عاجل
الجمعة 23 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
غيبوبة "ماسبيرو" وكيف يستيقظ؟

غيبوبة "ماسبيرو" وكيف يستيقظ؟

يومياً يتواصل معي كبار الإعلاميين والإعلاميات في مصر وعليطى لسانهم شيء واحد، نريد عودة ماسبيرو، نريد عودة ماسبيرو، وكأن اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري طفل صغير ضائع فقد طريقه ولا يعرف طريق العودة، كلنا نريد عودة ماسبيرو لكنه أين ذهب وكيف يستطيع أن يعود بمفرده في منتصف الليالي، إذن سأرسل لكم الخيالة للبحث عن ماسبيرو الضائع لعلهم يعثرون عليه ويعود مجددا لمجده وصدارته واسمه الكبير.



عندما كنت التقي أبناء ماسبيرو الذين يعملون معنا في مراكز الأخبار باستديوهات مدينة الإنتاج الإعلامي التي كنت مشرفا عليها بداخل القنوات الفضائية الخاصة أسألهم هل أنتم معينون بالتليفزيون المصري وهل تذهبون يوميا للعمل هناك، يردون ضاحكون نعم نعم نحن معينون منذ 20 عاماً ونذهب ولكن لكي نتاول الفول والطعمية بجوار المبنى ونسحب حجرين المعسل على المقهى المطل على التليفزيون وشكرا، وهذا تماشياً مع المقولة الشعرية الجميلة إذا كان رب البيت يبحث عن قناة فضائية يعمل أو يظهر بها فماذا تنتظر من العاملين الصغار.. ضعف الطالب والمطلوب.

لقد هجر أبناء ماسبيرو المحترفون الأقوياء إعلامياً مكاتبهم بشكل ملحوظ مقصود أو غير ملحوظ غير مقصود وسعى من استطاع منهم سبيلاً للبحث عن المال والمجد والشهرة في أماكن أخري وأظهروا موهبتهم فصنعوا أمجادا للقنوات الفضائية الخاصة محلية وسعودية وأجنبية وتركوا اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري تائها فارغاً من كل شيء مقابل بعض الملاليم التي يتلقونها شهريأ والتي غالباً لا تكفي أجرة المواصلات والإفطار.

في المقابل قررت الدولة والحكومة التدخل لعودة ماسبيرو ولحفظ ماء الوجه للإعلام المصري الحكومي فتم إيقاف التعيينات في التليفزيون بحجة أن الأعداد كبيرة وهذا منذ بضع سنين وليس الآن فأصبح مبنى التليفزيون يطل على النيل عارياً فقيراً ينتظر ويترقب عودة أولاده. "رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ" إبراهيم 37.

يمتلك هذا المبنى العجوز المهيب مئات القنوات والشبكات الإذاعية وهو مدرسة إعلامية قديمه وعريقة أخرجت إعلاميين وفنيين عمالقة وفي كل المجالات مصرياً وعربياً، الآن أصبح مشتت مديون مشلول إنتاجيا حتى نشرة أخبار التاسعة التي كان يتميز بها لا طعم لها أو رائحة، أبنائي الأعزاء شكرا، وهذا لا يعني أن شركة مدينة الإنتاج الإعلامي ناجحة بل الحال أمر وأدل.

ما المطلوب إذن لعودة التليفزيون المصري لسابق عهده وهو الأصل والباقي تقليد، المطلوب البحث عن أولاده وهم يرتكبون جريمة عقوق الوالدين في استوديوهات مدينة الإنتاج الإعلامي يومياً وإجبارهم على زيارة أبيهم المريض وتقديم يد المساعدة له لأنه هو من رباهم وأنفق عليهم لكن بشرط ضمان حقوقهم المادية المساوية لما يتقاضونه في القطاع الخاص وبشرط استبعاد الدخلاء على المجال والفناننين الذين تركوا الفن وامتهنوا تقديم البرامج التليفزيونية وهذا دور نقابة الإعلاميين الجميلة المستكينة ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

شاشات القنوات الفضائية الخاصة مزدحمة بأبناء ماسبيرو المحترفين وشاشة القناة الأولى والفضائية المصرية والقنوات الإقليمية عليها بعض المذيعين "الكسر" إلا ما رحم ربي فهل هذا عدل ولا تنسوا أن ما يحتاجه البيت يحرم على الجامع.

ماذا سيفعل المسلماني أو غير المسلماني في إيقاظ ماسبيرو النائم في العسل منذ سنين وجلب الإعلانات للمبنى وأغلب قطاعات المبنى في العناية المركزة تنتظر رصاصة الرحمة، وأغلب الأجهزة تحتاج إلى التكهن وعربات البث الخارجية بلا وقود أو سائقين ولا توجد إعلانات أو مسابقات أو حتى مهرجانات وبعدين فين حفلات ليالي التليفزيون وأضواء المدينة.. الناس عاوزة تفرح. 

الأستاذ الصحفي المذيع الكبير أحمد المسلماني، كلنا نحب إذاعة القرآن الكريم التي تحبها وترعاها وتسمعها بخشوع لكن باقي القنوات يحبها جميع المصريين فلماذا لا نكون ذا عدل في توزيع الحنان يا سيادة رئيس الهيئة الوطنية للإعلام الموقر.

إذا لم يتمكن السيد المسلماني في الاستثمار إعلاميا في البشر أولا فلا نجاح لأي خطط أو اجتماعات، فأبناء ماسبيرو والعاملون به هم صلب القوة الناعمة في مصر وكلهم أمل لعودة التليفزيون لسابق عهده وننتظر من المسلماني جبر خواطرهم ولهم مني كل الشكر لما قدموه وتنظيف المبنى من الخلايا النائمة، وإذا لم يتمكن المسلماني من الاستثمار في التكنولوجيا والبث الرقمي كما تفعل القنوات والوكلات الإعلانية المصرية التجارية دون الاعتماد على الدولة في كل شيء، فلا نريد عودة ماسبيرو لأنه لن تقوم له قومة مره أخرى.

وإذا كنتم غير قادرين على استعادة دور قطاع الإنتاج أيام الجنرال القدير ممدوح الليثي مثلاً وعودة الدراما التليفزيونية العملاقة فليتحول المبنى إلى فندق سياحي أمام الممشى السياحي النيلي أكسب وأريح للناس وللدولة وكفى علينا متابعة مناصات الأخبار الترفيه المتنوعة عليطى اليوتيوب والتواصل الاجتماعي.

نحن جميعاً نريد أن يعود ماسبيرو بشرط اختصار ودمج جميع القنوات الإخبارية بالمبنى في قناة إخبارية مصرية عالمية واحدة مثل سكاي نيوز والعربية وبشرط أيضا إلغاء القنوات الإقليمية لأنها لا تزال تعمل بعقلية المطربة أمل وهبي والسيد متقال في أغنيتهما الشهيرة "يابت بيقولك أبوكي ماتطلعيش في الأيالة"، فعلي الرغم أن هذه القنوات تسمى بأنها إقليمية وفي المحافظات لكنها تعامل المواطنين هناك بنظرة أنها التليفزيون المصري بتاع كايرو، ولا يجب ولا تحب أن تقابل أبناء المحافظة لأنها تخاف "الأيالة"بلغة القاهرة و"القايلة" بلغة الصعايدة.

الإعلام الآن صناعة وتجارة وسياسة وليس ترفيها أو إخبار فقط، فليس كل الإعلام المصري فاشلا بدليل وجود برامج تليفزيونية مصرية يتابعها الملايين يومياً وبديل أيضا أن لدينا إعلاميين مصريين الواحد فيهم أعلن مؤخرا أنه يتقاضى ما يقارب من 12 مليون جنيه شهرياً فالعيب في مين إذن في إدارة القنوات الفضائية الخاصة الشهيرة أم في إدارة التليفزيون المصري وعائلته الشهيرة؟.. "والمعني في بطن الشاعر".

ومن يقول إن سوق الإعلانات المصري فقير فهو لا يعرف شيئا فلدينا مئات الشركات والوكالات الإعلانية الناجحة تعمل وتنتج إعلانات شهرياً ولدينا مئات رجال الأعمال يتقدمون بطلبات لفتح وتأسيس قنوات فضائية وشركات إعلامية في مصر للنايل سات الذي هو الآخر يلتزم الصمت حيال هجوم قنوات الإخوان علينا يومياً دون أن يحجبهم عنا فالسوق المصري هو أرخص وأفضل سوق لصناعة الأعلام مقارنة بدبي والأردن ولبنان ومؤخراً السعودية.

ومن يقول أيضا إن هذا تليفزيون رسمي للدولة وبالتي فهو محكوم ببعض الأدبيات والسياسات الحكومية عن ماذا يقول وفيما يتحدث وأرد على هذا الجاهل إعلامياً وأقول بأن هناك فرقا بين البيان والخبر الرسمي للدولة وبين إبداع وفن وثقافة شعب الدولة، ولو أخذنا بهذا الكلام فكيف خرج من رحم هذا المبني عبد الحليم حافظ وأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وبوجي وطمطم وسمير غانم وعم شكشك أيام ما كانت مصر تحارب وتقاتل لاستعادة الأرض والعرض في 73، وأغلب كبار المسؤولين الآن يفضلون الظهور في الإعلام الخاص عن الإعلام الرسمي.

أن عودة ماسبيرو أكبر وأعز صبيان القوى الناعمة في مصر المفقود والغائب منذ سنين سهلة وبسيطة لكن لا يوجد قطار يذهب ويسافر ويعود بلا سائق أو ركاب ويسير كالسلحفاة.. فالبث متواصل 24 ساعة لكن مع الأسف بلا مضمون أو رسالة أو حتى مشاهدين، والمبنى يحتاج إلى وش نظافة من الخارج.

وأظن الرسالة وصلت و"الخير معبي السيالة".

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز