

ألفت سعد
أحلف بسماها
ارفع رأسك يا أخى.. أنت مصرى
على مدار القرون ظلت مصر مطمعًا للقاصى والدانى.. تعرضت للغزو والاحتلال من عشرات الإمبراطوريات.. لكنها رغم الكبوات وأحيانًا الهزائم يستميت شعبها حتى تحقيق النصر، رغم تعدد واختلاف المحتلين لم يستطيعوا التأثير على الهوية المصرية مثلما حدث فى بلاد كثيرة.. حتى فى التاريخ الحديث تجسدت جينات الفراعنة وانتقلت من زمن لزمن ومن جيل إلى جيل.
رغم النكسة التي أصابت مصر والمنطقة العربية، بالهيمنة الأمريكية وعميلتها «الكيان أو مسمار جحا»، ظلت الشخصية المصرية رافضة الهزيمة إلى أن تحقق نصر أكتوبر فى 73، ووافقت مصر على استرداد الأرض مقابل السلام، لكنه سلام بارد خال من أى تطبيع شعبى أو حتى رسمي.. وهو يحتاج إلى قوة تحميه لأننا نعرف طبيعة العدو الذي لا عهد ولا ذمة له، لذلك وخلال العشر سنوات الماضية تقرر مضاعفة بناء القدرات العسكرية وتنويع مصادر السلاح من مختلف الدول حتى لا نرضخ لأحد.. ولأن مصر ولادة وجيناتها ممتدة يتولاها زعيم مدرك تمامًا ما يحاك لها، ورجالها فى الجيش والشرطة من أعلى قائد حتى أصغر جندى يتفانون فى حفظ أمن الوطن، خبرات وقوة وسيطرة رجال المخابرات العامة «التي اعتز بانتماء زوجى الراحل لها»، ساسة ودبلوماسيون محنكون فى وزارة الخارجية، شعب واع يعشق تراب وطنه، كل هؤلاء رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، عهد بنصرة البلاد والإنسانية ونجدة الشعوب المنكوبة.
فى الشدة تظهر معادن الرجال وهو ما تجسد بعد عملية طوفان الأقصى من توعد رئيس مصر وجيشها بالوقوف ضد محاولات تنفيذ خطة تهجير أهل غزة، ونحن لها، ورغم إغلاق معبر رفح من الجانب الآخر ومنع دخول المساعدات فقد فعل المصريون المستحيل لكشف تعنت إسرائيل لتجويع الفلسطينيين، شاهد العالم مئات الشاحنات التي تحمل آلاف الأطنان تقف أمام المعبر وخير شاهد على ذلك الرئيس الفرنسى ماكرون الذي تغير موقفه تمامًا بعد زيارته للعريش والمعبر والهلال الأحمر المصري والمصابين الفلسطينيين، ليعترف بالدولة الفلسطينية ويعقب ذلك اعترافات دول كانت أكثر انحيازا لإسرائيل.
أمثلة واضحة تبرز من خلالها شخصية مصر والمصريين.. رأينا كيف نبهت المخابرات المصرية قيادات حماس فى قطر إلى عزم إسرائيل اغتيالهم، ونجت القيادات بفضل رجال المخابرات المصرية، وبرز الوجه الآخر للقصة حين شاهد الجميع قيادات حماس يتحركون بحرية ويتحدثون للإعلام فى مدينة شرم الشيخ خلال المفاوضات الجارية، وذلك يدل على مدى إحكام قبضة الأمن المصري.. بعد نجاح مفاوضات شرم الشيخ فى حضور مسؤولى قطر وإسرائيل الذين تبادلوا التحيات والتهانى، فى حين ظهر رئيس المخابرات المصرية وبجانبه اللواء المسؤول عن القضية الفلسطينية، وجوه صارمة حادة الملامح تنم عن الثقة والقوة.. لقد حققوا النجاح من أجل الشعب الفلسطينى ومن أجل أمن مصر ولا يبحثون عن الشو أو تقديم التحيات وإبداء الود.. هم فى مهمة وطنية لابد من إنجازها بكل نجاح، وحدث ذلك بالفعل.
ونأتى لليوم المشهود «قمة السلام فى شرم الشيخ» لتوقيع اتفاقية وقف الحرب على غزة، يأتى الرئيس الأمريكى ترامب إلى مصر فرحًا رغم أن الرئيس السيسي رفض دعوته لأمريكا مرتين، محاطًا بالطائرات الحربية المصرية فوق سماء سيناء، ويثنى خلال خطابه على الأمن فى مصر مقارنًا بين معدلات الجريمة الأعلى فى بلده والأقل فى بلدنا.
أن يسعى رؤساء دول العالم إلى مصر للمشاركة فى اتفاق وقف الحرب فهو نصر كبير للإرادة المصرية التي فرضت أچندتها الوطنية لإنقاذ القضية الفلسطينية بحنكة رجالها المخلصين.
نقلاً عن مجلة روزاليوسف