
عاجل.. ألمانيا تصدر تصريحًا دراماتيكيًا بشأن تداعيات قرار إسرائيل باحتلال غزة

عادل عبدالمحسن
بعد ساعات فقط من قرار مجلس الوزراء الإسرائيلي بشأن احتلال غزة، أصبحت التداعيات السياسية واضحة بالفعل: فقد أعلنت ألمانيا، وهي واحدة من أكثر الدول ولاءًا لإسرائيل في القارة الأوروبية، أنها سوف توقف نقل الأسلحة إلى إسرائيل التي يمكن استخدامها في الحرب في غزة.
وفي تصريحٍ دراماتيكي أدلى به المستشار فريدريش ميرز بعد موافقة مجلس الوزراء على خطة نتنياهو، قال إن "الحكومة الألمانية لن توافق حتى إشعارٍ آخر على أي تصديرٍ للمعدات العسكرية إلى إسرائيل التي يمكن استخدامها في قطاع غزة". وأضاف ميرز أن لإسرائيل "حق الدفاع عن نفسها ضد إرهاب حماس"، وأوضح أنه "لا ينبغي أن يكون لحماس أي دور في مستقبل غزة"، لكنه في الوقت نفسه أعرب عن "قلقه العميق إزاء وضع السكان المدنيين في غزة".
قال إن قرار مجلس الوزراء باحتلال غزة يُصعّب أيضًا تحقيق أهداف إطلاق سراح الرهائن ونزع سلاح حماس، ولذلك اضطر لإعلان حظر على الأسلحة. وأكد المستشار الألماني أن "المفاوضات من أجل وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن على رأس قائمة أولوياتنا"، وأضاف أنه "يحث إسرائيل على عدم اتخاذ أي خطوات أخرى نحو ضم الضفة الغربية".
إعلان ميرتز اليوم بالغ الأهمية: فرغم التقارير المتداولة منذ فترة عن فرض ألمانيا ما يشبه " حظرًا صامتًا على الأسلحة "، والذي قلّص بموجبه نطاق صفقات الأسلحة بينها وبين إسرائيل، يُعتبر المستشار الألماني، الذي تولى منصبه في مايو الماضي فقط، أحد حلفائها الرئيسيين في أوروبا.
ميرتز عضو في الحزب المحافظ، الذي هاجم، في الحملة الانتخابية الأخيرة، الحكومة الاشتراكية الديمقراطية السابقة عقب التقارير التي نُشرت آنذاك حول حظر الأسلحة الصامت، ووعد بدعمها "دون تردد".
ورفض حزب ميرتز في الأشهر الأخيرة دعواتٍ داخل ائتلافه الحاكم لتشديد لهجته تجاه إسرائيل، في ظل الحرب المطولة والتقارير عن مجاعة غزة.
كما لم تنضم برلين إلى بيانٍ صدر الشهر الماضي عن 25 دولة أدان إسرائيل بلهجةٍ حادةٍ للغاية في أعقاب الأزمة الإنسانية في القطاع.
وفي الأسبوع الماضي، أفادت التقارير أن ألمانيا، إلى جانب إيطاليا، ساهمتا في إحباط مقترحٍ بتعليق وصول إسرائيل إلى أجزاء من برنامج "هورايزون أوروبا" - أكبر برنامج بحث وتطوير في العالم للتعاون العلمي والصناعي.
هل انكسر السد؟ ألمانيا لن تكون الأخيرة
يُشير بيان المستشار الألماني الآن إلى استمرار الانجراف المناهض لإسرائيل في أوروبا، وسط تحذيرات من عزلتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية المتزايدة حول العالم.
وتشير التقديرات إلى أن ألمانيا لن تكون آخر دولة تُعلن حظرًا جزئيًا على الأسلحة لإسرائيل، ومن المرجح أن تنضم إليها دول أوروبية أخرى.
وبالفعل، تُؤخر العديد من دول القارة اليوم تراخيص التصدير إلى إسرائيل، مثل إيطاليا وبريطانيا، ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى فرض حظر على الأسلحة التي ستستخدمها إسرائيل في غزة منذ أكتوبر من العام الماضي.
ومنذ ذلك الحين، أفادت التقارير أن فرنسا جمدت نقل بعض المكونات، كما عملت على منع الشركات الإسرائيلية من المشاركة في معارض دفاعية مهمة في باريس.
أثار قرار مجلس الوزراء الإسرائيلي الليلة الماضية موجة من الإدانات حول العالم، وبعدها بوقت قصير، أدانه المستشار الألماني، وزير الخارجية الهولندي كاسبار فيدلكامب، واصفًا إياه بأنه "خطوة خاطئة".
وأضاف: "الوضع الإنساني في غزة كارثي ويتطلب تحسينًا فوريًا. هذا القرار لن يُسهم في ذلك ولن يُساعد في إعادة المختطفين إلى ديارهم".
وأعلنت وزارة الخارجية البلجيكية فورًا أنها استدعت السفير الإسرائيلي للتعبير عن "معارضتها التامة لهذا القرار"، وكذلك لما وصفته بـ"استمرار الاستيطان" والإعلان الإسرائيلي الذي اعتمده الكنيست بشأن نيتها ضم الضفة الغربية المحتلة.
كما دعت الدنمارك إسرائيل بعد ظهر اليوم إلى "التراجع الفوري" عن القرار.
كانت أستراليا أول دولة تردّ هذا الصباح على إعلان نيتها احتلال غزة.
وقالت وزيرة الخارجية بيني وونج: "نحثّ إسرائيل على عدم اختيار هذا المسار، فهو لن يؤدي إلا إلى تفاقم الوضع الإنساني في غزة".
وصرح رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الذي هدّد بأنه في حال عدم وقف إطلاق النار، ستعترف بلاده بدولة فلسطينية مطلع الشهر المقبل، بتصريحات لا تقلّ قسوة هذا الصباح: "إن قرار الحكومة الإسرائيلية بتصعيد الهجوم على غزة قرار خاطئ.
نحثّ إسرائيل على إعادة النظر فيه فورًا. هذا الإجراء لن يُسهم في إنهاء الحرب أو تأمين إطلاق سراح الرهائن، بل سيؤدي إلى مزيد من إراقة الدماء".
أدانت إسبانيا أيضًا القرار صباح اليوم، وقال وزير خارجيتها خوسيه ألبرز إن خطة احتلال غزة لن تؤدي إلا إلى "المزيد من الدمار والمعاناة"، بينما اتهمتها تركيا بأنها "مرحلة جديدة" في "سياسة التوسع" التي تقودها إسرائيل.
وصدرت إدانات من دول إسلامية وعربية أخرى، كما أعربت الصين عن "قلقها البالغ".
من جانبه، حذّر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، من أن "هذا التصعيد الإضافي سيؤدي إلى مزيد من النزوح القسري الجماعي، ومزيد من القتل، ومعاناة لا تُطاق، وتدمير لا طائل منه، وجرائم مروعة".
نقاش متوتر في مجلس الوزراء الإسرائيلي وتحذير "خمس سنوات أخرى من القتال"
في قرار مجلس الوزراء الإسرائيلي الليلة الماضية، وبعد نقاشٍ متوترٍ استمر عشر ساعات، اعتمد الوزراء الخطة التي وضعها نتنياهو للسيطرة على قطاع غزة. إلا أن الإعلان الختامي لم يتطرق إلا إلى احتلال مدينة غزة، على الأقل في هذه المرحلة.
ووفقاً للقرار، يُفترض أن تُستكمل عملية إخلاء سكان مدينة غزة الواقعة جنوبًا بحلول السابع من أكتوبر 2025، "كموعد رمزي".
وبعد اكتمال الإخلاء، سيُفرض حصار على السكان المتبقين في المدينة تحت مزاعم أنهم من مقاتلي المقاومة وحماس.
في الواقع، من المتوقع أن تُوجّه إسرائيل إنذارًا نهائيًا لحماس للاستسلام، وإذا لم توافق الحركة الإرهابية، فستدخل إسرائيل المدينة.
لم يتطرق القرار إلى إمكانية إبرام صفقة أسرى إطلاقًا، لكن المفهوم هو أن إسرائيل ستتوقف إذا تم التوصل إلى اتفاق - ويرى محللون عالميون أن هذا قد يكون في الواقع محاولة للضغط على حماس للموافقة على صفقة بشروط أكثر ملاءمة لإسرائيل.
اتخذ مجلس الوزراء الإسرائيلي القرار رغم معارضة رئيس الأركان إيال زامير، الذي حذّر من استحالة منع إيذاء الرهائن خلال المناورة الواسعة.
وحذّر زامير من عواقب تشريد نحو مليون من سكان غزة، ومن إيذاء الرهائن.
وفي مواجهة اندلعت مع الوزير بن غفير، أكّد رئيس الأركان أنه "لا توجد استجابة إنسانية للمليون شخص الذين سننقلهم، وسيكون كل شيء معقدًا".
ووبخ الوزراء قائلاً لهم: "أقترح أن تُبعدوا عودة الرهائن عن أهداف القتال".
ذكر بيان مكتب نتنياهو أن "أغلبية مطلقة" من وزراء الحكومة تعتقد أن الخطة البديلة التي قدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي، والتي اقتصرت على التطويق دون الاحتلال، "لن تُحقق هزيمة حماس ولا إعادة الرهائن".
وأشار البيان إلى أن الحكومة اعتمدت بأغلبية الأصوات خمسة مبادئ لإنهاء الحرب: "نزع سلاح حماس؛ إعادة جميع الرهائن - الأحياء منهم والأموات؛ نزع سلاح القطاع؛ السيطرة الأمنية الإسرائيلية على غزة؛ ووجود حكومة مدنية بديلة ليست حماس أو السلطة الفلسطينية".