنها صحافيون في رأس العين،ونقل عشرات الضحايا إلى أحد مستشفيات مدينة القامشلي.
وشاهد مراسل فرانس برس الأحد مصابين تعرّضت أطرافهم للحروق وآخرين يئنون من شدّة الألم أثناء معاينة جروحهم وتضميدها، بينما كانت عائلات تبحث عن أبنائها المفقودين.
وعلى وقع التقدم التركي، أعلنت الإدارة الذاتية الكردية في بيان ليل الأحد "الاتفاق مع الحكومة السورية بدخول الجيش العربى السوري وينتشر على طول الحدود السورية التركية".
وقالت إن الاتفاق يهدف إلى "مؤازرة قوات سوريا الديمقراطية ولكي نمنع ونصد الاعتداء" التركي.
ولم توضح الإدارة الذاتية تفاصيل الاتفاق الذي تمّ برعاية موسكو، أبرز داعمي الرئيس بشار الأسد، وما إذا كانت قدمت تنازلات لدمشق إلا أن تعميماً أصدرته الإدارة الذاتية لموظفيها الإثنين واطلعت وكالة "فرانس برس" على نسخة منه، أفاد بأن الاتفاق "عسكري" هدفه فقط "حماية الحدود"، ولن يؤثر على عمل كافة الإدارات التابعة لها.
وينصّ الاتفاق، وفق ما نشرت صحيفة "الوطن" المقربة من دمشق الإثنين، على "دخول" الجيش السوري إلى منبج وعين العرب "كوباني"، المدينتين اللتين لطالما أبدت أنقرة عزمها السيطرة عليهما.
ويشكّل الاتفاق تحولاً جديداً في مسار النزاع، بعدما اصطدمت مفاوضات سابقة بين الطرفين بحائط مسدود.ولطالما أصرّت دمشق على إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل اندلاع النزاع في العام 2011، بينما تمسّك الأكراد بإدارتهم الذاتية والمؤسسات المدنية والعسكرية التي بنوها بعد عقود من التهميش على يد الحكومات السورية المتعاقبة.
وفي مقال في مجلة "فورين بوليسي" الأحد، كتب القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي "نعرف أنه سيكون علينا تقديم تنازلات مؤلمة مع موسكو وبشار الأسد إذا اخترنا طريق العمل معهم. لكن علينا الاختيار بين التنازلات أو إبادة شعبنا، وبالتأكيد سنختار الحياة لشعبنا".
وخلال الأيام الماضية، دعت قوات سوريا الديمقراطية واشنطن لمراجعة خياراتها، وتحمل "مسؤولياتها" تجاهها. إلا أن وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر أعلن الأحد أن تعليمات أصدرها الرئيس دونالد ترامب ببدء سحب نحو ألف جندي أميركي من شمال شرق سوريا.
ورحب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الإثنين بتصريحات إسبر، وقال للصحفيين في إسطنبول "إنها خطوة إيجابية".
وحذّرت دول غربية عدة بأن الهجوم التركي قد يساهم في إحياء تنظيم الدولة الإسلامية الذي لا يزال ينشط عبر خلايا نائمة رغم هزيمته الميدانية على يد قوات سوريا الديمقراطية.
وكررت قوات سوريا الديمقراطية خشيتها من أن ينعكس انصرافها إلى قتال القوات التركية سلباً على جهودها في حفظ أمن مراكز الاعتقال والمخيمات التي تضم الآلاف من مقاتلي التنظيم وأفراد عائلاتهم.
وأعلنت الإدارة الذاتية الأحد أن 785 من عائلات الجهاديين الأجانب فروا من مخيم عين عيسى في ريف الرقة الشمالي بعد قصف تركي قربه.



