

محمد الجزار
مصر تخوض معركة وعى ضد طيور الظلام
أسر الشهداء: تضحيات أبنائنا لم تذهب سُدًى
لم تأتِ تضحيات الشهداء مصادفة؛ بل انعكاسًا ناصعًا من الإرادة الشعبية التي واجهت العنف والإرهاب بشجاعة وجرأة فى سبيل استقرار وأمن الوطن؛ حيث تحولت تضحياتهم إلى مَصدر إلهام؛ لفتح صفحات من أجل الحرية وحب الوطن، ومَصدر فخر واعتزاز كبيرين لأسرهم وذويهم.
من بين أسر وأشقاء هؤلاء الشهداء نجد حسنين محمد حسنين شقيق الشهيد رامى حسنين، الذي شارك فى عملية حق الشهيد فى 2015، ونال الشهادة فى 29 أكتوبر 2016، الذي قال: مَهما قدّمنا من تضحيات تهون كلها فداءً لمصرنا الغالية، وأنا على استعداد شخصى وعمرى الآن 54 عامًا أن أرتدى الأفرول (لباس الشرف الوطني) للدفاع عن مصر، وقد احتسبت أخى عند الله شهيدًا، وأقول لقيادتنا الرئيس السيسي نحن خلفك نبذل الغالى والثمين دفاعًا عن وطننا، وأقول لأسر شهدائنا الأبرار لنا عظيم الشرف أن اختار الله منا الصفوة التي استشهدت ونحتسبهم عند الله.
وأضاف: أقول لشعب مصر العظيم، إن المعركة معركة وعى، وطيور الظلام لن تسكت، فالمعركة مستمرة قد تهدأ ولكنها لا تنتهى طالما بقيت الدنيا، فأسألكم بالله أن نستمر فى حماية وطننا، وإياكم من تلك المؤامرات الخبيثة التي تستهدف أولاً عقولنا لطمس الهوية الوطنية وتعدد الانتماءات حتى يتمكنوا منا ومن وطننا الغالى.
وتقول الدكتورة ندى حسن، أرملة الشهيد الرائد أحمد عمر الشبراوى الذي استشهد فى 2017: فى كل عام تحل ذكرى الثلاثين من يونيو، أشعر بالفخر الممزوج بالحزن، فخر بأبطال ضحّوا بحياتهم لاستمرار البلد فى قوة وشموخ، وحزن على فراقهم الذي لم يعوّض أبدًا على مَر السنين، لكن الذي يخفف الألم أنهم ذهبوا وهم مؤمنون أن دمهم هو الذي حافظ على كل شبر فى مصر.
ومن شهداء الشرطة الشهيد المقدم مصطفى عبيد، خبير المفرقعات بمديرية أمن القاهرة، الذي استشهد فى 2019 أثناء محاولة إبطال مفعول متفجرات بكنيسة أبو سيفين فى عزبة الهجانة، إذ تقول أرملته آيات عبدالفتاح هريدى: شهدت مصر خلال السنوات الماضية نهضة تنموية فى مختلف المجالات من مشروعات البنية التحتية العملاقة؛ حيث كانت كل خطوة تهدف إلى الارتقاء بحياة تليق بالمواطن المصري، لكن الطريق لم يكن ممهدًا، إذ كان لا بُدّ من التخلص من الإرهاب وكل من كان متربصًا بالبلاد، وكان لهذا ثمنٌ غالٍ وتضحيات لا تقدّر من أرواح شهدائنا الأبرار الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه؛ إما العيش بكرامة أو الشهادة.
هناك أيضًا الشهيد المقدم شريف عمر، الذي استشهد فى 2016؛ حيث تقول والدته، إيمان غريب: «ابنى استشهد، رافعًا رأسه وراية بلده، ولا بُدّ أن نقدم كل الشكر للرئيس السيسي على تحمُّله المسؤولية فى وقت عصيب بجانب اهتمامه بأسَر الشهداء ورعايتهم، ونحمد الله بأن الشهداء فى مرتبة عالية فى الجنة وكانوا سببًا لنا فى دخول الجنة، ما أروع التضحيات من أجل وطن حر، ورسالتي اليوم تثبيت الأمل فى قلوب الأمهات، والتأكيد على أن التضحيات لم تذهب سُدًى».
هناك أيضًا أمل المغربى، والدة الشهيد النقيب محمد عبده، الذي استشهد فى 2015، وهى تستحق لقب «أم الصابرين»، فهى فقدت زوجها وابنها الشهيد وشقيقته العروس التي كانت تستعد للزواج، خلال ثلاث سنوات، والتي تقول: إن الشعب المصري أدرك خطورة تنظيم الإخوان مبكرًا ولم تمر سنة على حكمهم إلا وقد أطاح بهم؛ لأنه شعب ذكى ومتسامح نتيجة ما قاموا به من عنف ضد الجميع وضد إخوتنا المسيحيين واستهداف الكنائس وجعل ساحة المساجد لقتال الشعب وتخزين الأسلحة وتبين للمغيبين أنها ليست جماعة دعوية وإنما جماعة مارقة وكاذبة ودخيلة تعمل لمصلحتها فقط، والوطن بالنسبة لهم حفنة تراب عفن، فكانت ثورة ٣٠يونيو، وستبقى ذكراها فى ذاكرتنا بعد أن سُطرت أحداثها بدماء زكية طاهرة وأرواح الشهداء الغالية.
ومن المدرعات إلى القوات الجوية؛ حيث الشهيد المقدم أركان حرب طيار محمد جمال عبدالعزيز، الذي استشهد فى 2016 بعد أن أنقذ مدينة فايد من كارثة كبرى عندما حدث عطل فى طائرته ورفض أن ينقذ نفسه، لكنه وجّه الطائرة المحملة بالمتفجرات بعيدًا عن فايد واستشهد فى أروع صور الفداء، وتقول والدته سناء سعد محمد رمضان: ابنى مثل بقية الشهداء ضحوا من أجل هذا الوطن العظيم، وشهداء الشرطة والجيش شرّفوا مصر بالتضحية من أجلها وشرّفوا أسَرهم بمنحهم لقب أسَر الشهداء، ولا يمكن لأحد أن يضحى من أجل الوطن إلا إذا كان وطنًا عزيزًا وغاليًا وهم حافظوا على الوطن؛ وبخاصة سيناء.
أمّا النائب سهام مصطفى كمال، والدة الشهيد الرائد كريم وجيه بالحراسات الخاصة بوزارة الداخلية، الذي استشهد فى 2020 أثناء مواجهة عناصر خطرة ومسجلة فى بور سعيد: ما حدث فى ٣٠ يونيو أثبت أن الرهان الرابح على الجيوش الوطنية، فهى بوصلتها الوحيدة هى حفظ الوطن وسلامة أراضيه، واستجابتها ليس لطائفة أو عشيرة ولا عصبية دينية؛ وإنما شعب بكل طوائفه مصري وفقط.