
لماذا ترفض "CAS" حُجّة الشأن الداخلي؟

وائل سامى
تُثار في العديد من النزاعات الرياضية عبارة “هذا شأن داخلي لا يجوز الطعن فيه أمام الهيئات الدولية”، وهي حجة ترفعها بعض الاتحادات الرياضية الوطنية عند اعتراضها على لجوء الأندية أو الأفراد إلى محكمة التحكيم الرياضي “CAS”، إلا أنه ومن الثابت يقيناً أن هذه المقولة لا تجد سندًا قانونيًا في الفقه الرياضي الدولي المعاصر، بل تتعارض مع المبادئ التي تحكم العدالة الرياضية في إطارها العالمي.
وفي ذلك الإطار يشرح لنا الدكتور محمد فضل الله عضو لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي المصري والمُحكم الدولي طبيعة عمل " كاس" وحالات تدخلها في الشأن الداخلي.
أولاً - مبدأ وحدة النظام القانوني الرياضي الدولي
فالشاهد أن الرياضة الدولية تخضع لنظام قانوني موحد يقوم على مبادئ العدل والشفافية وتكافؤ الفرص، وتحكمه لوائح صادرة عن منظمات دولية مثل اللجنة الأولمبية الدولية “IOC”، والاتحاد الدولي لكرة القدم “FIFA”، وسواها ، وهذه المنظومة لا تعترف بوجود “حصانة داخلية” للقرارات الصادرة محليًا، إذا ما خالفت تلك المبادئ أو اللوائح.
ثانيًا :- القبول الطوعي بالولاية القضائية لـلمحكمة الرياضية الدولية “CAS”
فالثابت أن جميع الهيئات الرياضية الوطنية، عند انضمامها إلى المنظومات الدولية، توافق ضمنًا وصراحةً على الخضوع لاختصاص محكمة CAS بموجب الأنظمة الأساسية للاتحادات الدولية. وهذا القبول يُسقط أية حجة تتعلق بـ “السيادة التنظيمية” أو “الاختصاص المحلي”.
ثالثًا: رقابة دولية مشروعة وليست تدخلاً
فالمحكمة الرياضية الدولية “CAS” لا تتدخل في إدارة الشأن الداخلي للاتحاد أو الرابطة، لكنها تمارس رقابة قانونية على مدى احترام الإجراءات، وصحة تطبيق اللوائح، وضمان العدالة، فهي بذلك تضطلع بدورها كجهة تحكيمية دولية، تُشبه إلى حد بعيد وظيفة المحكمة الدستورية في النظام الوطني.
رابعًا: استنفاد الوسائل المحلية شرط واجب
فمن المبادئ الراسخة لدى المحكمة الرياضية الدولية “CAS” أنها لا تنظر النزاع إلا بعد استنفاد كافة وسائل الطعن المحلية، بما في ذلك التظلم أمام اللجان القضائية الداخلية، إلا أنه متى ثبت أن القرار خالف اللوائح الدولية أو صدر في ظروف تمس الحقوق المكفولة دوليًا، فإن تدخل المحكمة يصبح مشروعًا وواجبًا.
خامسًا :- الطابع الدولي لنتائج القرارات الوطنية
ما يُصنّف على أنه “شأن داخلي” قد تكون له آثار دولية مباشرة، مثل العقوبات الرياضية المُرتبطه بخصم النقاط على سبيل المثال ، أو تحديد الترتيب في المسابقات القارية، أو التأثير على انتقال لاعب، أو استبعاد فريق من بطولة دولية. وهو ما يُلزم المحكمة بالتدخل لضمان احترام المعايير الدولية الموحدة.
واختتم فضل الله، بأن القول بأن المنازعة الرياضية الوطنيه شأن داخلي لا يجوز الطعن عليها أمام المحكمة الرياضية الدولية “CAS”، هو تصور غير دقيق قانوناً ، ولا يتفق مع القانون الرياضي الدولي، ولا مع واقع ارتباط الرياضة بشبكة من الالتزامات العابرة للحدود، فالفصل بين "الداخلي" و"الدولي" لا يُعفي أي جهة رياضية من الخضوع للرقابة القانونية العادلة التي تضمنها محكمة التحكيم الرياضي الدولية.