
قصة أم حاربت الحياة وانتصرَت من أجل أبنائها..إلهام.. الام المثالية على مستوى الجمهورية بالبحر الأحمر صنعت من الألم معجزة

البحرالاحمر _خالد الجهيني
في زاوية من الحياة، حيث تتصارع الأحلام مع قسوة الواقع، وُلدت حكاية إلهام إبراهيم نور محمد، امرأة تحدّت المحن وصنعت من الألم انتصارًا.
بداية الرحلة
المراة المثالية على مستوى الجمهورية بالبحرالاحمر تزوجت إلهام عام 1983، كانت حينها فتاة في التاسعة عشرة من عمرها، طالبة في الصف الثاني الثانوي التجاري. لم تكن تدرك أن الطريق أمامها سيكون مليئًا بالعثرات، لكنها كانت تؤمن بأن التعليم سلاحها الأول في مواجهة الحياة. حملت بطفلتها الأولى عام 1983، لكنها لم تتخلَ عن حلمها، وأصرت على استكمال دراستها بنظام تعليم المنازل، حتى حصلت على شهادة الدبلوم، ثم رزقت بابنها الثاني عام 1985.
أم ومقاتلة في آن واحد:
لم تكتفِ بالدور التقليدي للأم، بل التحقت بإحدى الهيئات الحكومية بشهادة الدبلوم، لتقف جنبًا إلى جنب مع زوجها في مواجهة الأعباء المعيشية. ومع ذلك، كان طموحها أقوى من أي قيود، فقدمت للالتحاق بالجامعة المفتوحة في محافظة أخرى، لتواصل رحلة التعلم رغم مسؤولياتها المتزايدة.
اللحظة الفاصلة:
في عام 1997، حلّت الكارثة التي غيّرت مسار حياتها. حادث مأساوي دمّر استقرار الأسرة، إذ أصيب زوجها بشلل كلي إثر كسر في العمود الفقري، وأصيب ابنها الثاني بكسر في الفقرات القطنية، فيما تعرضت ابنتها الثالثة لإصابة خطيرة في الرأس دخلت بسببها في غيبوبة طويلة، ولم تسلم الأم وباقي الأبناء من الجروح والإصابات.
الأم تصبح السند الوحيد:
بعد عام واحد فقط، رحل الزوج تاركًا لها أربعة أبناء، أكبرهم لم يتجاوز الخامسة عشرة، وأصغرهم في الثامنة. لم يكن الحزن هو العبء الوحيد، بل كان هناك ديون المستشفى، وتكاليف العلاج الطبيعي لابنها المصاب، ومسؤولية تربية أبنائها وحدها وسط تحديات الحياة.
الانتصار رغم الجراح:
رغم كل شيء، لم تستسلم إلهام. كافحت، عملت، درست، ورعت أبناءها حتى كبروا وأصبحوا نموذجًا يُحتذى به. اليوم، تحمل ابنتها الكبرى ماجستير في الحقوق، والابن الثاني بكالوريوس هندسة، والابنة الثالثة ليسانس حقوق، والابن الرابع بكالوريوس نظم ومعلومات.
درس في الإصرار:
قصة إلهام ليست مجرد حكاية أم عادية، بل هي درس في الإصرار، في التحدي، في قوة الإرادة التي تصنع من المستحيل واقعًا. لم تكن حياتها سهلة، لكنها أثبتت أن الحب والتضحية والعزيمة كفيلة بأن تصنع المعجزات.
في كل ركن من أركان بيتها، هناك ذكرى تعب، وفي كل نجاح حققه أبناؤها، هناك بصمة من كفاحها، إلهام ليست مجرد أم، بل أسطورة نسجت فصولها من الألم، وحوّلتها إلى قصة ملهمة للأجيال القادمة.