
تقارير إعلامية: انتخابات ألمانيا الأكثر أهمية وقد تحدد مصير أوروبا بأكملها

أ.ش.أ
سلطت تقارير إعلامية الضوء على انتخابات ألمانيا العامة المبكرة المقررة يوم الأحد 23 فبراير الجاري، والتي قد تؤثر نتائجها على مصير قارة أوروبا بأكملها.
تأتي الانتخابات المقررة يوم الأحد المقبل في ألمانيا، وسط تراجع فرص الحزب "الاشتراكي الديمقراطي" كثيرا مقابل منافسيه، ورفض مرشحه والمستشار الحالي أولاف شولتس الاستسلام بعد انهيار الائتلاف الحاكم الذي يقوده في نوفمبر الماضي وفشله في الحصول على ثقة البرلمان الألماني "البوندستاج " في ديسمبر الماضي، وذلك في أعقاب أزمات سياسية واقتصادية داخلية وخارجية أدت إلى انهيار الائتلاف الحاكم بقيادة شولتس.
يأتي انهيار الائتلاف الحاكم، على خلفية الصدام الذي نشب بين شولتس وشركائه في الحكم بشأن المسار الأفضل لإنعاش اقتصاد البلاد. وكان الائتلاف السابق يضم الحزب الاشتراكي الديمقراطي بزعامة شولتس، إلى جانب أعضاء من حزب الخُضر والحزب الديمقراطي الحر.
وسلطت قناة /ان دي تي في/ الإخبارية الهندية، الضوء على أبرز المرشحين على منصب المستشار الألماني في الانتخابات الفيدرالية المقررة في 23 فبراير الجاري، حيث يسعى لمستشار الألماني الحالي أولاف شولتس إلى الفوز بولاية ثانية في الانتخابات القادمة، وينافسه كلا من زعيم حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي فريدريش ميرتس، ونائب المستشار الحالي وأحد رئيسي حزب الخُضر الألماني روبرت هابيك، إلى جانب المرشح من حزب البديل من أجل ألمانيا أليس وايدل، في أول سابقة من نوعها ينافس فيها زعيم حزب يميني متطرف على منصب المستشار الألماني.
من جانبها انفردت صحيفة /الجارديان/ البريطانية بتقرير تحليلي مفصل رأت فيه "التجاهل" البريطاني لألمانيا والاهتمام بريطانيا بالولايات المتحدة بشكل أكبر بكثير من اهتمامها بألمانيا يجب أن ينتهي. فالساسة البريطانيون، مثل الساسة الألمان، يعيدون صياغة نظرتهم للعالم وسط عاصفة سياسية. برغم أن ألمانيا لم تعد قوة عظمى، تظل مع ذلك أمة عظيمة. والواقع أنها ربما تكون أكثر من أي وقت مضى الدولة الأوروبية الأكثر تأثيرا الآن، بعد أن بدا أن الهجوم العلني الذي شنته إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على حلف شمال الأطلسي "ناتو" قد ترك أوروبا لتتدبر أمورها بنفسها.
كما رأت /الجارديان/ أن صمود ألمانيا في مواجهة حزب "البديل من أجل ألمانيا"، يُبرهن على أن الشعبوية اليمينية يمكن مقاومتها في قلب أوروبا، وبريطانيا أيضا، رغم دعم إدارة ترامب "للبديل من أجل ألمانيا"، والذي يتبنى نهجا مغايرا لخصومه فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا، ويميل قادته إلى النأي بأنفسهم عن الصراع .
كما أوضحت /الجارديان/ أنه حتى في الأوقات الأقل توترا، تُولي بريطانيا دائما قدرا كبيرا من الاهتمام للولايات المتحدة وأقل من اللازم لألمانيا. وفي ظل الأوضاع المتوترة التي نعيشها اليوم، ربما يكون هذا النهج مبررا. فقد تبين الآن أن ترامب يعني ما يقوله حقا. فهو أكثر اهتماما بالنهج الأمريكي والاستفادة من الصراعات الدائرة في مختلف أنحاء العالم كتلك في غزة وأوكرانيا، إلى جانب رغبته ضم جزيرة جرينلاند، من اهتمامه بالحفاظ على السلام العادل أو النظام الجيد.
ووفقا للتقرير، فإن الانتخابات العامة الألمانية، التي ستُعقد يوم الأحد المقبل، قد تشكل حدثا له عواقب شديدة، وبطبيعة الحال، سوف تشعر ألمانيا نفسها بهذه العواقب في المقام الأول، مع استمرار حالة الركود الاقتصادي الذي تعيشه البلاد، فضلا عن قلقها بشأن الهجرة والحدود، إلى جانب مخاوفها التقليدية بشأن الاقتراض، وتوترها إزاء الالتزامات العسكرية، وقلقها المفاجئ من استعداد الولايات المتحدة للسماح لروسيا بتهديد الأراضي الواقعة على حدودها الشرقية.
ولكن الأهمية المتأصلة لألمانيا تعني أن الانتخابات سوف تساعد أيضا في تحديد ما إذا كانت أوروبا ــ وليس الاتحاد الأوروبي فقط ــ قادرة على التعامل مع ولاية ترامب الثانية.
ويتساءل التقرير: "هل تكون أوروبا قادرة على توفير الدفاع والأمن اللازمين لحماية ليس فقط أوكرانيا ــ وهي مهمة شاقة بما فيه الكفاية ــ بل وجمهوريات البلطيق وبولندا ودول الاتحاد السوفييتي السابقة الأخرى أيضا؟ وهل تستطيع إصلاح نموذجها الاقتصادي المتعثر؟"، فتلك هي التداعيات التي لا تستطيع بريطانيا أن تتجنبها، حتى لو أرادت ذلك.
ولا شك أن الانتخابات الألمانية لم تحظ إلا بجزء ضئيل من الاهتمام الذي تغدقه الطبقة السياسية في ألمانيا على الانتخابات الأمريكية. وكما كان متوقعا، فإن قدرا كبيرا من هذا الاهتمام المحدود للغاية بالفعل ينصب تركيز وسائل الإعلام الألمانية على سياسات "البديل من أجل ألمانيا" المناهضة للهجرة.
لكن نتيجة لكل تلك العوامل السابقة، فإن المنتصر المحتمل يوم الأحد، قد يكوّن ائتلاف يمين وسط بين حزبي الاتحاد المسيحي الديمقراطي والاتحاد الاجتماعي المسيحي بقيادة المستشار القادم المحتمل فريدريش ميرتس.
ووفقا للتقرير، فإن المنافسة التي سبقت الانتخابات العامة المقررة في ألمانيا، تأثرت بشكل كبير بعواقب "الفشل الاقتصادي" الذي تشهده البلاد. فقد انكمش الاقتصاد الألماني في عام 2023 ومرة أخرى في عام 2024. ويبدو أنه من المرجح أن يظل في حالة ركود مرة أخرى هذا العام، وتعد هذه أطول فترة ركود اقتصادي تشهدها ألمانيا منذ سقوط أدولف هتلر في عام 1945.
وبحسب صحيفة الجارديان البريطانية، فمن المتوقع أن يوجه أي شخص يتولى منصب المستشار الألماني بعد يوم الأحد خيارات مماثلة لتلك التي تواجه رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر.
ووفقا للتقرير فإن أسباب تراجع ألمانيا ليست عصية على الفهم، فالسبب يرجع إلى اعتماد ألمانيا على الطاقة الروسية، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير بعد الحرب في أوكرانيا، كما أصبحت صادرات السيارات الألمانية أكثر تكلفة، في حين تقدمت الصين في إنتاج المركبات الكهربائية الأرخص. والآن تلوح في الأفق حرب تعريفات جمركية مع الولايات المتحدة.
ورأت الصحيفة البريطانية أن الانتخابات الألمانية تشكل لحظة أوروبية حاسمة، وسوف تكون كذلك حتى لو لم يكن ترامب موجودا. والسؤال الرئيسي ليس، على الأقل في هذه المرحلة، يدور حول صعود اليمين المتطرف. بل يتعلق باستمرار بقاء يمين الوسط، أو قدرة ما أطلقت عليه المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل، منذ بداية مسيرتها المهنية كزعيمة للحزب، "الرأسمالية الاجتماعية الجديدة". فلقد وضع الركود الحالي هذه الرؤية أمام اختبار لا يرحم. وسوف يُحكم على ميرتس من خلال النتيجة، إذا فاز بالسلطة. تشكل هذه اللحظة لحظة مهمة بالنسبة لألمانيا ــ ولكن بالنسبة لأوروبا أيضا.
وتتزايد أهمية المشهد السياسي في ألمانيا مع تصاعد التوتر بين أوروبا والولايات المتحدة على خلفية مفاوضات السلام في أوكرانيا. كما تضغط الولايات المتحدة على أعضاء الناتو الأوروبيين لزيادة إنفاقهم الدفاعي. فيما كشفت وكالة أنباء /اسوشيتد برس/ الأمريكية أن نتائج الانتخابات الألمانية القادمة ستشكل استجابة قارة أوروبا بأكملها على إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجديدة الحازمة.
وأوضحت /اسوشيتد برس/ أن ألمانيا، التي تعد أكبر اقتصاد في أوروبا، تعد الدولة الأكثر اكتظاظا بالسكان في الاتحاد الأوروبي، إلى جانب كونها عضوا بارزا في حلف شمال الأطلسي /الناتو/، بالإضافة إلى أنها ثان أكبر مورد للأسلحة لأوكرانيا، بعد الولايات المتحدة، وهي كلها أمور تزيد من أهمية الحدث الانتخابي القادم في ألمانيا.