![البنك الاهلي البنك الاهلي](/UserFiles/Ads/8372.jpg)
سماء زيدان تكتب: أحمر شفايف
![](/UserFiles/News/2025/02/01/1268299.jpg?250201150810)
واضح من الاسم أنه عمود نسوي منحاز، الهدف منه أن أمنح نفسي وأمنح كل امرأة ولو بالكلمات حياة صاخبة بلون الدم لون الحياة. أرسلت إليّ ابنتي جملة تنهدت وأنا أقرأها، تقول لي "لماذا عليّ أن أفكر وأخطط لكل كلمة أقولها وكل أمنية أتمناها.. رأسي لا يهدأ.. لا أكاد أحقق خطة حتى تقتحم رأسي الخطة التي تليها، هل كل النساء مثلي؟ هل سأفقد بمرور الأيام أنوثتي! أين الدلال والدعة أريد أن أكون ريشة تحملها الريح أينما يراد لها تهبط.. فتذكرت بيت شعر لأمير الشعراء أحمد شوقي: وَبي مِمّا رَمَتكِ بِهِ اللَيالي..جِراحاتٌ لَها في القَلبِ عُمقُ. يا ابنتي لن أحكي لك عن نسوة أقمن البيوت بكلمة وأقعدن الجيوش بكلمة، لكن سأحكي لك عن جدتك التي تعرفينها فقط كامرأة مسنة، جالسة ترتدي نظارتها وتقرأ في كتاب لأديب كبير لا يعرفه جيلك، سأعرفك عليها.. جدتك نهرها أبوها وهي في الجامعة عندما رأى حاجبيها رفيعين فأقام الدنيا ولم يقعدها فوق رأس أمها وإخوتها الذكور، جدتك أرادت أن تكون طبيبة فرفض أخوالها وأعمامها فاتجهت لكلية الآداب، وأصبحت معيدة فيها، جدتك تزوجت بلا غسالة ولا بوتاجاز ولم تملك في بيتها إلا غرفة واحدة وباقي البيت سكنه إخوة زوجها لسنوات حتى أنهوا دراستهم الجامعية، وكان عليها إطعامهم وغسل ملابسهم وإبداء الترحاب والضيافة لهم، وكانت تفعل ذلك بكل الحب والتقدير. أهدتني أمي ملابس نوم زفافها لم يتغير لونها إلا من الأبيض فيها، لم يكن من اللائق أن ترتديها ولا كان جدك يحبها، كانت ترتبك إن رآها أبوها تضع أحمر الشفاة بعد زواجها، لما أرادت جدتك أن تخرج المارد وتتمرد على التقاليد ذهبت لصالون السيدات وقصت شعرها مثل نجوى إبراهيم، واضطرت أن ترتدي الإيشارب لأشهر بعدها لتخفي ما حدث، كنت أتمنى أن أمنحك ثوب زفافي كهدية للذكرى لكنه تمزق في الطائرة فقد سافرت لأبيك عروس بفستان الزفاف، كان لي من التمرد نصيب أنا أيضا.. لن أنفي ما عرفتيه بتجربتك أن المكر حيلتنا، حيلة النساء، هو حيلة كل ضعيف، سأقول لك إن الأنثى قدرها أن تحكم بالمكر أو سميه الفكر، فنحن نعيش في مجتمع ضاغط على المرأة، يخلق في داخلها عنادا ينمو مع كل انكسار وكل خذلان، تعرف أنها تقف وحدها فإما أن تخوضي المعارك وحدك، أو تختاري الهزيمة الطوعية لتنتصر حياتك وحياة أولادك. هل تعرفين هيام من مسلسل حريم السلطان؟ هي التي دخلت قصر سليمان كجارية، لكنها بذكائها ومكرها أصبحت زوجته الشرعية، وأقوى امرأة في الدولة. نحن لم نعد جواري لسلطان، فلا يوجد اليوم بين الرجال سلطان، لكننا ننهزم أحيانًا أمام سلطان أكبر.. سلطان الرغبات.. تعلمت من أمي الاختيار بين خيارين أحلاهما مر، إما أن تكون المرأة (سوبر وومن) قلبها من حديد تفعل المستحيل لتحظى بالتقدير، او تكون (كات وومن) أصابتها عضة قطة فأطالت أظافرها ومخالبها.. أقول لك لا تخشي هذه التناقضات. عيشيها كما هي. لا بأس أن تكوني ريشة أحيانًا، وجدارًا قويًا أحيانًا أخرى ليستند عليك من يحتاجونك لكن احملي أحمر شفاهك كراية حياة حمراء، كعلامة على أنك قادرة على الانتصار لأنوثتك حتى حين تكون المعركة مجرد همسة في داخلك.