عاجل
الثلاثاء 22 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
مختارات من الاصدارات
البنك الاهلي

مثلث القدرة الاقتصادية

أرقام مصرية قياسية فى الغذاء والدواء والطاقة

أرشيفية
أرشيفية

بثقة تمضى مصر نحو ترسيخ عناصر قوتها الشاملة، من خلال بناء اقتصاد منتج ومستقل ومستدام يستند إلى 3 دعائم رئيسة: «الغذاء - الدواء - الطاقة»، حيث تشهد هذه القطاعات طفرة غير مسبوقة مدفوعة برؤية استراتيجية واضحة ضمن خطة رؤية مصر 2030 التي تستهدف تحقيق الاكتفاء الذاتى، وتقوية القدرة التصديرية، وتعزيز مكانة مصر الإقليمية والدولية فى القطاعات الإنتاجية الحيوية، وذلك رغم الاضطرابات والصراعات الجيوسياسية التي لم تتوقف فى الإقليم والعالم أجمع.



 

 

 

 

الغذاء اكتفاء وتصدير

على صعيد قطاع الزراعة، الذي ظل لفترات طويلة يعانى تحديات البنية والإنتاجية، حققت مصر قفزة هائلة بتسجيل 5.8 مليون طن من الصادرات الزراعية، خلال النصف الأول من عام 2025، وهو رقم غير مسبوق يعكس مدى التحول الذي شهده القطاع، من حيث استخدام تقنيات حديثة للزراعة والرى، وتوسيع الرقعة الزراعية عبر مشروعات قومية ضخمة مثل الدلتا الجديدة ومستقبل مصر، وتطبيق نظم الزراعة التعاقدية التي تضمن تسويق المحاصيل بأسعار عادلة.

كما أن التنوع الكبير فى قائمة المحاصيل التصديرية التي تشمل البطاطس، والموالح، والعنب، والفراولة وغيرها، سمح لمصر بفتح أسواق جديدة وتثبيت وجودها بقوة فى الأسواق التقليدية، فلم تعد الزراعة فقط مصدرًا لتوفير الغذاء، بل تحولت إلى أداة اقتصادية لجلب العملة الصعبة وتوفير فرص العمل وتقليص فاتورة الاستيراد.

أما ملف السكر، فتحول هو الآخر إلى قصة نجاح وطنية، فبفضل توسع زراعة بنجر السكر، وتطوير المصانع القائمة، وزيادة الإنتاج المحلي، باتت مصر على وشك من تحقيق الاكتفاء الذاتى الكامل بحلول عام 2026، هذا التحول لم يعكس فقط كفاءة الإدارة الاقتصادية، بل كشف أيضًا عن قدرة الدولة على التعامل مع ملفات الأمن الغذائى بأسلوب علمى وتخطيطى فعال.

النجاح فى هذا الملف يتجسد فى زيادة المساحات المنزرعة، وتحفيز الفلاحين عبر سياسات دعم واضحة، وضمان تسويق المحصول بأسعار محفزة، فضلًا عن أن الاكتفاء الذاتى من السكر سيعنى التخلص من عبء استيراد سلعة استراتيجية بأسعار متقلبة فى الأسواق العالمية، ما ينعكس على استقرار السوق المحلية وخفض الضغط على العملة الأجنبية.

 

الدواء تصنيع وتوطين وتوسع

 تواصل الدولة تنفيذ خطتها الطموحة لتحقيق 95% من الاكتفاء الذاتى للسوق المحلية خلال السنوات القليلة المقبلة، إذ يشهد هذا القطاع تحولًا نوعيًا من حيث البنية التحتية والتكنولوجيا والتوسع الإنتاجى والتوجه إلى التصدير، حيث تنتج المصانع المصرية حاليًا 180 مستحضرًا دوائيًا و129 مادة فعالة باستخدام أحدث المعايير التقنية، الأمر الذي مكّن مصر من تجاوز 1.5 مليار دولار فى الصادرات الطبية، وسط توقعات باستمرار النمو حتى عام 2029.

كذلك، فإن البنية الصناعية تتعزز من خلال 179 مصنعًا دوائيًا معتمدًا دوليًا ينتج مستحضرات حيوية ومواد خام استراتيجية، بينما تعمل الدولة على تنفيذ خطة طموحة لتوطين 280 مادة خام دوائية بحلول 2030، ما سيقلل من التبعية للخارج ويرفع هامش الربح فى سلسلة الإنتاج.

ولا يقتصر نجاح قطاع الدواء على السوق المحلية فحسب، بل يمتد ليشمل التوسع فى التصدير إلى أسواق أفريقية وعربية وأوروبية، ما يجعل مصر مركزًا إقليميًا لإنتاج وتوزيع الدواء بأسعار تنافسية وجودة معتمدة، ويمنح الدولة أداة استراتيجية لتعزيز حضورها فى محيطها الجيوسياسى.  

 

الطاقة اكتشافات وتصدير واستقلال

أما قطاع الطاقة، وتحديدًا الغاز الطبيعي، فشهد فى السنوات الأخيرة إنجازات متلاحقة تؤسس لمرحلة من الاكتفاء والتصدير والتأثير الدولي، حيث كانت شركة البرلس قد أعلنت مؤخرًا تشغيل البئر الثانية «سبارو ويست 1» بمعدل إنتاج بلغ 40 مليون قدم مكعب يوميًا، ليرتفع الإنتاج الكلى من بئرين جديدتين إلى 80 مليون قدم مكعب يوميًا خلال 3 أسابيع فقط.

وفى مشروع المرحلة 11 من غرب دلتا النيل البحرية، يقترب الإنتاج من 130 مليون قدم مكعب يوميًا، فى حين تم إنجاز عملية إعادة حفر ناجحة فى حقل «ظهر» أضافت 60 مليون قدم مكعب يوميًا، فى مؤشر قوى على استمرار قوة ومردودية الحقول المصرية العملاقة، ناهيك عن استعداد وزارة البترول لربط البئر الثالث فى المنطقة على الإنتاج بحلول سبتمبر المقبل، ما سيرفع الطاقة الإنتاجية إلى مستويات جديدة تدعم الأمن الطاقى وترفع فائض التصدير.

هذه الاكتشافات والانتاجات المتتالية لم تكن لتتحقق دون بيئة استثمارية جاذبة نجحت الدولة فى توفيرها من خلال تحديث التشريعات، وتوسيع الشراكات مع كبرى شركات الطاقة العالمية، وتحفيز الاستثمار فى البنية التحتية، مثل: محطات الإسالة والموانئ، الأمر الذي مكّن مصر من أن تتحول إلى مركز إقليمى لتجارة وتوزيع الطاقة، خاصة الغاز الطبيعى إلى أوروبا، فى ظل حاجة أوروبا الماسة إلى موردين جدد بعد أزمة الطاقة العالمية.

كما أن نجاح قطاع الطاقة لا ينعكس فقط على العوائد المالية أو التصديرية، بل يمتد إلى دعم الصناعة المحلية بأسعار طاقة مستقرة، وتمكين الدولة من تنفيذ خططها الصناعية الكبرى، وتحقيق التوازن فى الميزان التجاري، فضلًا عن توظيف آلاف المهندسين والفنيين فى المشروعات القومية.

 

بناء قوة شاملة ومستقلة

بهذا تتكامل الإنجازات بين الغذاء والدواء والطاقة فى إطار رؤية وطنية متكاملة، لا تقوم فقط على تأمين الحاجات الأساسية فحسب، بل تهدف إلى تحقيق الريادة، وتعزيز الاستقلال، وتوسيع القاعدة الإنتاجية للدولة المصرية، وتبقى «رؤية مصر 2030» هى البوصلة التي توجه هذا الحراك الكبير عبر التخطيط الاستراتيجي، والاستثمار فى التكنولوجيا، وبناء القدرات المحلية.

ومن كل تلك الإنجازات، نجد أن مصر فى مرحلة بناء القوة الشاملة، التي تقوم على الاكتفاء الذاتى وليس التبعية، وعلى التصدير وليس الاستيراد، وعلى الإنتاج المحلى القائم على العلم والخبرة والشراكة العالمية، لذا فإننا أمام مرحلة تؤسس لدولة قادرة على مواجهة الأزمات، والاستفادة من الفرص، وصناعة مستقبل يناسب حجم وتاريخ ومكانة مصر.

 

نقلًا من صحيفة روزاليوسف

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز