
مدفع رمضان.. تقليد مملوكي خالد من الماضي إلى الحاضر

سارة هليل
في أزقة القاهرة القديمة، حيث يلتقي التاريخ بالحياة اليومية، نشأ تقليد رمضاني أصبح جزءًا لا يتجزأ من أجواء الشهر الفضيل في مصر. إنه مدفع الإفطار، الذي بدأ كصدفة في عام 859 هـ - 1455م، ليصبح رمزًا مميزًا للفرح والاحتفال في رمضان.
كيف بدأت قصةمدفع رمضان؟
تعود القصة إلى رمضان 859 هـ، عندما وصل إلى الوالي المملوكي "خوشقدم" مدفع حربي حديث كهدية من مصنع ألماني.
في أول يوم من رمضان، قرر الوالي اختبار المدفع، وعندما دوى الصوت مع غروب الشمس، كان المسلمون في القاهرة في انتظار لحظة الإفطار. ظنّ الناس أن هذا الصوت هو إعلان رسمي لبداية الإفطار، فتوجهوا إلى الوالي لشكره، فاستحسن الفكرة وقرر أن يُطلق المدفع كل يوم مع غروب الشمس ليعلن بدء الإفطار.
محمد علي والمدفع العريق
مع مرور الوقت، وتحت حكم محمد علي، تطور التقليد أكثر. جلب محمد علي مدافع جديدة، وفي رمضان، قام باختبار أحدها مع أذان المغرب.
عند سماع المصريين للصوت، اعتقدوا أنه أصبح جزءًا من احتفال رمضان، فطلبوا من محمد علي الاستمرار في هذا التقليد.
وهكذا، أصبح المدفع يُطلق مرتين يوميًا "مرة عند الإفطار، وأخرى عند السحور".
أصبح مدفع الإفطار اليوم علامة فارقة في رمضان، يربط المصريين في لحظات من الفرح الجماعي والذكرى التاريخية.
ومع غروب كل يوم في رمضان، ينتظر الجميع هذا الصوت العريق الذي يعلن بداية الإفطار، ويُجسد تاريخًا طويلًا لا يزال يعيش في ذاكرة المصريين.
لقد أصبح مدفع الإفطار رمزًا خالدًا، يتجدد كل عام ليحمل في طياته قصة أمة وتاريخ طويل، ويظل واحدًا من أكثر التقاليد الرمضانية محبة في كل بيت مصري.