

أشرف أبو الريش
الأمن القومى والحروب الطائفية
منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى، مهمة قيادة هذا الوطن سجل التاريخ مرحلة جديدة من مراحل الوحدة الوطنية بين عنصرى الأمة، باعتباره أول رئيس مصري كان دائم الحضور فى عيد الميلاد المجيد بالكاتدرائية الأرثوذكسية، توجه الرئيس نابع من التسامح الدينى الذي أرسته تعاليم الدين الإسلامى السمحة، وظهر للجميع فى مصر أنه لا فرق بين مسلم ومسيحى فكلاهما مصري والكل بنص الدستور شخص واحد.
الرئيس عقد اجتماعا موسعا ديسمبر الماضى مع قادة القوات المسلحة والشرطة ورؤساء الأجهزة السيادية، هذا الاجتماع ربما كان الأهم على مدار الاجتماعات الرئاسية خلال السنوات الأخيرة، هذا الاجتماع المهم، دليل على أن مصر تنظر بعين الاعتبار على ما يدور فى محيطها العربى والإقليمى، وانعكاس ذلك على الأمن القومى الداخلى فى مصر.
الدولة المصرية دائما كانت تضع فى عين الاعتبار المخططات الرامية إلى تفكيك الدول من الداخل خاصة اللعب على أوتار الاقليات والمذهبيات فى بعض الدول العربية، وقد شهدنا ذلك بالفعل الأسبوع الماضى فى إحدى الدول الشقيقة.
قائد هذه الدولة رجل مخابرات من طراز رفيع، ولا أكون مجاملا لشخص الرئيس إذا قلت إنه يستشعر الخطر القادم علينا قبل وقوعه بفترة زمنية ليست بالقليلة، والدليل على ذلك تأكيده فى مناسبات قومية وعند افتتاح بعض المشروعات الكبرى، أن مصر تظل بخير ولا يستطيع أحد على وجه الأرض الاقتراب من حدودها طالما كان الشعب يدا واحدة مع قواته المسلحة وجهاز الشرطة.
كتبت مقالا بعد سقوط دمشق بعنوان «مخطط تقسيم الدول العربية وأمن مصر القومى» وللحق أن هناك زملاء سبقونى فى الكتابة عن مخطط سقوط الدول العربية.
خطة التقسيم للمنطقة ودولها بدأت عام ١٩١٦، بظهور مؤامرة «سايكس بيكو» وخلق دولة الكيان الصهيوني، تغيرت بعد ذلك معالم دول الهلال الخصيب المحيطة بإسرائيل.. محاولات المخطط استمرت حتى عام ١٩٥٧ فى حكم الرئيس الأمريكى أيزنهاور الذي أعطى الحق للولايات المتحدة الأمريكية بالتدخل لصالح دول الشرق الأوسط، والتي كانت تعانى من تهديد المعسكر الشيوعى فى ذلك التوقيت.
تجددت هذه الخطة الجهنمية بعد سقوط الاتحاد السوفيتى، وظهرت خطة تقسيم الدول العربية إلى دويلات، تقوم فى الأساس على المذهبيات الطائفية والعرقية، واستمر من يريد تدمير الجيوش العربية، وسقوط أنظمتها، وتشريد شعوبها من خلال مخطط الخريف العربى ٢٠١١، وللأسف نجح المخطط وسقط العرب وكانت دمشق آخر المدن العربية العام الماضى.
مصر الدولة الوحيدة التي نجت من هذه الخطة الشيطانية، بفضل الله وبفضل الصالحين من هذا الشعب وبفضل جيش مصر العظيم وآل البيت الكرام الذين لجأوا إلى مصر بعد أن أغلقت بلاد الحجاز والشام أبوابها أمامهم، وجاءت السيدة زينب بنت الإمام على بن أبى طالب أخت الحسنين رضى الله عنهما إلى مصرنا الغالية، وقالت : يا أهل مصر أويتمونا أواكم الله، ونصرتمونا نصركم، ربما تكون هذه الدعوة المباركة التي أنقذت مصر من مخططات لا يعلمها غير الله سبحانه وتعالى.
العدو الذي يدبر لنا يتعجب، كلما تخيل أنه اقترب منا، يشاء الله أن يبعده لسنوات، وهذه إرادة الله التي لا يستطيع أحد الوقوف أمام قدرته.. لا أبالغ إذا أقسمت أننا فى قلب المخطط الملعون، تارة بالضغوط الاقتصادية وأخرى السياسية، وأخطرها اللعب على أوتار التفرقة الطائفية بين أبناء الوطن مسلمين ومسيحيين، وقد فشلت الكثير من محاولات الفتنة فى هذه القضية تحديدا.. وللحق هم مستمرون فى التخطيط الأسود إلى أن يشاء الله.
من يقرأ ومن يشاهد على السوشيال ميديا هذا الأسبوع ما يحدث فى سوريا من مجازر طائفية، سوف يدرك جيدا أن العدو نجح بكل أسف أن يحول هذه الدولة إلى دويلات وعرقيات طائفية ومذهبية، وقد شاهدت على صفحة كاتب ومثقف كبير من العراق الشقيق ما يندى له الجبين، المسلم يذبح ابن وطنه فى سوريا لأنه مختلف عنه مذهبيا.. طوائف سورية تحمل السلاح تقتل بلا رحمة فى سوريين أخوة لهم فى الدم والوطن دون سبب، وأقليات أخرى دماؤها تسيل فى بعض العواصم السورية وسط نحيب وعويل وصراخ النساء والأطفال.
نسأل الله فى هذه الأيام المباركة أن ينتقم ممن يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا، وأن يحمى بلادنا ويوحد صفوفنا وأن يجعلنا على قلب رجل واحد، خلف جيشنا وشرطتنا وقيادتنا السياسية.
تحيا مصر.